مقالاتٌ ... شعاراتٌ... أخبارٌ...مظاهراتٌ هنا ومسيراتٌ هناكَ وفي مكان آخرَ إعتصاماتٌ قنوات فضائية ومذيعون يصرخون ومذيعون آخرون يردون عليهم. أصوات تنادي للوطن وأخرى تنادي أيضا للوطن. مسيرات تسير شرقا وتنادي وتهتف للوطن وأخرى تسير غربا وهي أيضا تنادي وتهتف للوطن وفي الشمال والجنوب أيضاً ينادون للوطن. كلنا للوطن فلماذا لا يكون الوطن لنا كلنا ؟ أنا وغيري لم نعد نعرف من هو مع الوطن ومن هو ضد الوطن. فإن كان الوطن لنا جميعا فلماذا نتجاذب أطراف ثوبه في اتجاهات متعاكسة حتى كدنا نكشف عورته وهو الذي يغطي عوراتنا جميعا؟ آه أيها الوطن لقد أبكيت عيوني وأسلت مآقيها دما. أخشى عليك أن تكون حماقتنا في الحفاظ عليك كحال الدب الذي قتل صاحبه حبا فيه. وطني ما عدت أدري اصمتي جريمة أمام من يحبوك ويقطعون الشوارع ويهتفون بحبك أم الجريمة أن أخرج واهتف معهم مجاهرا بحبي لك ولا ادري إن خرجت أين أسير وبأي شعارات أهتف فهناك شيء واحد أنا متأكد منه وهو انك تسكن في قلوبنا جميعا ولكني أخشى أن بعضنا لا يعرفون ذلك. لماذا كلما ضاقت علينا الدنيا أنشبنا أظافرنا في وجه الوطن وأسلنا دمه وتوجعنا بألم لأن الجرح جرحنا. هل مات التاريخ فينا وتقسمت كرامتنا مع الجغرافيا حتى أصبحت تدور في فضاء العالم قطعا متناثرة تبحث عمن يعيد لملمة الأجزاء ليعيد معها كتابة التاريخ مرة ثانية؟ هل تاهت البوصلة فما عدنا نعرف حدود شمالنا ولا نهاية جنوبنا؟ تفرقت دروبنا وتباعدت وحبسنا أنفسنا داخل حدود الجغرافيا الضيقة ونحن الذين انعم الله علينا بأرض لا تغيب الشمس عنها ولا تغرب. لماذا تمر علينا الأحداث مر الكرام ؟ وتصيبنا الفواجع والنكبات بالجملة ونتهرأ من الداخل والخارج ونُشتم وتُدك رؤوسنا في الجدران وتدق فينا الأسافين من أسفل ومن فوق ويستبيح كرامتنا من به حول ومن هو عاجز ويتجرأ علينا الصغير والكبير فلا نصرخ ولا نئن وان اشتد الألم زاد الصبر فهل نحن امة من حديد لا نمل ولا نكل ولا نبدي أي ردة فعل؟ أم هل مات فينا الإحساس وتبلد الشعور وبتنا ندير الخد الأيسر لمن يلطم خدنا الأيمن؟ حتى إذا أخطأ أحدنا في حق أخيه استفزته نخوة الجاهلية وأصبح يصول ويجول ولا يريد أن يهدأ أو يصمت. أأسد عليّ وفي الحروب ناعمة؟ يا ويحنا مما يحل بنا ويا ويح نفوسنا من كبرياء مخلوط بنفاق. نعم لقد نافقنا في حب الوطن عندما حاول بضع منا أن يجرد بضعا من وطنيته لأنه لم يتفق معه. نعم لقد بتنا ولا ندري من هو مع الوطن ومن هو ضد الوطن لقد أصبحنا كما قال الشاعر: تكاثرت الظباءُ على خراشٍ فما يدري خراشٌ ما يصيدُ