الصحافة وجدت لخدمة المحكومين وليس الحكام، ما سبق هو جواب تساؤل هذا المقال ، وهي مقولة طرحت خلال فيلم تناول قضية " وترغيت" ؛ من قبل مالكة صحيفة الواشنطن بوست الامريكية ، عندما وضع وجود الصحيفة المالي على محك الواقع الرأسمالي للمجتمع الامريكي .
ومما سبق اجد ان اي بحث يتناول اشكالية دور الاعلام في الوطن العربي ؛ لا يتخذ من هذه المقولة اساسا نظريا ، هو بحث خارج عن أسس البحث العلمي الموضوعية .
ومجرد ان تجلس امام شاشات التلفزيون ومتابعة الفضائيات العربية الاخبارية منها ؛ تجد نفسك امام حبل غسيل قذر ، يتم نشر الغسيل القذر لأنظمة سياسية عربية تكره نفسها اولا ومن ثم تكره بعضها البعض ، وهذه فرصة قيمة للمواطن العربي كي يتعرف على مدى قذارة تلك الانظمة السياسية التي تحكمه .
في بداية تسعينيات القرن الماضي وبدء ظهور الفضائيات العربية تبشر المواطن العربي خيرا بوجود اعلام اخر ومختلف عن إعلامه الرسمي ، وهي حالة اطلق عليها مرحلة " الدهشة "، وتطورت تلك الحالة مع تطور محتوى تلك الفضائيات ، وانتقل المواطن الى مرحلة البحث عن الفروق بين تلك القنوات ، وجاءت مرحلة البحث عن مكانه كمواطن في المحتوى الاعلامي لها ، ولم يجد نفسه كمواطن بل وجد انه اصبح جزء رئيس من سياسات نشر الغسيل القذر لتلك الانظمة السياسية .
واليوم وعند جلوس المواطن العربي امام شاشات تلك القنوات، لا يجد نفسه ، ويجد انسان اخر ليس هو ، ويجد اعلام عربي يتغنى بالحاكم من خلال أبواق تجلس امام كاميرات تلك القنوات ، وان كانت أبواق متعددة الجنسيات ، وهي في النهاية تبقى أبواق جوفاء تمتلك مهارات اللعب باللغة .
والى ان نعيد فهم العلاقة بين الصحافة " الاعلام " والحاكم والمحكوم كما جاء في المقولة السابقة ؛ سيبقى الاعلام العربي مجرد حبل لغسيل قذر جعلنا نفقد جمال واقعنا ، ونبحث عن واقع متخيل يمكن من خلاله ان نكون احد الرابحين لجائزة المليون دولار .