زاد الاردن الاخباري -
كتب روي تيكسيرا، وهو معلق سياسي وباحث بارز في مركز "التقدم الأميركي" American Progress، مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قال فيها إن المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية السناتور جو بايدن قد يكون متقدماً في الاستطلاعات الوطنية، لكن الديمقراطيين لا يزالون قلقين بشأن ما إذا كانت هذه الدوائر الانتخابية الداعمة له ستظهر في مراكز الاقتراع في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل، وهم قلقون بشكب خاص بشأن مستوى الدعم من الشباب السود والناخبين من أصل لاتيني.
وأوضح الكاتب أن هوامش بايدن بين هذه المجموعات، وخاصة الأميركيون من أصل أفريقي، تميل إلى التخلف عن هوامش هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016 (على الرغم من أن الفجوة أصغر إذا قورنت هوامش بايدن الآن بهامش كلينتون في نفس النقطة في حملتها لعام 2016) . وكان الناخبون الشباب بشكل خاص غير متحمسين لنائب الرئيس السابق خلال الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الديمقراطي.
لكن الديمقراطيين لديهم سلاح سري في عام 2020 على الجانب الآخر من الطيف العمري: هم الناخبون من كبار السن. فبين هذه الفئة العمرية – الناخبون من عمر 65 عاماً وما فوق - كشفت استطلاعات الرأي حتى الآن هذا العام عن تحول دراماتيكي بينهم نحو تأييد الديمقراطيين. ويمكن أن يكون ذلك التطور السياسي الأكثر تأثيراً لهذه الانتخابات.
وتقدر دراسة أن هيلاري كلينتون خسرت هذه المجموعة بنحو 15 نقطة. وعلى النقيض من ذلك، فإن استطلاعاً آخر جمع أكثر من 108000 مقابلة مع ناخبين مسجلين منذ بداية العام، وجد بايدن يتقدم بين كبار السن بنحو ست نقاط. وقالت الصحيفة إننا نتطلع إلى تحول بأكثر من 20 نقطة لصالح الديمقراطيين بين مجموعة يجب أن تكون على الأقل ربع الناخبين في عام 2020، معتبرة أن هذا الأمر كبير جداً.
هذا التحول المؤيد للديمقراطيين واضح للغاية في ولايات "أرض المعركة" لعام 2020. وهي تشمل القائمة فلوريدا، حيث تكون نسبة كبار السن مرتفععة بشكل غير عادي، 30 في المئة من الناخبين (17 نقطة تحول) ؛ بنسلفانيا (24 نقطة)؛ وميشيغان (26 نقطة).
وقال تيكسيرا: باختصار، فإن الفئة العمرية التي كانت أعظم قوة للرئيس ترامب في عام 2016 تتحول إلى عبء عليه. ففي انتخابات حيث سيحتاج إلى كل صوت ضد تحدٍ ديمقراطي قوي، قد يكون ذلك كارثياً - ونذير تحالف جديد أوسع للديمقراطيين.
من هم كبار السن هؤلاء الذين ينقلبون ضد ترامب؟ كما قد تتوقع، فإن التكوين العرقي للذين أعمارهم بين 65 عاماً وأكثر من السكان هم أغلبية بيضاء - حوالى أربعة من كل خمسة. وبين كبار السن البيض، نرى نفس التحول كما بين كبار السن ككل، بمعدل أكثر من 20 نقطة. ومن الواضح أن حركة كبار السن البيض ضد الرئيس تقود هذا الاتجاه.
وهناك عدد من الأسباب المحتملة لخيبة الأمل هذه: أولاً، في حين أنهم مجموعة سكانية محافظة نسبياً، إلا أنهم ليسوا محافظين كما تشي سمعتهم. فعلى سبيل المثال، وفقاً لبيانات Nationscape (بناء على أكثر من 20000 مقابلة مع كبار الناخبين البيض المسجلين منذ بداية العام)، يدعم كبار السن البيض زيادة الضرائب على أولئك الذين يكسبون أكثر من 600000 دولار سنوياً بمقدار 44 نقطة. كما أنها يدعمون إجازة عائلية مدفوعة الأجر بمقدار 29 نقطة وأن يكون الحد الأدنى للأجور 15 دولاراً في الساعة بمقدار 21 نقطة. وفيما يتعلق بالرعاية الصحية، فإنهم يدعمون خياراً عاماً للتأمين الصحي الحكومي بنسبة 34 نقطة.
لكن كبار السن البيض يعارضون "الرعاية الصحية للجميع" بـ28 نقطة. وبينما يعارض هؤلاء الناخبون فصل الأطفال عن الآباء لمتابعة الملاحقات القضائية ضد عبور الحدود غير القانوني بمقدار 40 نقطة، فإنهم يفضلون الانتقال من نظام الهجرة القائم على الأسرة إلى نظام قائم على الجدارة - بشكل عام يفضله المحافظون - بـ18 نقطة وتوجيه اتهام لمن يعبرون الحدود بشكل غير قانوني بارتكاب جريمة اتحادية بـ17 نقطة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد ثلاثة أرباع كبار السن البيض أن الحكومة يجب أن تعزز القيم الأسرية التقليدية في المجتمع، ويعتقد حوالى الثلثين أنه يجب السماح بعرض الوصايا العشر في المدارس العامة والمحاكم. وبهوامش واسعة للغاية، هم يعارضون التعويضات عن فترة العبودية ويؤمنون بوجود جنسين فقط، ذكر وأنثى، أي يعارضون المثلية الجنسية.
هم باختصار ليبراليون بشأن بعض القضايا الاقتصادية ولكنهم تقليديون إلى حد ما، ولكن ليسوا متشددين، في القضايا الاجتماعية. ومن السهل معرفة سبب خيبة أمل العديد من الناخبين الذين اعتقدوا أن هذا ما سيحصلون عليه من إدارة ترامب. إلى جانب التفضيل المرتبط بالسن للحياة الطبيعية والاستقرار، الذي يساعد على تفسير تحركاتهم بعيداً عن ترامب، فقد ظنوا أنه سيقربهم من أميركا التي يريدونها، مع بعض من آداب وقيم الماضي.
بالنسبة إلى كبار السن البيض، يبدو أن بايدن بديل مريح. إنه يُظهر الاعتدال واللياقة، وهي صورة تم صقلها من خلال رفضه للمقترحات التي تُناقش بانتظام في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية مثل الرعاية الطبية للجميع وإلغاء تجريم عبور الحدود. ولا شك في أن جاذبيته قد تعززت من خلال استجابة الرئيس ترامب لتفشي وباء كورونا الذي أصاب هذه المجموعة أسوأ بكثير من إصابته الشباب الأميركيين. إن أداء الرئيس، وقلقه المتفاخر بإعادة فتح الاقتصاد بدلاً من منع الوفيات بين الأكثر ضعفاً، لم ينجحا بشكل جيد مع هؤلاء الناخبين.
وبالنسبة للكثيرين منهم، فإن خيبة الأمل السابقة تسبق بالفعل الأزمة الحالية. لكن الوباء وتعامل ترامب معه عززا هذا التحول.
ومع ذلك، فإن الناخبين من كبار السن، حتى أولئك الذين انتقلوا مؤخراً إلى اليسار، ليسوا بأمان في المعسكر الديمقراطي. فالسياسات المنحرفة جداً نحو اليسار بشأن الهجرة والرعاية الصحية والقضايا الاجتماعية الساخنة يمكن أن تقوّض التزامهم بتأييد بايدن وحزبه. قد يمثل هذا تحدياً سياسياً خاصاً بعد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد في أعقاب قتل الشرطة للأميركي الأفريقي جورج فلويد في مينيابوليس.
هؤلاء الناخبون يفضلون النظام - في أحد استطلاعات الرأي التي أجريت في أوائل حزيران / يونيو، أيد 68 في المائة من كبار الناخبين أو أيدوا إلى حد ما إرسال الجيش لمساعدة الشرطة على الاستجابة للاحتجاجات. لذلك إذا نظروا إلى الديمقراطيين على أنهم ليّنون بشأن العنف الذي اندلع في بعض المدن، يمكن أن يقلل ذلك من الحماس لدعم الديمقراطيين. وبالمثل، فإن المطالب التي انبثقت من الاحتجاجات، مثل التعويضات أو تمويل الشرطة، لا تحظى بشعبية سياسية مع العديد من كبار السن ويمكن كذلك أن تقوض دعم اللديمقراطيين بين هذه الدائرة الجديدة.
وختم الكاتب يقول إنه في الوقت الحالي فإن هذا التحول هو أكثر التبعات التي شهدناها في موسم الانتخابات هذا. وإذا استمر حتى تشرين الثاني / نوفمبر وما بعده، فقد يحدد حقبة جديدة في السياسة الأميركية.
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم