لعل مهنة التعليم من أقدس المهن على مر العصور وفي كل الثقافات, فالعلماء ورثة الأنبياء ورواد النهضة وصناع المستقبل وبناة الغد الحقيقيون. المعلمون وهم الذين نوكل إليهم مهمة تربية وتعليم أبنائنا وبناتنا ينبغي أن يكونوا موضع احترامنا وتقديرنا جميعا كطلبة وأولياء أمور.
الناظر بموضوعية في واقع التعليم اليوم, وللأسف الشديد يلحظ تراجعا كبيرا في مدخلاته ومخرجاته وعملياته, ويلحظ أيضا حملة شرسة على المعلمين, وكان المعلمون هم من أوصل التعليم إلى ما وصل إليه.
المعلمون يمثلون العنصر الأهم من عناصر النظام التربوي التعليمي لأي دولة, واليهم ينبغي أن توجه كل جهود التطوير والتحسين. المعلمون وحتى ينجحوا في أداء رسالتهم بكفاءة ومهنية واقتدار ينبغي أن تتوفر لهم ظروفا ومعطيات نفسية ومادية معينة.
المعطيات النفسية والاجتماعية التي يحتاج إليها المعلم ليؤدي واجبه على أحسن وجه, تتأتى من النظرة الايجابية والتقدير والاحترام الذي يجب أن يحظى به كل المعلمين والعاملين في قطاع التعليم من قبل الطلبة وأولياء الأمور وكافة فئات المجتمع.
وهنا ينبغي أن نكون صادقين وواقعيين, ونعترف بان النظرة والتقدير, ليس لمهنة التعليم فحسب, بل لمعظم المهن الآن يرتبط بطبيعة الوظيفة, ومقدار الدخل أو الراتب الذي يتقاضاه من يعمل في هذه المهنة أو تلك. وبالنظر إلى واقع التعليم والمعلمين, نلحظ بوضوح تراجع وتغير في نظرة المجتمع إلى مهنة التعليم والمعلم, وتصنيف مهنة التعليم باعتبارها من المهن غير الراقية اجتماعيا وغير المجزية ماديا, ووقوعها في ذيل قائمة المهن التي قد يرغب الباحث عن وظيفة في امتهانها.
رواتب المعلمين ودخولهم المتدنية لعبت وتلعب دورا كبيرا في تعزيز النظرة السلبية إلى المعلم, والى مهنة التعليم, سواء من قبل المعلمين أنفسهم, أو من قبل الطلبة وأولياء الأمور وفئات المجتمع عامة, وتركت وتترك أثارا سلبية كبيرة على عطاء المعلمين ونجاحهم المهني.
وزارة التربية والتعليم مطالبة بان تعيد للمعلم صورته الزاهية الجميلة, وان تقدم للمعلم ما يستحق, وبما يتناسب مع دوره الرائد والكبير في تربية أبنائنا وبناتنا التربية الصالحة التي نتمنى. نعلم أن الظروف المالية لبلدنا الحبيب ليست في أحسن أحوالها, وأننا نعيش حالة من التقشف وربط الأحزمة, ولكن المعلمين هم الشريحة الأهم في بناء الدولة, وتخريج الكفاءات التي قد ترسم مستقبل مشرق لبلدنا وامتنا. المعلمون هم من نلجأ إليهم ليعلموا ويربوا أبنائنا, ونطمئن إليهم ليرعوهم ويأخذوا بأيديهم إلى منازل العز والفخار, فلا ينبغي أن نبخل عليهم, بل نحسن من ظروفهم المعيشية ونعيد لهم القهم وتميزهم, لنسند إليهم بناء مستقبلنا ونحن واثقون مطمئنون ومؤمنون بهم وبقدراتهم وعطائهم اللامحدود.
abdallahazzam@yahoo.com