حركة "ترتح" حركة مناهضة –بحسبهم- لكل الحركات الرجعية العربية وغير العربية، ابتداء بحركة "كفاية المصرية"، ومروراً بحركة 25 يناير و17 فبراير وليس إنتهاءً بحركة 30 فبراير و31 أبريل! عميد حركة "ترتح" هو العقيد القذافي، ومن أركانها سابقاً ابن علي ومبارك، وما زال من أعمدتها حتى اللحظة علي عبدالله صالح وبقية الرؤوساء العرب الذين تسلموا السلطة باسم الجمهورية وحولوها بقدرة قادر على طريقة "البوكيمون" إلى ملكيات جبرية، وعلى شاكلتهم رئيس ساحل العاج لوران غباغبو الذي خسر الانتخابات ولكنه "ترتح" بكرسي السلطة ولو على حساب دماء وجثث شعبه ومواطنيه! أعضاء حركة "ترتح" أقسموا للشيطان أن "يترتحوا" بكراسيهم حتى آخر فرد من الشعب، وهم لذلك يتشبثون بكرسي السلطة بشكل مستميت ولا يتصورون لحظة واحدة أن يحال بينهم وبين كراسيهم المصنوعة من عظام الشعب، والمنجدة من جلود الشعب، والمطلية بدماء الشعب! لسان حال "المترتحين" يقول أنهم استلموا السلطة بشرعية الثورة، وهذه الشرعية المزعومة تعطيهم السلطة للتحكم بالشعب والدولة كأنها بعض أملاكهم، ولهم الحق في التصرف بها دون أن يحق لأحد كائناً من كان أن يسائلهم أو يحاسبهم. أما من استلم السلطة وفق انتخابات رئاسية، فهم يخاطبون الشعب بلسان الساخر إن كنت أيها الشعب تظن أنك صاحب الفضل في وصولهم إلى كرسي الرئاسة فأنت واهم ومغفل، فهم من صنعوا الانتخابات وفبركوا النتائج واستخدموا الشعب سلماً للصعود لمنحهم الشرعية لذر الرماد في العيون ولإرضاء السادة في الدول العظمى شرقاً وغرباً، ولذا أيها الشعب فإنه ليس من حقك أن تطالب برحيل أي "ترتحي"، فهو الذي يحدد يوم رحيله لا أنت، وهو يقرر ولن يسمح لك بذلك! بعض "المترتحين" يزعم أن الشعب يحبه وأن الشعب معه ويؤيده. ولا ندري علام استند هذا "المترتح"؟ وهل لديه إحصاءات تؤكد زعمه ووهمه الكاذب؟ وهل يظن هذا "المترتح" أن طول بقائه على كرسي السلطة أوهمه أن الشعب يعشقه ولا يطيق أن يرحل، وهو لذلك لا يتصور وجوداً لبلاده بدونه، وكأن البلد ستتعرض لزلزال إن رحل وترك السلطة؟ ولهؤلاء "المترتحين" المصابين بالنرجسية وجنون العظمة وعظمة الجنون ندعوهم إلى حسبة بسيطة؛ فلو افترضنا أن دولة عربية خرج فيها من كل مدينة 1000 مواطن يطالبون برحيل الرئيس، فهذا أكبر استفتاء على رفض شعبي عارم للرئيس، لأنه مقابل كل مواطن خرج للتظاهر فإنه يوجد 9 مواطنين من الأغلبية الصامتة، الذين يتمنون من صميم قلوبهم رحيل الرئيس، فيصل العدد في كل مدينة إلى مائة ألف مواطن رافض للرئيس، وهذا العدد يقابله مائة ألف على الأقل من النساء والأطفال، فيصبح العدد مائتي ألف في كل مدينة، ومن ثم إلى مليوني مواطن في عشر مدن في دولة قد لا يتعدى عدد سكانها 3 ملايين وربما أقل من مليونين. ولكن ييدو أن البعض لا يحسن قراءة لغة الأرقام ربما لأميته أو تخلفه أو لأنه لا يعترف بالأرقام أصلاًَ إلا إذا كانت حسابات مصرفية فلكية في البنوك الغربية! إن التعامل مع هؤلاء "التراتيح" لا يكون إلا "بترتحة" أشد من "ترتحتهم"، ولكنها "الترتحة" على المواقف والمبادئ والأهداف والغايات السامية للشعوب المقهورة، التي ابتليت بهؤلاء "المترتحين" حد التعفن والتكلس والصدأ، حتى ملتهم كراسيهم وصرخت مستنجدة "إن كنتم أيها الشعوب لا تريدون أن تسقطوا هؤلاء من أجلكم ومستقبلكم، فمن أجلنا نحن، فقد "قرفنا" منهم ومن "جعصتهم" التي لا تتوقف، ومن جثثهم التي أزكمتنا ونخرت في مفاصلنا"! ومن المفجع أن حركة "ترتح" لا تقتصر على الزعماء العرب ومن شاكلهم، بل امتدت لتشمل مسؤولين من المستويات الأخرى مثل: وزراء، ومديرين، ورؤوساء شركات، وغيرها من المناصب القيادية التي يتشبث بها هؤلاء تمسك الرضيع الجائع بأمه، والشوكة بكرة الصوف، والأخطبوط بفريسته. ومن هنا تأتي ضرورة التغيير والتدوير في المناصب حتى لا "يترتح" أحد بكرسيه، ويعتبره حقاً مكتسباً لا ينبغي لأحد أن ينازعه فيه، ولا يغادره إلا مكرهاً بفعل "ترتحة" من هم أعلى منه! حركة "ترتح" حركة خطرة جداً، تهدد أمن المجتمعات وتماسكها، بل وتوشك أن تدمر الدول، وهي تتغذى على دماء الشعوب وجثث مواطنيها، بعد أن أنهكتهم اقتصادياً وسلبت أموالهم وحقوقهم وكرامتهم. ولا يظن أحد أنه بمنجاة من حركة "ترتح" إن سكت وغض الطرف، فهي حركة منتشرة كالسرطان في جميع الدول، سواء على مستوى الزعماء كما في الجمهوريات، أو المسؤولين في المستويات الإدارية الأخرى. ومن أولى أولويات الإصلاح ومحاربة الفساد التخلص من أعضاء حركة "ترتح" مهما صغرت مناصبهم، فهم سوس الدول ومن أهم عوامل تدميرها، وليكن صوت المواطن عالياً يصم آذان "المترتحين": "إن كنتم "مترتحين" فنحن "أترتح منكم" ولكن "ترتحتنا" من أجل الوطن وفي سبيله وهي فقط للمطالبة برحيلكم والتخلص منكم ومن أنفاسكم الثقيلة"! mosa2x@yahoo.com