زاد الاردن الاخباري -
دفع انهيار أقصر الحكومات عمرا في تونس منذ ثورة 2011 بالديمقراطية الشابة في أتون أزمة جديدة بعد الإخفاقات المتعاقبة لقادتها المنتخبين في تحويل الحرية السياسية إلى نجاح اقتصادي.
لم يتسلم ائتلاف رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ مقاليد السلطة إلا في فبراير شباط بعد أشهر من التشاحن السياسي في برلمان متشرذم أفرزته انتخابات أجريت في العام الماضي.
وتفضي استقالة الفخفاخ يوم الأربعاء الماضي إلى جولة جديدة من المحادثات في محاولة لتشكيل حكومة، وفي حالة التعثر على هذا الطريق، ستجرى انتخابات جديدة في وقت ترتفع فيه الأصوات مطالبة بقيادة تتسم بالشفافية للتصدي لوباء فيروس كورونا العالمي وتداعياته الاقتصادية.
والمخاطر عالية في تونس التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها قصة النجاح الوحيدة، نسبيا، في كل دول ”الربيع العربي“ الذي انطلقت منها شرارته قبل تسع سنوات بثورة فتحت الباب للديمقراطية.
وقالت سامية بن يوسف، وهي معلمة، بينما كانت تتسوق في شارع بمنطقة حي التحرير في العاصمة ” يكفي.. يكفي“.
وأضافت ”في الوقت الذي نعاني فيه نحن الشعب من الأزمات والويلات المتتالية وفي الوقت الذي تنتشر فيه كورونا في العالم بقوة، تركونا نواجه مصيرنا وحدنا“.
وتطالب بالفعل موجة جديدة من المظاهرات بالوظائف وزيادة المساعدات الحكومية في المدن الجنوبية الفقيرة التي انطلقت منها الانتفاضة في عام 2011، بينما قالت الحكومة الأسبوع الماضي إنها تريد تأجيل سداد ديون لأربع من الدول المانحة.
وبدأ بعض هؤلاء المتظاهرين يوم الخميس في تعطيل صادرات النفط المتواضعة بإغلاق محطة لتجميع وضخ الخام وهو تكتيك ألحق الضرر بالفعل بصناعة الفوسفات.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر، تعيش تونس وقت محاسبة وتدقيق في نموذجها الديمقراطي المعقد، وهو مزيج من النظامين البرلماني والرئاسي ولكن بدون محكمة دستورية، الهدف من تشكيلها فض النزاعات، ولكن لم يتم إنشاؤها حتى الآن.
ومع رغبة كثير من السياسيين البارزين، بمن فيهم الرئيس، في تغيير هذا النظام، فإن الحزب الذي حقق أفضل أداء في استطلاع للرأي أجري مؤخرا هو حزب مؤيد للحكم الاستبدادي القديم قبل الثورة.
وقال المحلل السياسي يوسف شريف ”مبعث خوفي هو أننا داخلون في حقبة من الاضطرابات ولا نملك قوة سياسية كافية لمواجهتها... إنه سيناريو قاتم للغاية“.
* استقطاب
أمام السياسيين الآن مهلة حتى أواخر أغسطس آب لتشكيل حكومة جديدة تحظى بدعم الأغلبية في البرلمان، لكنهم سيواجهون الصعاب في التغلب على الانقسامات التي خارت أمامها قوى ائتلاف الفخفاخ.
إن أكبر الأحزاب هو حزب النهضة الإسلامي المعتدل، وهو الثابت الوحيد المستمر في الوجود بالحياة السياسة التونسية منذ الثورة حيث ظهرت أحزاب أخرى كثيرة واختفت بسرعة. لكن النهضة لا يشغل سوى ربع المقاعد ويواجه زعيمه راشد الغنوشي تصويتا على الثقة في رئاسته للبرلمان.
ويتعلق أكبر أسباب الشقاق السياسي في تونس بالسياسة المالية. ويميل النهضة إلى الوقوف في نفس الخندق مع الأحزاب التي تفضل الإصلاحات التي يطلبها المانحون للحد من الإنفاق والدين العام.
وقال شريف إن الرئيس قيس سعيد يقف على ما يبدو على طرف النقيض، مع الأحزاب القومية العربية واللاعب الرئيسي الآخر في السياسة التونسية، وهو الاتحاد العام للشغل.
وبدأت بالفعل محادثات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج قرض جديد، لكنه كان يريد في السابق إصلاحات اقتصادية قاسية يعارضها معظم أعضاء البرلمان.
وفي البرلمان يوم الخميس، كانت عبير موسى وهي من أنصار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وحزبها الشعبوي ”الدستوري الحر“ صورة معبرة عن الأجواء السياسية المشحونة بالتوتر.
فقد استولوا على كرسي رئيس المجلس لمنع الغنوشي من الجلوس عليه، فيما أثار شبح عودة التوتر بين الإسلاميين والعلمانيين، وفاقم خطر اندلاع مواجهات بالشوارع بين مؤيدي الفريقين.