عنوان رواية للمبدع عبدالرحمن منيف قراءتها في ثمانينات القرن الماضي ، وفي قراءة جديد لكتاب " ثلاث مدن مشرقية ..سواحل الأبيض المتوسط بين التألق والأفول " المؤرخ فيليب مانسيل ، وعناوين شريط الأخبار هذه الأيام في معظم القنوات الاخبارية " معركة شرق المتوسط "، ثلاثية تعيد للذاكرة حجم التاريخ لهذه المنطقة من ناحية جيوسياسية ، وايضا من خلال علم الانثروبولوجي ، وعلوم الانسانيات .
اذا هي حكاية شرق المتوسط للسجون ومعتقلي رواية عبد الرحمن ، ومدن شرق متوسطية " سميرنا ازمير حاليا ، والاسكندرية ، وبيروت "لفيليب ، وشرق المتوسط الذي أصبح قريب من الدمار ، هو نفسه شرق المتوسط ومدن ثلاث قامت وبقوة لانها مدن اقتنعت ان قوتها من تنوعها الاثني والديني ، وسقطت بقوة ايضا لانها فقدت هذا التنوع .
والتنوع يعادل التعدد المستند على الاعتراف بوجود الآخر العقائدي والاثني ، وان الاقتصاد هو الذي يسند هذا التعدد ، وفي رواية منيف التي الحبلى بالموت والعذاب ، يعيد منيف التأكيد على ان رفض الآخر هو الموت لكلا الطرفين ، وفي مدن فيليب الذي اكد التاريخ بها ان تلك المدن عندما رفضت الآخر انتهت الى الهاوية ، وشريط الاخبار عن شرق المتوسط يقدم لانتهاء مدن وربما دول لا تؤمن بوجود الآخر.
اذا هو شرق المتوسط بتاريخه وبما يوجد اسفل مياه بحر الازرق ، ومدنها الساحلية التي تموت ببطء لان هناك من يرغب بصناعة تاريخ لمدن طمرتها رمال الصحراء لمئات السنين ، وجاء دورها كي تعيد ترتيب المشهد التاريخي تحت مسمى مدن الملح ، وهي أيضا اسم رواية عبدالرحمن منيف ، وسنبقى بانتظار الجزء الثالث من تاريخ بناء مدن الملح تلك وهو بعنوان " الاخدود " ، ويبقى " التيه " هو واقع مدن الملح تلك .