ما يحدث في الأردن وفي الدول العربية جزء من مخطط غربي لإعادة احتلال الدول العربية، وحتى لو لم يكن بنفس النص الحرفي للمعنى ، فالاحتلال يعني تطويع سياسات الدولة المحلية لصالح إسرائيل والدول الغربية صاحبات المصالح والأجندة المشبوهة في هذه الدول ، وقد اعترفت وزيرة الخارجية السابقة " كونداليزا رايس" في فترة سابقة بأن الدول العربية سوف تعيش حالة من الفوضى البناءة وهو ما نشاهده يحدث هذه الأيام . في بلادنا معارضة ضعيفة غير منظمة ركيكة في الطرح والأسلوب ، لا يوجد لديها أي أجندة أو برامج أو سياسات عمل واضحة ، وإن كان ينطبق على هذه المعارضة منطوق الكلمة بأن المعارضة لأجل الكلمة وليس لمصلحة الوطن والشعب ، فأي شخص يتابع هذه القوى لم يجد انحيازها لقضايا وطنية هامة ، سوى همهما محاولة الوصول إلى سدة الحكم . ففي ليبيا مثلاً نجد أن هذه المعارضة وهي تعيش خارج بلادها في عاصمة الضباب وفي بلاد العام سام أو في مدينة ايفل؛ كانت هي السبب في استصدار قرار الأمم المتحدة لضرب المواقع القذافية دون أن تقدم أي من الضمانات بعدم المساس بالمدنيين ، هل من وطني يضرب وطنه بالقذائف ، وما حصل في العراق نجده اليوم في ليبيا فقد جاءت المعارضة على أجنحة طيارات الواكس والسوخوي والاف . وفي تونس واليمن ما زالت القوى السياسية المعارضة بين كر وفر للوصول إلى سدة الحكم ، وهو إن حصل فعلاً سيكون كارثة حقيقية على الشعوب العربية ، لأن العراق خير شاهد ودليل على الفوضى التي تركت من وراءها الطائفية والقتل والدم ولم تقدم أي برامج للعمل الوطني كونها بالأصل فاقدة للشرعية الشعبية في هذه الدول . وهذه المعارضة وهي تعيش في الدول الغربية وبين أحضان أوباما وساركوزي وبرلسكوني ، وتشرب الجعة وتعشق لحم الخنزير ، لم تقم باتخاذ أية إجراءات تصعيدية لحماية الشعب الفلسطيني من القذف الإسرائيلي وهو يخلف يومياً عشرات الشهداء والجرحى . أما في الأردن فالمعارضة وللأسف تعيش في الداخل وعلى أرضها وبين أكناف الوطن وتمارس ما يحلو لها دون أن يمسها أحد أو يعترض مسيرتها ، وحتى وهي تجرح وتصل في نقدها إلى قمة النظام " جلالة الملك " قوبلت بكل سعة صدر واحترام ، بل على العكس تم حماية بعض شخوص هذه المعارضة حتى لا يلحق بهم أي ضرر ويقال أنهم مستهدفين من الحكومة . لقد خرج علينا أمس أشياء (شباب وتصرفات) لا نعرفها وتصدرت شاشة الفضائيات وهي تتحدث عما حدث معها في دوار الداخلية ، وكأنها تروى قصة داحس والغبراء ، أو أنها تقاتل على جبهة إسرائيل وتريد تحرير الأرض . نعم الحرية مصونة في الدستور وعلى أرض الوطن ، ولكن ليس على شاشة الفضائيات المرتزقة وفي مقدمتها قناة "الكسيرة" أو الجزيرة ، التي تشمت بكل ما يحدث في الأردن وتضخم الأمور وتضعها في غير نصابها وعلى هواها ، ومن تابع التقارير الإخبارية أمس يجد التحريف والتحريض المبطن في التقارير الإخبارية التي تقدم عليها ، وكان من الأجدر بالرواة أن يتوجهوا إلى الحوار وليس إلى الاعتصام المفتوح في أكثر منطقة تزدحم بالمرور في عمان . المعارضة الأردنية وهي تواجه الحكومة في مكافحة الفساد ، وإطلاق الحريات العامة ، ورفع سقف التعبير وحرية الرأي ، وحتى الملكية الدستورية التي تطرح ؛ تجد أنها تنسحب من أي فرصة تتاح لها لتحقيق أهدافها ، وهي ربما تعترف أن الانسحاب هو تكتيكي استراتيجي ووسيلة ضغط على الحكومة . فمنذ عقدين من الزمن لم نجد أي إسلامي يشترك في حكومة ، ومن ينجح منهم في البرلمان بحكم صفته العشائرية وليس بعقيدته السياسية، وعندما عرض عليهم الاشتراك في الإصلاح اعتذروا ، لماذا الاعتذار وما هو سقف المناصب التي تريدونها ؟ ، هل لديكم رغبة بتسلم مناصب المخابرات العامة ، أو الأمن العام ؟ لا اعتقد أن الانسحاب من لجنة الحوار الوطني سيعود بفائدة ، ولا حتى الاعتصامات المفتوحة في المناطق الحيوية المكتظة ، طالما أنه لا يوجد من وراءها أية برامج عمل واضحة وصريحة . وكان من الأجدر أن يأتي كل أعضاء الفريق الوطني إلى الطاولة ويتحاورا ويتناقشوا ويختلفوا حتى يصلوا إلى صيغة توافقية لمصلحة الوطن والمواطن ، وعندها نقول أن هناك معارضة بناءة . الدكتور إياد عبد الفتاح النسور Nsour_2005@yahoo.com