زاد الاردن الاخباري -
هذا هو آخر ما كتبه الطبيب الشاب عمران البشتاوي الذي يكمل تخصصه في قسم الطواريء في مستشفى البشير، على صفحته الفيسبوك قبل اقل من شهرين وكانه كان يشعر بان مشواره في الحياة لن يطول..
" حياتنا ما هي الا ورقة.. شهادة الميلاد ورقة، شهادة النجاح ورقة، جواز السفر؛ تعيينك؛ عملك؛ تقاعدك؛ كله ورق تراه وتفرح به او تحزن عليه ولكنه عابر..
الا ورقة واحدة ؛؛؛ لا نراها وهي ورقة شهادة الوفاة
وليست عابرة بل مخلدة.. فلنعمل لها كي نفرح فرحا مخلدا.. لا فرحا زائلا..
اللهم اجعلنا ممن يفرحون فرحا مخلدا لا فرحا زائلا.
امس كان يوما متعبا كغيره من يوميات اي طبيب مقيم وخاصة في قسم الطوارىء وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية ، تحولت حياة اي طبيب إلى معركة يومية ما بين الحياة والموت.
تزوج د عمران منذ شهرين فقط.. وكان فرحا يعد الايام بانتظار مولوده الجديد الذي لم يمهله القدر رؤيته.. وهو الذي كان يحلم بتلك اللحظة .
وكأي شاب ومع الظروف الاستثنائية التي نعيشها، ازدادت الضغوط المهنية وتعب المواصلات شبه اليومي من اربد للبشير، والمناوبات الطويلة والتفكير بالحياة الجديدة ومصاريفها.. والتعب النفسي من مشاهدة اوجاع الناس التي هي المسلسل اليومي لاي طبيب فما بالكم وهو يعمل في قسم الطوارىء..!
أمس، وكما ذكر الطبيب المشرف عليه في البشير، لم يهدأ د. عمران، عالج حالات كثيرة واوجاع ونسي وجعه..!
شارك في اكثر من عملية انعاش قلب لعدة مرضى. و قام و لأول مره في حياته بوضع انبوب رغامي (endotracheal tube)لمريض تمهيدًا لوضعه على جهاز تنفس اصطناعي، وكانت فرحة النجاح في عينيه لا تشبهها اي فرحة.. وكانه نسي كل التعب.
صلى الفجر جماعة مع الاطباء في القسم وبعدها بساعات تناولو الافطار سوياً.
و انهى مناوبته صباح اليوم و اتجه الى اربد منهكا وطلب من زوجته ان تتركه كالعادة يرتاح قليلا بعد مناوبه مرهقة..
ولكنها كانت الغفوة الاخيرة له..
شاهد في حلمه طفله يرجوه الا يغيب
شاهد زوجته ترتدي الأسود وهي لا تزال عروسا
وشاهد الورقة التي كتب عنها قبل أشهر..
ورقة وفاته..!!
حاول أن يفيق ويستعيذ بالله من الشيطان
لكن عيونه لم تفتح.. وقلبه ضل ساكنا.. حتى توقف.. هكذا دون اي ضجيج.!
نعم هو القدر.. لا اعتراض
لكن خلال الاشهر القليلة الماضية.. كم من طبيب شاب رحل بسبب جلطة قلبية مفاجأة
كم من طبيب استنفذت طاقاته بسبب ساعات العمل الطويلة قبل ومع كورونا..
كنت اسمع قصصا من اطباء شباب اولاد صديقاتي عن المعاناة التي يعيشونها خلال فترة الاقامة.. واستغرب
هل يعقل ان تكون تحت هذا الضغط القاتل يوميا كي تكون طبيبا
كيف يطلب من الطبيب وهو في النهاية انسان له قدرة تحمل الا يخطىء وهو يعيش كل ساعات يومه في قلق وارهاق..!
وفي هذه الاوقات بالذات.. اكرر
تم ارهاق الكوادو الطبية بشكل مقلق عليها وعلى المرضى.. ارحموهم كي لا نترحم عليهم وهم في بداية المشوار..
اللهم صبر اهلهُ و زوجتهُ يا رب.
اللهم ارحمه و اغفر له و ادخله جناتك يارب.
هذا وقد نعى وزير الصحة الدكتور سعد جابر الطبيب ؛ وقال جابر في منشور له عبر حسابه الرسمي على فيسبوك: "انتقل الى رحمة الله تعالى الزميل المرحوم بإذن الله الدكتور عمران البشتاوي، نسأل الله تعالى أن يغفر له ويرحمه ويكرم نزله ويوسع مدخله وأن يجازيه بالحسنات إحسانا وعن السيئات عفواً وغفرانا .. وأن يغسله بالماء والثلج والبرد وأن ينقيه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .. وأن يخلف عليه بدار خير من داره اوأهل خير من أهله .. وأن يرزق ذويه الصبر والسلوان".
جمعية طب الطوارئ الأردنية قالت إن الطبيب البشتاوي توفي نتيجة توقف القلب المفاجئ في إربد صباح السبت بعد عودته من مناوبته الليلية في مستشفى البشير، عن عمر ناهز 35 عاما