زاد الاردن الاخباري -
واشنطن بدأت الأربعاء فرض دفعة أولى من عقوبات اقتصادية على النظام السوري وحلفائه لمعاقبته ودفعه للتفاوض لإنهاء الحرب
ـ الملحق التجاري الأمريكي في عمان حذر الأردن في مارس الماضي من تبعات التعامل التجاري مع النظام السوري
ـ محلل اقتصادي: التجارة بين الأردن وسوريا لم تعد حتى إلى 30 بالمئة مما كانت عليه قبل الحرب.. وواشنطن تضغط لمآرب أخرى
نائبة برلمانية: واشنطن تسعى عبر "قيصر" لتصفية القضية الفلسطينية وإحكام القبضة الاقتصادية وإضعاف دول المنطقة
ـ رئيس غرفة التجارة: تعاملنا مع سوريا محدود جدا.. وملتزمون بقرارات الحكومة الأردنية ونحترم القوانين الدولية
ـ وزير الإعلام الأسبق: الأردن يستضيف عددا كبيرا من اللاجئين السوريين. وواشنطن ستنظر لعمان بخصوصية في تطبيق القانون
مدار الساعة - مع دخول قانون "قيصر" الأمريكي حيز التنفيذ، الأربعاء، أصبحت العلاقات الأردنية ـ السورية أمام فجوة جديدة رغم خطوات كثيرة لتحسين مستواها لم تؤت ثمارها، وسط تشكيك النظام في دمشق بمواقف عمّان تجاه أزمة دخلت عامها العاشر.
ويتضمن القانون سلسلة عقوبات اقتصادية ضد نظام بشار الأسد في سوريا وحلفائه والشركات والأفراد المرتبطين به، ويستهدف معاقبة الأسد وحرمانه من مصادر التمويل، ليعود إلى مفاوضات تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الدائرة بسوريا، الجارة الشمالية للأردن.
ومن المرجح أن شرارة هذه العقوبات ستمتد إلى الأردن، الذي كان يرتبط بعلاقات تجارية كبيرة مع سوريا قبل الحرب، ثم رجعت بشكل "محدود" بعد إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين ("جابر" على الجانب الأردني.. "نصيب" على الجانب السوري) في أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب، قانون "قيصر"، لمعاقبة النظام السوري ورئيسه على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين.
وعبر ملحقها التجاري بعمان، حذرت واشنطن في مارس/ آذار الماضي، الأردن من التعامل تجاريا مع سوريا، وتحمل تبعات ذلك، وبينها تطبيق قانون "قيصر".
واستهجن أعضاء في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) حينها، عبر مذكرة وقعوا عليها، حديث الملحق التجاري الأمريكي، معتبرين إياه تدخلا سافرا وتعديا على السيادة الأردنية.
ويرتبط الأردن مع سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالا للسوريين، بعدد بلغ 1.3 مليون، نصفهم يحملون صفة "لاجئ".
وأعلنت عمان، أواخر يناير/ كانون الثاني 2019، رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في دمشق إلى درجة قائم بالأعمال بالإنابة، بعد أن كان يقتصر على موظفين إداريين فقط.
واختار الأردن، منذ بداية الأزمة في سوريا عام 2011، الحياد في مواقفه "المعلنة" إزاء ما يجري، مطالبا في المحافل الدولية بحل سياسي يضمن أمن واستقرار جارته.
إلا أن نظام بشار الأسد تمسك بـ"نغمة التشكيك" الدائم والاتهامات المستمرة لعمان، بدعمها لما يسميها "العصابات الإرهابية" في سوريا، وهو ما ينفيه الأردن.
** تصفية القضية الفلسطينية
من بين الموقعين على مذكرة الاستهجان لحديث الملحق التجاري الأمريكي، كانت البرلمانية الأردنية وفاء بني مصطفى.
وقالت بني مصطفى، للأناضول، إن "الولايات المتحدة تسعى للضغط بكل أدواتها على دول المنطقة، وبينها الأردن، لتصفية القضية الفلسطينية وإتمام مخططاتها بالمنطقة، خدمة للعدو الصهيوني".
وتابعت: "الأردن يدرس قراراته من جميع النواحي، لمحاولة تخفيف الضغط الناجم عن تطبيق تلك القوانين وأثرها المباشر عليه، عبر اتصالات مستمرة مع المسؤولين الأمريكيين، الذين يدركون أن المملكة من أكثر الدول تأثرا بالأزمة السورية، خاصة مع وجود 1.3 سوري على أراضيها".
ورأت أن "الولايات المتحدة تريد من هذا القانون إحكام القبضة الاقتصادية وإضعاف دول المنطقة، وقطع الطريق أمام أي توافق عربي وإسلامي مشترك".
** تبادل تجاري بسيط جدا
مازن مرجي، محلل اقتصادي، اعتبر في حديثه للأناضول، أن "أمريكا دائما تهدد الأردن بأمور كثيرة، لكن يجب الأخذ بالحسبان أن العلاقة الأردنية ـ السورية لم تعد إلى سابق عهدها قبل الحرب، رغم إعادة فتح الحدود".
وأردف: "التجارة (بين البلدين) حاليا لم تعد حتى إلى 30 بالمئة مما كانت عليه سابقا".
واستطرد: "حين يتم فرض عقوبات لا يتم التشديد فيها على الأردن، لأنه يتحمل تبعات من الأزمة السورية، بوجود أعداد كبيرة من اللاجئين (في المملكة)".
ويعاني الأردن أساسا ظروفا اقتصادية صعبة، فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، التي دفعته إلى اتخاذ إجراءات احترازية لمكافحة الوباء، أبرزها إغلاق الحدود، ما أثر سلبا على النشاط الاقتصادي في الممكلة.
ورأى مرجي، أن "قانون قيصر، يهدف إلى قطع أي دعم استراتيجي عن النظام السوري، وهو لا يأتي من الأردن، والعقوبات على المملكة لن تؤثر على سوريا، فحجم التجارة بسيط جدا، وعمان ملتزمة أساسا بسياسة أمريكا تجاه دمشق".
وتابع: "معظم المنتجات التي كنا نستوردها أصبحت متواجدة بالأردن، وهي مدعومة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفق اتفاقات دولية لدعم استثمار السوريين خارج بلادهم لتوفير فرص عمل لهم".
واعتبر أن "العقوبات التي تهدد بها أمريكا، هي وسيلة ضغط على الأردن لتحقيق مآرب أخرى، خاصة في ملفات إقليمية معروفة، في مقدمتها القضية الفلسطينية بكافة أبعادها".
** تعليمات الحكومة والقوانين الدولية
قال نائل الكباريتي، رئيس غرفة تجارة الأردن، رئيس اتحاد الغرف الاقتصادية العربية، إن القطاع التجاري ملتزم بتعليمات الحكومة الأردنية ويحترم القوانين الدولية في الوقت ذاته.
وأضاف الكباريتي، للأناضول: "تعاملنا التجاري مع سوريا محدود جدا، انطلاقا من القرارات المشتركة بين البلدين، لحين التوصل إلى حلول مناسبة".
وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية (حكومية)، في مارس/ آذار الماضي، انخفضت قيمة واردات الأردن من سوريا، في 2019، إلى 30.7 مليون دينار (43 مليون دولار)، مقارنة بـ49.9 مليون دينار (70 مليون دولار)، في 2018.
فيما زادت قيمة الصادرات نحو سوريا إلى 53.05 مليون دينار (74 مليون دولار) في 2019، مقارنة بـ33.01 مليون دينار (46 مليون دولار) في 2018.
ووفق بيانات سابقة لوزارة الصناعة والتجارة الأردنية، سجلت صادرات المملكة إلى سوريا 255.5 مليون دولار في 2011 (قبل بدء الثورة)، وبلغت الواردات 376 مليون دولار في العام نفسه.
** الأردن ثابت بمواقفه
محمد المومني، وزير الإعلام الأردني الأسبق، قال للأناضول، إن "موقف الأردن ثابت تجاه الأزمات العربية، بما فيها السورية، ولن تغير من صلابة المملكة أية قرارات أو قوانين مهما كانت مصادرها".
وزاد بأن "المملكة ملتزمة بحياديتها تجاه الشؤون الداخلية لأشقائها العرب، وتدعو باستمرار لحلول سياسية تضمن استقرارها".
وأردف: "على الولايات المتحدة أن تدرك عظم الأثر الذي نجم عن الأزمة السورية (على الأردن) اقتصاديا وأمنيا، وتأخذ بالحسبان الضغوطات الهائلة على المملكة من استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين".
واستدرك المومني: "العلاقة بين عمان ودمشق بمختلف جوانبها لم تعد كما كانت عليه قبل الحرب، ولا يعني هذا أن كليهما غير حريص على عودتها إلى سابق عهدها".
وختم: "أعتقد أن الولايات المتحدة ستنظر إلى عمان، باعتبارها حليفا وشريكا أساسيا لها في المنطقة، بنوع من الخصوصية في مسألة تطبيق القانون، فالتبادلات التجارية (بين الأردن وسوريا) محصورة بقطاعات معينة، لكنها رغم ذلك تسهم في دعم الاقتصاد الأردني، والتخفيف من أثر الأزمة في الجارة الشمالية".