زاد الاردن الاخباري -
أثبتت كل الدراسات لعلماء النفس أن الناس ينقسمون إلى قسمين: عبيد وأحرار ، وقد اثبت التاريخ صحة هذه الدراسات على مر العصور ،حيث ان بعض من أدمنوا العبودية وعايشوها لم تستطع نفوسهم التخلي عن القفص الذي عاشوا فيه ،حتى لو فتح لهم باب القفص مثل ذلك العصفور الذي لايستطيع الطيران خارج قفصه ويبدأ بالضرب على أيدي من يفتحون له القفص ، وتنحصر أغلى أمنياته بالتغريد لسيده الذي يطعمه حيناً ويستخدمه للزينة في أحياناً أخرى ، ومثل هؤلاء الناس كمثل الذين عشقوا البقاء في في حفر الأرض واستنشقوا هواء هذه الحفر ويخشون من رفع رؤوسهم عالياً خوفاً من عدم وجود هواء يناسب رئتيهم ، وانطبق على هؤلاء قول الشاعر :
(ومن لا يهوى صعود القمم . . يعش ابد الدهر بين الحفر).
ويعتقد هؤلاء الناس ان في ذلك مصلحتهم وحياتهم واستقرارهم ،وصنعوا من أسيادهم آلهة تعبد من دون الله ،وقرنوا أسماء أسيادهم باسم الله ،وهذا ما جعل بعض الأسياد ينتقلون من البشرية إلى الإلوهية في تصرفاتهم وانفرادهم باتخاذ قراراتهم كما فعل النمرود الذي ظن انه يحي ويميت بمجرد حكمه على الناس بالموت ثم العفو عنهم ، وكما فعل فرعون وعندما قيل له (شو اللي فرعنك قال: مالقيت حدا يردني).
هؤلاء العبيد لم تتحرر أفكارهم ولا أجسادهم بل تحولوا الى سياط مؤلمة تلهب ظهور إخوانهم وأهلهم كما فعل العبيد وهم يعذبون بلال بن رباح رضي الله عنه وهو يدعوا الى حريتهم ، ولم تخلوا اي حقبة زمنية من عمر الأمم من أمثال هؤلاء ولن تخلوا بأي حال من الأحوال وشعار هؤلاء دائما (اللي يتجوز أمي بناديه ياعمي) ، فهم بسهولة وسرعة ينقلبون ضد من اتخذوه اله حال سقوطه او ضعفه وتراجعه .
أما الأحرار فهم أولئك الذين كسروا حاجز الصمت ،ونزعوا الخوف من صدورهم ،ورفعوا رؤوسهم وهتفوا بأعلى بصوتهم ،وفي بعض الأحيان قدموا أرواحهم، وعلموا ان حياتهم بيد الله ورزقهم على الله ،وان الناس سواسية ،لافرق بين حاكم ولامحكوم ،وان الناس شركاء في هذه الدنيا ،وان العبودية تكون لله وحده وان الله خلق كل الناس أحرارا ولكن بعضهم استعبد بعض ، وان الولاء الحقيقي والحب الحقيقي يجب ان يكون نابعاً من القلب لا من المصالح ،وان الانتصار للظالم يكون برده عن ظلمه .
وبعد هذا فإنه لا يمكن لأحد ان يقول ( انا لست من هؤلاء ولا من هؤلاء )فمن يقول عن نفسه ذلك فقد وصفه الله تعالى بصفة النفاق .
واليوم تعيش الأمة بكامل جسدها من المحيط الى الخليج مخاضاً عسيراً سيولد منه فجر جديد ،وسيعمل الاحرار على صناعة هذا الفجر ،وسيعمل العبيد على تأخيره ،ولكن المستقبل للأحرار ، والعبيد لهم الخزي والعار .
سالم الخطيب