بين الاصلاح ... والقمع ليس التعنت بالرأي واتهام كل من يخالفنا فيه بالبلطجة شكل من اشكال الاصلاح، بل بالعكس هو تعطيل حقيقي لمسيرة الاصلاح ، فبالحوار والتفاهم والتوافق يتوصل المختلفين بالرأي الى تحقيق الاهداف المشتركة بينهم والتي غالبا ما تكون متشابهه في اطارها العام، ولكن كل من يتعنت ويتمسك برأيه في الآلية التي يراها مناسبة للتنفيذ هو بالضرورة لا يريد الوصول الى هذه التفاهمات البناءة. في خضم الاعتصامات والمسيرات التي شهدتها مملكتنا الحبيبة بدا واضحا تعنت البعض وتمسكهم برأيهم ورؤيتهم للاصلاح وبدأوا بوضع شروطهم ومطالبهم التي يرونها الانسب للوصول الى الاصلاح الذي ينشده الجميع، وتناسوا هؤلاء ان اغلبية الشعب الاردني لا توافقهم في هذه الشروط ولا تتفق معهم في الكثير من اهدافهم ومبادئهم ، فهي تتفق معهم بان الاصلاح والتطوير هو سنة الحياة والبلدان التي لا تؤمن بذلك لن يكون لها اي مستقبل مطمئن ولن تكون بمنأى عن الكوارث السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكنها لا تتفق معهم بكيفية سير هذا الاصلاح والعديد من خطوطه العريضه . إذن الاصلاح امر مطلوب ومرغوب وحتمي ، ولكن آليته ومنهجيته يجب ان تكون مدروسة ومنهجية ويجب ان تعطى الوقت اللازم لتسير بشكلها الطبيعي والسليم ولا بد ان تتم بتوافق سائر اطياف الشعب عليها، واهداف هذا الاصلاح يجب ان تكون واضحه ونظيفة لا تخدم فئة على حساب اخرى ولا تظلم فئة لتنصر اخرى. في اردننا الحبيب بالذات ، الناس متفقون على ذلك ولكنهم في نفس الوقت يستغربون دعوات البعض العبثية من ادخال البلد في تجارب جديدة محكوم عليها بالفشل مسبقا لانها لا تتناسب وخصوصية هذا البلد اولا ، ولان اهدافهم في ذلك شخصية نفعية وليست وطنية ثانيا ، لذلك فهذه الدعوات مثلت صوت نشاز بين الاصوات المطالبة بالاصلاح وقد تمثل قوى شد عكسي مستقبلا في طريقه، والغريب في الامر بأنه في الوقت الذي تعتبر نفسها تنادي بالاصلاح وحرية التعبير تقوم هي بممارسة القمع وتتجاهل الاغلبية التي تناديها بتحكيم العقل والتروي في الامور .. لا بل وتتهمهم بالبلطجة احيانا . يجب ان نرى الاصلاح كمنظومة متكاملة في السياسة والاقتصاد وكل مناحي الحياة ، وهي منظومة لا تتم بشكل منقوص او مجزوء لانها تفقد بذلك معنى المنظومة وتصبح كالحافلة التي تسير بلا عجلات ، والفهم الحقيقي والتنفيذ والتخطيط السليم للاصلاح والمراقبة والرقابة الواعية عليه واعطاءه الوقت اللازم للتنفيذ والتقييم كلها امور كفيلة بانجاحه وتعظيمه ، اما غير ذلك من الاساليب الرجعية لا تضيف اي قيمة له بل تقوم بتعطيله وتعمل على افشاله ، ذلك ان الاصلاح عملية سلمية تتم بالتوافق والتصالح وليس بالارغام او كما يتوقع البعض بانه يستطيع ان يفرض رأيه على الاغلبية حتى ولو كلف ذلك تعطيل حياة هذه الاغلبية وارغامها على السير على خطاه. M_abubaqar@yahoo.com