زاد الاردن الاخباري -
كتب الدكتور زيد النوايسة - يدهشنا بعض المسؤولين حين يخبروننا أن مراكز الحدود البرية هي الخاصرة الرخوة التي يمكن أن يداهمنا منها الوباء مرة أخرى وكأننا لم نتعلم من الثغرات التي حصلت سابقا في العمري وعبر المطار حتى ليبدو الأمر وكأنه اكتشاف يستحق التوقف عنده طويلا، وأن السبب خلل في الإجراءات أدت لهذا الوضع الذي وصفه الناطق باسم لجنة الأوبئة بالمقلق من ناحية عدد المخالطين للمصابين وقد تعيدنا لما هو أسوأ من المرحلة الأولى التي داهمتنا في بداية آذار.
التقديرات تقول إن المخالطين تجاوزوا 3200 شخص وربما أكثر وأن التتبع قد يستدعي الوصول للمخالط الخامس مما يعني أننا أمام مهمة صعبة تستدعي تتبعا واسعا وإجراء فحوصات أكثر وعزلا ربما يشمل مناطق كثيرة خاصة في العاصمة ومحافظات الشمال، ولن يتأخر وصول الوباء لمعظم مناطق المملكة على الأرجح هذا إذا لم يكن وصل ولم يكتشف للآن. فمعظم المصابين وبنسبة تقارب الخمسين بالمائة لم تظهر عليهم أعراض ومارسوا حياتهم بشكل اعتيادي وتحركوا بشكل طبيعي ولولا الفحوص العشوائية ما اكتشفت هذه الحالات.
ما جرى هو نتاج طبيعي لحالة التراخي التي سادت بشكل عام في المجتمع، ولكن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق الجهة المسؤولة عن ضبط مراكز الحدود سواء من ناحية إيجاد آلية تحول دون اختلاط القادمين من سورية بالموظفين في إدارة الحدود والجمارك والعاملين من أبناء المنطقة في مكاتب التخليص والصرافة أو من حيث إن معظم الفحوص المخبرية التي أجريت من قبل مختبرات خاصة تبين عدم دقتها مما يؤكد فرضية أنه حتى الذين خضعوا للحجر ربما غادروا وهم مصابون وبالتالي علينا أن نتهيأ لمزيد من البؤر.
مائة إصابة محلية خلال أسبوع تقريبا مرشحة للزيادة، وهذا رقم كبير جدا ومقلق يتوزع على ست محافظات أردنية وربما يتجاوز في خطورته بؤرة مصاب الخناصري التي توزعت على عدة محافظات أردنية نتيجة عدم ضبط حالة الانفلات في مركز العمري الحدودي. ويبدو أن المعنيين لم يتعلموا من هذا الدرس وتأخروا كثيرا في تطبيق أمر الدفاع رقم 11 الذي يفرض على المؤسسات والمواطنين الالتزام بارتداء الكمامة.
تطورات الوضع الوبائي ستنعكس بالضرورة خلال الأيام القادمة على مواعيد مهمة وأساسية أهمها العودة للمدارس خلال أقل من أسبوعين وللجامعات بعد شهر، والأهم سيكون كيف يمكن ضبط الحملات الانتخابية التي ستنتشر في كل المدن والبلدات والقرى والأحياء والمخيمات، وهي بصراحة عملية تكاد تكون مستحيلة لأنها تحتاج كوادر رقابية سواء من الأمن العام أو الهيئة المستقلة للانتخابات، وقدرة الناس على التحايل على هذا الأمر واردة وقد سبق أن تحركت الجاهات من منطقة لأخرى في ذروة الحظر الشامل.
هناك مسؤولية سياسية عن الإهمال الذي حصل في المراكز الحدودية تستدعي الشجاعة تحملها بالمعنى السياسي وتشكيل لجنة تحقيق بالتراخي الذي حصل، فهو لا يقل خطورة إن لم يزد عن موضوع قصة التسمم الغذائي بالشاورما بدلا من تهديد الناس بأنه لا يجوز التشكيك بالأرقام الحكومية حتى ليبدو الأمر وكأن القصة تحولت لمناكفة لا داعي لها.
كورونا موجودة ويبدو أن نهاية القصة بعيدة. وأي تراخ قد ينسف أي إنجاز تحقق. وبالمناسبة الإنجاز هنا هو تأخير وصولها والتخفيف من آثارها لأن القول بإعلان الأردن أو أي بلد في العالم منطقة خالية من الوباء دون وجود لقاح فاعل ومضمون هو كلام حالم لا يستند للواقع.
الغد