القهوة صايدة لي صديق اسمه "عماد" ، مصري الجنسية ويعمل في بيع القهوة والنسكفيه ، وبحكم تواجدي الدائم في قصر العدل ، وبحكم عمله هناك فقد اصبحت بيننا صداقة . عندما نلتقي انا وعماد ، فلابد للنيل ان يحضر واحيانا تحضر حدائق بابل وكثيرا ما يحضر المسجد الأقصى ، اما جبال الشراه فهي دائما حاضرة ولا تتخلف أبدا عن حديثنا . عماد يحب الاردن كثيرا فهو يعيش فيها منذ اكثر من (17) عاما ، في حين لم يعش ثلث هذه المدة في مصر ، والأردن في رأيه "ناس طيبين" ، هو ايضا يعشق الملك وفي كل لقاء لابد أن يحدثني عن صورة الملك المعلقة في منزله فصرت اعرف قياساتها (خمسة وسبعين فستين ) . في احدى المرات حدثني عن عرسه الذي اقامه في مصر منذ سنين ، وقد اخبرني بانه هتف في العرس بـ ( يعيش جلالة الملك المعظم .. يعيش ابو حسين ) ، وبصراحة ظننته يبالغ واظنه شعر بعدم تصديقي له ، لذا قام باحضار مقاطع من عرسه على هاتفه الخلوي وفعلا كان "عماد" يمسك المايكرفون ويهتف للملك وللأردن . سألته وقتها : لماذا فعلت ذلك ؟! فأجابني : " معرفش عملت كده ليه بس يمكن لأني البلد دي بلدي " . أمس التقيت بعماد وكان منزعجا وثمة حرقه في صوته ناولني فنجان القهوة وقال " أنت فين يا متر ، هم عايزين أيه ما يخلوا البلد بحالها دي البلد نعمة للي يئدرها" تذوقت القهوة وشعرت بطعم غريب فيها فقلت له : قهوتك صايدة يا عماد . فهمها عماد وأفحمني عندما أجاب : " كل حاجة بئت صايدة حتى الضماير " . عماد مهما طال بقاءه فلابد ان يعود يوما الى مصر وقد يحمل على كتفه تلفزيون وربما مروحة أيضا ، وقطعة قماش الى " نبوية " لكنه سيحمل حبا لبلاد في الاصل ليست بلاده . في المقابل يخرج البعض بدلال اجنداتهم ، وهيل فتنهم يحاولون ان يرشفونا فنجان اهدافهم الدنيئة ، ألا أركنوا دلالكم واخمدوا نيرانها فقد صدق عماد ، فليست قهوتكم وحدها " الصايدة " بل حتى ضمائركم ووطنيتكم أيضا " أصبحت صايدة " تحية لعماد . المحامي خلدون محمد الرواشدة