أسوأ ما يمكن ان يحصل مع أي إنسان هو ان يكتشف انه طعن في ظهره, وانه تم استغفاله من قبل من وثق فيهم وآمن أنهم يريدون له الخير ويعملون معه من اجل مصلحتهم جميعا, ولكن عندما يكون على الوجوه كلمات وفي القلوب كلمات مختلفة, لا نملك ان نفتح عن القلوب, ولا نجتهد في مواقفهم الا بما نشهده عنهم, ولكن عندما تكون النية سليمة والفكر راق يأتي من رب العزة فرج دائما, وعندما يكون الكأس نصف ممتلئ, هنالك من لا يرى الا النصف الفارغ, وهنالك من تلهمه وتدفعه غيرته ومحبته وعشقه لوطنه ان يرى النصف المملوء ويسعى لاكتمال النصاب.
أحداث الدوار ليلة الخامس والعشرين من آذار, أوضحت لنا ان الهوة بيننا نحن الشعب الاردني الحقيقي الغيور على وطنه والمحب له والساهر على أمنه وبين من لا يعرف شرقهم من غربهم, من لا نفهمهم ولكما حاولنا التقارب معهم محبة في الإخوة الوطنية اتهمونا بالرجعية واتهمونا بالعمالة, العمالة لمن؟؟؟ قالها احد التقدميون "الأحرار" بالفم المليان انتم عملاء الدولة الاردنية, عندما استشعرنا الخطر ولم نتوقع ما كان منهم بداية الامر اتهمنا بالرجعية والتخلف والعمالة وعرقلة مسيرة الحرية وتهم ما انزل بها الله من سلطان, ولأنه واجب علينا حتمه أردننا الحبيب ولأنه العهد الذي يتجدد مع كل شعاع شمس يلامس ارض وطني الحبيب, كان واجبا على كل واحد منا ان يخبر العالم عن تجربته وعما شهده في تلك الليلة التي كنا منذ بدء العمل والحراك الوطني نسعى لان تكون ليس كما كانت.
كنا نعلم ان الإخوان المسلمين وان اليسار الاردني بكل أطيافه كان لهما المبادرة في التجميع والترتيب, ولكن أليسوا هم كأشخاص قبل ان يكونوا منظمين أبناء الاردن والعشائر! بعد سويعات قليلة سمعنا ان الحكومة وافقت على فكرة وجود نقابة للمعلمين, لا ننكر أننا شعرنا بنوع من الاستغراب فلم يكن موضوع النقابة مطروح كأحد الأولويات على أهميته, وان ما عانى من اجله المعلمون على مدار سنة فائتة ولم يستطيعوا تحقيقه تم تحققه بعد ساعات قليل فقط من بدء المهرجان الوطني, أشاعوا ان هنالك صفقة تمت بين الإخوان وبين الحكومة لإعطائهم ميزة متقدمة مقابل اتفاقيات اخرى سرية, كتمناها في القلوب لان الهدف المنشود يمكن من اجله التغاضي عن بعض الانحرافات البسيطة, ما زلنا على المتابعة والتحفز والاستعداد, ثم يأتي الخبر الذي جعلنا نتوقف ونسال ونستفهم ماذا يحدث هناك؟ بيان يقال انه يمثل المعتصمون على الدوار من ضمن بنوده إجراء انتخابات نيابية على أساس كثافة سكانية وليس تقسيم جغرافي, ثم حكومة منتخبة نيابية من مجلس منتخب كثافة سكانية, ثم ملكية دستورية يملك فيه الملك ولا يحكم, فلمن سيكون الحكم حينها؟ ومن الذي سيتحدث العالم كله عنه انه وجد ضالته ونسي قضيته ولم يعد اللاجئون لاجئون, وحلت القضية وانتهت الصراعات؟؟؟.
مهلا إخوتي فهذا الطرح لم يكن أبدا موجودا في مرحلة الأعداد والترتيب, لم نكن من القياديين ولكننا كنا الوقود وكنا العصبة التي أرادوا بها ان ينتصروا, طرح لم نسمع به من أي جهة كانت تتولى القيادة او تدعوا لهذا المهرجان الوطني, كثافة سكانية سمعناها أول ما سمعناها قبل عشرين سنه مضت, حين سألنا بسخف: كيف سيكون تطبيق فكرة الوطن البديل؟, كان الجواب بكل بساطة عندما تقام انتخابات وحكومات على أساس كثافة سكانية اعلموا حينها ان فكرة الوطن البديل قد بدأت بالظهور على حيز الواقع, وأدوا الوطن البديل ثم عاد من جديد ثم وأدوا ثم عاد حتى أصبح ينادى به في مختلف المحافل العالمية, بدءا من الكيان الصهيوني حتى أصبحنا نسمعه كمطلب في بعض البرلمانات الأوربية, ثم سكتنا عنه واعتقدنا جازمين ان الوحدة الوطنية ولحمة الشعب مع قيادته مع الإصلاح والتغير الايجابي سيكون رصاصة الرحمة في هذا المشروع اللعين, ولكن لم يكن أبدا يدور في خلدنا ان هذا اللعين يولد بين ثنايا رحم دعوتنا للإصلاح والتغير ورغبتنا في تقوية وطننا من خلال تعديلات دستورية تخدم المصلحة العامة للوطن كله بشعبه ونظامه.
بدأنا نسال ونستفسر ونبحث عن صحة ما يشاع, نفي هنا وإنكار, واثبات هنا وتأكيد, قالوا هذا منشور يوزعه الإخوان المسلمين, ثم قالوا هذه فئة بسيطة نادت به ولكن لم يعرهم احد انتباها, أنكروه بعد ان أخذت كل جهة ترمي به على الأخرى, وبعد قليل وصلنا تسجيل صوتي مع الصورة للبيان والكل يصفق ويهلل, الجزيرة تبث منه مقاطع, الخبر تأكد, ثم أتى التبرير الغريب, انه لا تفشلوا الاعتصام بحجة البيان, سيتم تعديله وكتابة بيان آخر, بكل سهولة وبساطة, وحين طلبنا ان نعرف من ورائه وكيف ان الاعتصام معد له من أشهر و ان لا يكون بيانه معد مسبقا, وكيف ان يطلق بيان أول ثم ينكر انه يعبر عن الموجودين, نعم كان الجواب لنا ويعلم كل من أجابه أنكم سخفاء خونة, عملاء مخابرات, حتى قيل لنا انتم عملاء للدولة الاردنية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
في خضم الامور سمعنا الدعوات التالية بالتزامن وترتيبا من خلال "القيادات" على الدوار:
انقطاع التيار الكهربائي, البلطجية بدأوا بالهجوم, نناشد الأمن العام بالتدخل لحماية المعتصمين, نناشد جلالة الملك بالتدخل لحماية المعتصمين ورجال الأمن العام, نناشد الجيش بالتدخل لحماية المعتصمين والأمن العام وجلالة الملك, الله واكبر سقط أول شهيد, الشعب يريد اسقطا النظام, لن نتخلى عن ميدان التحرير, ميدان التحرير! نزول الجيش! سقط الشهيد الاول! ماذا يحدث يا إخوان؟ الجزيرة تعلن ان المطالب للمعتصمين لم ترقى الى مستوى الشعب يريد إسقاط النظام, وجمال الريان يستغرب لماذا لم يصلوا بعد لهذه المرحلة؟ كيف حولت الفكرة والمهرجان الى تشويه متعمد؟ من يريد ان ينزل الجيش ومن يريد ان يسقط الشهيد الاول والثاني والثالث...الخ, ومن يريد و ولماذا يريد؟؟؟؟.
ليس هذا ما كنا نريده ولا ما اتفقنا عليه أساسا, من نحن؟؟ نحن الذي صرخنا لا لاستغفال الأردنيين, ولكنهم أيدونا في دعوانا استغفالا لنا, فيديو يوزع للمرحوم الذي توفي في الأحداث يوضح صورة ابنه وهو يقول والدي قتل ومات ضربا وهذه أثار الضرب واضحة, لم نشاهد آثار ضرب ولم نرى دما, جثمان مسجى في ثلاجة الموت, وأصوات من حوله قتلوه الخنازير, قتلوه الكفار.
رحم الله كل موتانا وغفر لهم, ولكن هذا الذي يحدث صورة مقلدة طبق الأصل لما حدث في مصر وتونس, كنا نريد ان نأخذ من أحداث مصر ايجابيتها ونبذ سلبياتها, كنا نريد كل شيء ولكن بشرط ان لا تراق قطرة دم واحدة ولا تزهق روح اردني واحد, والشعب يحب النظام ويريده, ولكن هبت رياح لم تكن سفننا تشتهيها, ما حدث على الدوار لم يكن في مخططاتنا ولم يكن ضمن أفكارنا ولم يكن متفق عليه أبدا الا بين دائرة ضيقة أرادت ان تقحمنا في ما لا يحمد عقباه.
كنا ننوي حين ننزل الى الدوار هو إعداد منسف جميد كركي وبالسمنة البلقاوية "والعواس" ربداوي, وكنا نريد دعوة سيدنا ووليه عهده لتناوله معا, كنا يريد ان يرى العالم كله كيف هي العلاقة بين المعارضة الوطنية الاردنية الحرة وبين قيادته, كنا نسعى ان نضرب مثلا لم يشهده احد للان وليس نسخة مقلدة لما كان في غير وطننا, كان من المفروض ان المسيرة التي انطلقت لبيك يا وطن ان تكون معنا وبنفس أفكارنا, الشعب حقق ما يريد وهو يغني: "جيشنا جيش الأبطال", ولم نكن ننوي المغادرة حتى نتوصل الى اتفاق برعاية ملكية نحقق فيه غالبية مطالبنا, مطالبنا الشعبية الوطنية الاردنية.
ما حدث حدث ولنا منه العبر والدروس المستفادة, والآن ان أوان العمل الجاد وتصويب الأوضاع, وليتحمل كل مسؤوليته ويحاسب عليها, وعلى كل من الأطراف إعادة ترتيب أوراقهم بدءا من القصر من جلالة الملك, فتلك اللهجة والأسلوب بالتعامل مع الأحزاب وبالأخص الإخوان المسلمين وبعض أطياف اليسار الغير اردني, بطريقة و أسلوب: ان أنت أكرمت الكريم تملكا, ولكن ايضا: وان أنت أكرمت اللئيم تمردا, وحكومتنا عليها قشع الضباب عن نفسها والابتعاد عن حكومة تسير الأعمال, وعلى الأحزاب وبالأخص الأعضاء والأشخاص عليكم الان إعادة النظر فيما انتم تسيرون نحوه وفيما انتم تعملون من اجله, ونحن الشعب الأغلبية الصامتة التي ضحت من اجل الاردن وما زالت تضحي, علينا ان نعيد ترتيب أوراقنا ومعرفة فيمن نضع ثقتنا, ورفض أسلوب ان نستغل كرؤوس حربة وأجساد للتضحية, فكل منتدى او جماعة او حركة ستجد ان هنالك فيها من أبناء العشائر من يتصدى للدفاع والحماية ويطرح بقوة الأفكار, ولكنها للأسف ليست أفكارنا بل أفكار غيرنا.
الان يكون شعارنا والى الأبد كما توارثناه من أجدادنا سنورثه الى أبنائنا أمانة في أعناقهم, ان الوطن يريد فزعة الشعب, نعم لنفزع لوطننا الاردن الغالي, لنفزع كما فزعنا 1910, 1921, 1946, 1948, 1951, 1956, 1961, 1967, 1968, 1970, 1973, 1981, 1989, 1992, 2003, والآن ودائما, الوطن يريد فزعة أبنائه وأهله, أحفاد من بنوه وحموه وبدمائهم روه, لن نترك الوطن لمن شاء ان يلعب فيه, لا حزب له سطوة علينا الا حزب الاردن, الله أولا , والوطن ثانيا, الوطن هو الملك والشعب والجيش, الوطن هو الجيش والشعب والملك, و الوطن هو الشعب والملك والجيش, من حيث بدأنا فلا فرق فكلهم واحد,.
لن تتوقف مسيرة الدعوة للإصلاح والتغير والتحصين ومحاسبة الفاسدين من يثبت عليهم, ولكن الان ستكون المسيرة بطريقتنا الاردنية الخاصة, ضمن ثوابتنا الوطنية الراسخة, بطريقة أبناء البادية وعمان القديمة, كلنا أردنيون من أحبه ولم يرضى غيره وطنا له, الان بدأنا والآن ستظهر الرجال أحفاد وصفي وهزاع وحابس, الان الشعلة بيدنا والقرار لنا وليحذر كل من تسول له نفسه ان لم تكن معنا ففي هذا الظرف بالذات أنت ضدنا.
اعتدنا ان تعلن الحكومة الأحكام العرفية, ولكننا اليوم نحن الشعب نعلن الأحكام العرفية, فليحذر الجميع وليراجع كل نفسه وليسال نفسه سؤال واحد: انا اردني؟؟؟ اذا انا معكم.
عاش الاردن, عاش الشعب, عاش الملك الهاشمي ولتزغرد النشميات:
تخسي يا كوبان منتا ولفا إلي
ولفي شاري الموت لابس عسكري
يزهى بثوب العز واقف معتلي
بعيون صقر للقنص متحضري
حنا عن المطلوب ما نتحولي
ولا بد خشم الغادر ما يتعفري
حازم عواد المجالي