وصلت أسعار الذهب مستوى قياسياً جديدا عندما بلغ سعر الأوقية (الأونصة )1500 دولار, وهذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها سعر الاوقية هذا السعر, ويتوقع المحللون الماليون ان تواصل أسعار الذهب ارتفاعها وقد تصل الى حدود 2000 دولار في المستقبل ..؟؟ يذكر ان اسعار الذهب قد تدنت في نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات, ووصل سعر أوقية الذهب الى حدود 270 دولارا وجاء الانخفاض آنذاك بسبب اختفاء نظام الحرب الباردة, وسقوط الاتحاد السوفيتي حيث قامت الدول التي كانت تمتلك جزءا كبيرا منه ببيع كميات كبيرة من الذهب الذي كان مكدسا كاحتياط في مصارفها المركزية, اضافة الى ان صناعة الذهب في مناطق عديدة من العالم قد توسعت في تلك الفترة وتم اكتشاف مناجم جديدة, فأصبح العرض أقوى من الطلب ولذلك تراجعت الأسعار. لكن منذ نهاية التسعينات بدأت اسعار الذهب بالارتفاع وواصلت ارتفاعها سنة بعد أخرى حتى بلغت نسبة الارتفاع في العام 2007 حوالي 36% وسجلت في الاشهر الثلاثة الاولى من هذا العام ارتفاعا وصل الى 1500 دولار للأونصة ويرجع المحللون أسباب هذا الارتفاع الى مجموعة من العوامل التي تجمعت دفعة واحدة لترفع السعر الى هذا المستوى, وترشح أسعار الذهب الى مزيد من الارتفاع وانا اخالفهم الرأي ومن ابرز هذه العوامل: أولاً: الانخفاض الحاد في سعر الدولار, فارتفاع أسعار الذهب بنسب عالية كان إزاء الدولار وليس إزاء العملات الرئيسيه ألأخرى, وإذا تمت مقارنة أسعار الذهب بأسعار الدولار الآن, مع أسعار النصف الأول من عقد الثمانينات فيمكن القول إن اسعار الذهب حتى عندما وصلت الى 1500 دولار للأوقية لم تبلغ المستوى الذي بلغته في مطلع عقد الثمانينات عندما وصل سعر الأوقية الى 850 دولار, ولذلك فإن ارتفاع أسعار الذهب من الناحية الفعلية هو ارتفاع إزاء الدولار وليس إزاء العملات الدولية الأخرى, وهو ارتفاع ليس حقيقي ويجب الأنتباه الى هذه الحقيقه ثانياً : الطلب على الذهب زاد منذ ان تدهورت أسعار الدولار, فالذهب كان دائماً الملاذ الآمن يلجاء اليه المستثمرون عندما تشهد العملات الدولية الأكثر انتشاراً تراجعاً, او اضطراباً في اسعارها, وهذا يعني ان كثيراً من المدخرين تحولوا من الدولار, بعد تراجع أسعاره, ا لى الذهب للحفاظ على مدخراتهم واستثماراتهم, مما زاد الطلب على الذهب, وهنا ينطبق على أسعار الذهب قانون العرض والطلب ذاته الذي يحكم العلاقة بين جميع السلع . ثالثاً: للعام الثالث على التوالي يحقق الاقتصاد العالمي نمواً مرتفعاً نسبياً, وخصوصاً في الدول النامية, وازدهار الاقتصاد يؤدي الى تقوية الطلب في جميع المجالات, وعلى جميع السلع, بما في ذلك الذهب, ذلك ان كثيراً من سكان العالم ينفقون جزءاً من دخولهم على الذهب للاستخدامات المعروفة. مع الأخذ بالأعتبار الأزمه العالميه التي هزت اقتصاديات العالم والتي سوف يكون لها ولتداعياتها الأثر الكبير على هذه السلعه كما هو موضح لاحقا . رابعاً: شهدت البورصات العالمية في الأشهر الأخيرة اضطراباً شديداً, وحالات من الأنهيارات في الأسواق العالميه وافلاس عمالقة البنوك وشركات التأمين التى اثرت سلبيا على سوق الأسهم, دفعت بكثير من المستثمرين الى شراء الذهب بدلاً من أسهم الشركات والعملة الاميركية, خاصة ان الاقتصاد الأميركي يمر بمرحلة تباطؤ, وقد تتحول الى ركود, وفي مثل هذه الحالة تهرب الاستثمارات نحو السلع الأكثر استقراراً وأسعار الذهب مستقرة, مقارنه بتذبذب اسعار الدولار وعدم استقراره . خامساً: بعد انهيار قطاع العقارات في مختلف انحاء العالم الذي استقطب في مرحلة من المراحل الكثير من الاستثمارات, حاز الذهب على المكانة ذاتها التي كانت لقطاع العقارت لعقود طويلة بوصفه مجالاً للتوظيف الاستثماري, لجأ المستثمرون الى شراء الذهب لتحقيق الارباح, بدلاً من الارباح التي كان يحققها الاستثمار في قطاع العقارات. سادسا: لا ننسى ان هناك سوق مهم وهو سوق المضاربات وهو سوق مهم خاصه بعد ثورة الأتصالات حيث ان هذا السوق يستحوذ على حوالى 35% من حجم المضاربه بهذا المعدن الثمين بحيث يمكن لهذا السوق التأثير بشكل رئيسى على سعر الذهب . لذلك يجب الأنتياه في الوقت الحالي خصوصا بعد الأصلاحات الهائله التي تمت على الأقتصاد الأمريكي وضخ مئات المليارات من الدولارات وتوقعات بأعادة الأنتعاش الى السوق الأمريكيه ان ينتعش سعر صرف الدولار وبالتالي يكون هناك عمليات بيع هائله للذهب من خلال جني الأرباح او عودة المستثمرين الى نواحي الأستثمارات المختلفه ان يتراجع سعر الذهب بشكل متسارع ويعود الى مستوياته الطبيعيه .هذا مع العلم بأنني قد نوهت في احدى مقالاتي قبل حوالي العامين عندما كانت اسعار الذهب بحدود الأف دولار اننا سوف نصل الى هذا السعر واعتقد انه حان الأوان للبدء في جني الأرباح حيث سيكون هناك تراجع كبير وذلك على المدى الطويل اذلربما ان نصل الى اسعار تتراوح ما بين 1000 و 850 دولار والله اعلم . وليد المزرعاوي