زاد الاردن الاخباري -
يتصاعد الجدل في الأردن، مجددا، حول قرارات حكومية متعلقة بـ"موجة كورونا الثانية" وما تضمنتها من فرض حظر شامل يوم الجمعة على العاصمة عمان ومحافظة الزرقاء للمرة الثانية على التوالي، وخطة حكومية لعودة لطلبة إلى مدارسهم.
وانتقدت "جبهة العمل الإسلامي"، أكبر حزب في البلاد، ما وصفها بـ"حالة الإرباك التي تعيشها الحكومة في التعامل مع تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا في المملكة"، مؤكدا أنها "فاقمت الأضرار الاقتصادية الكارثية، والآثار الصحية والاجتماعية التي لحقت بالاقتصاد والمجتمع الأردني".
وأعرب الحزب في بيان السبت، عن أسفه لـ"حالة الارتباك التي يواجهها قطاع التعليم (...) وما ظهر من عدم جاهزية وزارة التربية والتعليم لبدء العام الدراسي، من حيث تجهيز المدارس وتنظيم عملية التحاق الطلبة الجدد والمنقولين من المدارس الخاصة بالمدارس الحكومية وتوفير الكتب المدرسية".
وأكد البيان "ضرورة وضع رؤية منهجية وعلمية واضحة للتعامل مع قرارات فرض الحظر الجزئي أو الشامل (...) في ظل ما يجري من قرارات غير مدروسة تتعلق بفرض الحظر الشامل يوم الجمعة على الملايين من أبناء الشعب الأردني، مما ألحق أضراراً واسعة بهم وبالاقتصاد الأردني".
وشدد على "ضرورة السماح للمواطنين بأداء صلاة الجمعة في المساجد في حال فرض أي حظر شامل مستقبلاً في أيام الجمعة إذا دعت الحاجة لمثل هذا القرار، حيث تعد صلاة الجمعة شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام ومنبراً لتوعية المواطنين".
إيقاف صلاة الجمعة
وأثار إيقاف صلاة الجمعة في كل من عمان والزرقاء على إثر فرض الحظر الشامل عليهما، ردود فعل غاضبة لدى كثير من المواطنين والأئمة والخطباء، الذين طالبوا برفع الحظر في وقت الصلاة على الأقل، ليتسنى للمواطنين التوجه إلى المساجد، مع الالتزام بالإجراءات الوقائية.
وندد الداعية "محمد سعيد بكر"، بقرار إيقاف صلاة الجمعة، مبينا أن أصحاب القرار وجدوا سهولة في التسلط على يوم الجمعة وما يتضمنه من خطبة وصلاة جماعية مفروضة؛ لعدم وجود "اعتراض ضاغط".
ودعا إلى الابتعاد عن يوم الجمعة في قرارات الحظر، "لما لهذا اليوم من بركة نستجلب فيها رفع البلاء، والنصر على الأعداء، والخلاص من الخبثاء" على حد تعبيره.
وأضاف بكر: "في أيام الأسبوع متسع إن كان الأمر فعلا يستدعي الحظر ليوم واحد في الأسبوع فقط"، لافتا إلى "خطورة الاستهانة بشعائر ديننا، ومشاعر صالحينا، دون جزم قاطع بحصول الضرورة الملحة لمثل هذه القرارات الحساسة".
وسبق للحكومة الأردنية أن سمحت ضمن الموجة الأولى لفايروس كورونا، بفترة زمنية لإقامة صلاة الجمعة أثناء فرض الحظر الشامل، مع التشديد على الالتزام بإجراءات وقائية شملت التباعد الجسدي، وإلزام المصلين بارتداء الكمامات وإحضار سجادة خاصة لكل مصل.
"عقوبة إنسانية"
ويعد الأردن الدولة الوحيدة التي تفرض حظرا شاملا الجمعة، وترفعه في بقية أيام الأسبوع، إضافة إلى فرض حظر يومي في المملكة للمنشآت يبدأ الساعة العاشرة ليلا، فيما يبدأ الحظر على المواطنين بعده بساعة، لينتهي كلاهما الساعة السادسة صباحا.
ووصف الكاتب الصحفي نضال منصور، الحظر الشامل بأنه "عقوبة إنسانية جماعية".
وقال منصور: "حتى تمديد ساعات الحظر اليومي على المنشآت والمواطنين، يعد عقوبة أخرى لم تفهم سياقاتها العلمية والصحية".
وبين أن "الحكومة تظهر تناقضا غير مفهوم في سياساتها بالتعامل مع قصة انتشار الوباء، ويتبدى للمراقبين عدم وجود سياسة واستراتيجية، والشواهد على ذلك كثيرة".
وتساءل: "ما ذنب أهالي عمان والزرقاء الذين يزيدون على ستة ملايين ليسجنوا في منازلهم لأنه ظهرت 70 إصابة مثلا في المدينتين".
وأضاف منصور أن الحكومة تقوم بعزل العمارات التي تظهر بها إصابات، وتنقل المصابين للمستشفيات، وتحجر على المخالطين، فلماذا إذن تتمادى في العقوبات الجماعية بحجة الصحة والسلامة العامة، وخاصة أن الحكومة خرجت علينا لتؤكد أن سياسات الحظر الشامل أصبحت من الماضي، ولم تثبت جدواها، وأن الخسائر التي يتسبب بها الإغلاق ليوم واحد بالملايين".
"فوضى" العملية التعليمية
وتزامن بدء العام الدراسي الجديد مطلع أيلول/سبتمبر الجاري، مع الإعلان عن تزايد حالات الإصابة بفايروس كورونا في البلاد، لتصل أعلى حصيلة إصابة محلية يومية إلى 69، بعد أن أعلنت وزارة الصحة سابقاً خلو المملكة من الوباء.
وكان الأردن قد اعتمد نظام التعليم عن بعد للعام الدراسي المنتهي، بعد أن قرر منتصف آذار/مارس الماضي، تعليق دوام المؤسسات التعليمية لمواجهة وباء كورونا، ليعود مجدداً في شكل جديد، ليكون بالتناوب بين الأيام للمدارس التي تحقق شروط التباعد الجسدي، وعن بعد للمدارس التي لا تحققها، أو المدارس التي يُكتشف فيها حالات إصابة بالفيروس.
والسبت؛ قالت الأمينة العامة لوزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية، نجوى قبيلات، في تصريحات لفضائية "المملكة"، إن "50 مدرسة تم تعليق الدوام فيها بسبب فيروس كورونا المستجد منذ بداية الفصل"، مضيفة أن "المدارس التي علق بها الدوام بسبب الجائحة تم تحويل التعليم فيها عن بُعد لمدة 14 يوما".
ولفت الخبير الاجتماعي حسين الخزاعي، إلى أن الأردن كان واحدا من 70 دولة فقط في العالم اتخذت قرار العودة إلى التدريس داخل أسوار المدرسة.
وقال إن هذه العودة وضعت المجتمع الأردني في حيرة، "ففي حين لم يكن في البلاد سوى حالة إصابة واحدة بكورونا في 15 آذار/مارس الماضي، اتخذت الحكومة قرارا بتعطيل المدارس والجامعات والتحول إلى التعليم عن بعد، والآن عندما زاد عدد الحالات على 50 حالة يوميا، اتخذت الحكومة قرارا بأن يكون التدريس في الغرف الصفية".
وتوقع الخزاعي أن "تلجأ الحكومة إلى قرار سريع جدا باعتماد التدريس عن بعد، وإعادة غلق المدارس، وخاصة مع بقاء تزايد عدد حالات الإصابة بالفيروس، وتخبط الحكومة في إدارة ملف كورونا في مختلف القطاعات".
وحذر من "حدوث فوضى في العملية التعليمية المدرسية في المملكة، بسبب عدم اتخاذ قرار واضح ومدروس ودائم فيما يتعلق بدوام الطلاب في المدارس، أو اعتماد التعليم الإلكتروني عن بعد"، مشيرا إلى أن "الإغلاقات التي تتم حاليا للمدارس التي يكتشف فيها حالات إصابة بالفيروس ستؤدي إلى عدم انتظام العملية التدريسية، وبالتالي تعيش الإدارات المدرسية والمعلمين والطلبة وأهاليهم حالة من الإرباك والقلق والتوتر".
(عربي21)