زاد الاردن الاخباري -
الشريف: لا يوجد عمليات سحب جنسية ممنهجة وقرار "التصويب" استجابة لمطالب الفلسطينيين والدول العربية
مطالبة بتعيين لجنة مكلفة بإجراء مراجعة مستقلة للحالات التي سحبت منها الجنسية
طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة وقف سحب الجنسية من الأردنيين من أصول فلسطينية، إلى جانب تعيين لجنة مكلفة بإجراء مراجعة مستقلة لجميع الحالات التي سحبت منها الجنسية، بناء على قرار فك الارتباط عن الضفة الغربية في شهر تموز (يوليو) 1988.
ودعت المنظمة في تقرير أصدرته مؤخرا بعنوان "بلا جنسية من جديد؛ الأردنيون من أصل فلسطيني المحرمون من الجنسية"، الحكومة "اعادة الجنسية لجميع من حرموا منها تعسفا، بناء على نتائج اللجنة المستقلة، ومنح كل شخص حرم من جنسيته محاكمة عادلة، مع توفير الحق في الطعن امام المحاكم اذا استمر سحب الجنسية".
وأوصى التقرير، الذي تعلنه المنظمة في مؤتمر صحافي تعقده اليوم، "مد الأفراد بالتعويض عن الخسائر المالية التي لحقت بهم من جراء السحب التعسفي للجنسية، بما في ذلك التدقيق العادل في الفرص الضائعة في التعليم والعمل والحياة العائلية".
وشدد التقرير، الذي اعتمد في منهجه على الالتقاء بـ11 شخصا ممن سحبت جنسيتهم، إلى جانب ما ورد في الصحف اليومية من تقارير حول سحب الجنسية، "بـضرورة العمل على ايجاد حل عادل ومنصف لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في إطار القانون الدولي".
وأوجب التقرير أن "يتاح على الفور لجميع الأطفال في الاردن التعليم الابتدائي والثانوي المجاني المتوفر، من دون تمييز بناء على اصل الشخص"، فضلا عن "السماح لغير الاردنيين بأن يمارسوا حقوقهم المدنية والاجتماعية والثقافية بحرية، بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية وحقهم في التملك، من دون تمييز بناء على الاصل او الجنسية".
ودعا التقرير إلى "إلغاء أي تمييز في القوانين والأنظمة الخاصة بالجنسية بناء على النوع الاجتماعي، مع تسوية القواعد لدى إلغاء هذه التمييزات"، اي ان تصب في صالح توفير تدابير حماية اقوى.
وخصص التقرير في صفحاته توصيات الى الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية بضرورة "العمل على توفير حل دائم وعادل للاجئين الفلسطينيين في اطار القانون الدولي".
و"حتى يتم التوصل الى حل، على الحكومة الاسرائيلية ضمان ان الاردنيين من اصول فلسطينية والفلسطينيين المقيمين في الاردن لن يتم استبعادهم من سجل الاراضي المحتلة المدني، ومنه القدس الشرقية، وأن يتم النظر في أمر إضافة أبناء الفلسطينيين المولودين في الاردن الى السجل المدني كاعتبار انساني"، وفق التقرير ذاته.
ووفق التقرير، "قال بعض المسؤولين الاردنيين انهم يفعلون هذا من اجل وقف خطط اسرائيل المزعومة لاستعمار الضفة الغربية، بالحفاظ على حقوق الفلسطينيين في الإقامة بالضفة الغربية".
وأشار التقرير إلى أنه حتى الآن "سحبت السلطات الاردنية الجنسية من آلاف المواطنين من اصول فلسطينية، بواقع اكثر من 2700 بين عامي 2004 و2008 وقد فعلت هذا في الحالات الفردية التي تحققت منها هيومن رايتس ووتش، بشكل متعسف".
وبينت المنظمة في تقريرها، أن تلك الخطوة تعد "خرقا لقانون الجنسية الاردنية للعام 1954، وبموجب ذلك القانون فإن السكان الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية العام 1949 او بعد هذا التاريخ يحصلون على الجنسية الاردنية الكاملة اثر وحدة الضفتين في نيسان (ابريل) 1950".
وأوضح التقرير أن "الضفة الغربية خضعت للاحتلال الاسرائيلي في العام 1967، واستمر القانون الاردني مطبقا في الضفة الغربية".
وبين التقرير أنه "في العام 1983 بدأ الاردن في اصدار بطاقات سفر ملونة للأردنيين اصحاب الاصول الفلسطينية في الضفة الغربية، من اجل تيسير سفرهم من والى الضفة الغربية الخاضعة للاحتلال الاسرائيلي: بطاقة خضراء لسكان الضفة الغربية، وبطاقة صفراء لسكان الضفة الغربية الذين انتقلوا الى الضفة الشرقية، واليوم فإن حيازة بطاقة خضراء او صفراء قد تكون السند الرسمي وراء سحب الجنسية".
ولفت التقرير إلى أن "احد تبعات قرار فك الارتباط بالضفة الغربية في العام 1988 كانت أن الاردنيين من اصول فلسطينية من المقيمين في الضفة الغربية خسروا جنسيتهم الاردنية، الا ان الاردنيين من اصول فلسطينية من الضفة الغربية او القدس المقيمين في ذلك التوقيت في الاردن او في دولة ثالثة، ظلوا يتمتعون بشكل عام بالجنسية الاردنية".
وبين التقرير أن ذلك"الوضع تغير حاليا بالنسبة لعدد غير معلوم من الاردنيين من اصول فلسطينية من الذين يحملون بطاقات الجسور (الصفراء والخضراء) مع إلغاء المسؤولين ما يدعى بالرقم الوطني، الذي يحصل عليه كل اردني كدليل على جنسيته الاردنية".
وأشارت المنظمة إلى أنه "في العام 1988 تبنت جامعة الدول العربية قرارا يحظر حيازة اي شخص جنسيتين عربيتين في الوقت نفسه، لكن فلسطين لم يعترف بها كدولة بموجب القانون الدولي، كما ان قرار الجامعة العربية غير ملزم كقانون في الاردن".
وأظهر التقرير أن "واقع الامر أنه لم يستند سحب الجنسية الى القانون، بل الى تفسيرات مبهمة مطاطة لقرار فك الارتباط وبناء على شروط جديدة غير مدونة يعوزها اي سند قانوني واضح".
ويزعم المسؤولون الاردنيون ان الاردنيين من اصول فلسطينية يجب عليهم ان يجددوا تصاريح اقامتهم بالضفة الغربية الصادرة من الادارة المدنية بالجيش الاسرائيلي من اجل استمرار حيازة جنسيتهم الاردنية، وفق التقرير.
ولفت التقرير إلى أن "هذا التصريح يكفل الحق بالسكن في الضفة الغربية، وهو من ثم (بالنسبة لمن لديهم التصريح ويقيمون في أماكن أخرى)، يحمل حق العودة للضفة الغربية إذا ظهرت الدولة الفلسطينية إلى الوجود، ولم يتمكن بعض الأردنيين من تجديد هذا الترخيص، وبناء على هذا تم سحب جنسيتهم الأردنية، ولم يسبق لآخرين إصدار هذا التصريح مطلقا، اذا عاشوا في الاردن طيلة حياتهم، او لديهم اقامة مفتوحة من اسرائيل لا تتطلب التجديد، لكن رغم ذلك تم سحب جنسيتهم".
وبحسب التقرير ذاته، "لم يخطر اي مسؤول اولئك الذين سحبت جنسيتهم بهذا القرار، بل يقال لهم انهم لم يعودوا مواطنين اردنيين في اثناء تعاملات روتينية عادية مع السلطات، مثل تجديد جوازات السفر او تسجيل المواليد، او تجديد رخصة القيادة، او اثناء بيع الاسهم، على افضل تقدير".
وأشار التقرير إلى أن "سحب الجنسية أدى الى تعقيد حياة المتأثرين بهذا الاجراء الى حد كبير، فالأطفال يفقدون قدرتهم على الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي المجاني، والتعليم الجامعي قد يصبح اعلى من قدراتهم بسبب ارتفاع ثمنه لغير المواطنين".
"ويقول البعض إن الرعاية الصحية تكلف اعلى مما هو متاح للاردنيين، والشيء نفسه ينسحب على تجديد رخصة القيادة، التي يتم تجديدها برسوم اعلى بكثير لغير الاردنيين ولفترات اقصر، ولكي يقيموا في الاردن، فإن الفلسطينيين بدون الجنسية الاردنية يحتاجون لتصريح اقامة ولا يمكن لغير الاردنيين الالتحاق بالعمل في الحكومة، وتواجههم صعوبة كبيرة في الحصول على وظائف بالقطاع الخاص"، وفق التقرير.
من جانبها، نفت الحكومة أمس أن "تكون هناك عمليات سحب ممنهجة للجنسية من مواطنين"، مؤكدة أن ما يجري هو "تصويب أوضاع بموجب قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية الصادر في العام 1988".
وشدد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف في تصريح إلى "الغد" في رد على ما ورد في تقرير المنظمة أن مجلس الوزراء هو الجهة الوحيدة بموجب القانون المخولة بسحب الجنسية وليس وزير الداخلية، مشيرا إلى أن قرار "التصويب" يأتي استجابة لمطالب الفلسطينيين والدول العربية.
وحض الشريف كل من يحمل تصريحا بما يعرف بـ"لم الشمل" بالإسراع لتجديده والمحافظة عليه للوقوف في وجه المخططات الإسرائيلية، متسائلا في ذات الأمر عن سر تزامن استعار الهجمة الشرسة على الأردن في الحديث عن سحب الجنسية، بالتزامن مع المخططات الرامية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين".
وتابع وزير الدولة "نؤكد على ضرورة تمسك الفلسطيني بإرضه، وعدم إهدار فرصته بالمحافظة على هوية إذا كان يحمل بطاقة إحصاء، أو كان يقيم في الضفة الغربية عند صدور القرار".
وشدد الشريف أن المملكة بقيادة جلال الملك عبدالله الثاني مستمرة بتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين للتمسك بهويتهم الفلسطينية، وذلك من خلال استمرار تطبيق "فك الارتباط".
وأبلغ أن الأردن سيظل يقاوم الطروحات التي تهدف إلى فرض حل قضية اللاجئين على حسابه قائلا "نحن نقاوم ذلك خدمة لمصالح الأردن وفلسطين معا".
الغد