زاد الاردن الاخباري -
بعد الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها سياسة إغلاق القطاعات “lock down” التي طبقتها الحكومة خلال الأشهر الماضية لمواجهة فيروس كورونا صحيا، تظهر اليوم سياسة جديدة تنتهجها الدولة هي “التكيف مع وجود الفيروس”.
سياسة التكيف الجديدة التي تنطلق من الانفتاح الكامل للقطاعات وعدم الإغلاق، والاعتياد على الإجراءات الوقائية من عزل صحي وتباعد اجتماعي، وتقبّل وجود مئات الإصابات والحالات، هي السياسة التي رجحت المصالح الاقتصادية على الصحية وهي التي يبدو أنها جاءت بعد ارتفاع نسب البطالة والفقر في ظل الجائحة.
ويرى اقتصاديون أنه ما من مفر من اتباع “سياسة التكيف” في ظل زيادة الأعباء الاقتصادية والبطالة والفقر، وتراجع المؤشرات الأخرى، فالإغلاق بشكله السابق أثبت فشله اقتصاديا وصحيا، بحسب ما يرى رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي، موضحا أن هذا الفيروس لا يمكن السيطرة على انتشاره وأن السياسات التي اتبعتها الحكومة سابقا في هذا المجال كانت كإبر التخدير التي لم ولن تعالج وتواجه هذا الفيروس.
ويذهب وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر مدادحة، الى أن “سياسة الإغلاق” كانت بمثابة خطأ فادح، وأن الحكومة وجهت جهودها نحو محاربة الوباء، تاركة الجوانب الأخرى، لا سيما الاقتصادية التي أثرت أكثر من الفيروس نفسه على المواطنين.
وهو يؤكد أن “على الحكومة أن لا تنسى ضرورة وجود برامج وخطط تنعش الاقتصاد وتحرك العجلة الاقتصادية”.
ويتفق مع ما سبق رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير الذي يقول “الفقر ألعن من كورونا”، وإن الأردن دولة ضعيفة وصغيرة لا يمكنها أن تعوض الخسائر التي لحقت بالمواطنين، حيث إن مقدراتها استنزفت خلال الأشهر الستة الماضية.
لكن هؤلاء يرون أن فتح القطاعات لا بد أن يترافق مع بروتوكولات صحية وإجراءات صارمة، فـ”التكيف لا يكون إلا مع تطبيق صارم لبروتوكول صحي يضمن المحافظة على صحة المواطن والتقليل من الآثار السلبية الصحية على الجميع”، وفق ما يرى المدادحة.
وبين أن القرارات يجب أن تكون مدروسة بأبعادها الصحية والاقتصادية في الوقت ذاته، وفق ما يقول الجغبير، فأي قرار اليوم له انعكاس سلبي.
وضرب مثلا على أن القرارات الحكومة أسهمت في أحيان الى اكتظاظ الناس في مناطق معينة وساعات معينة، وهذا له آثار صحية سلبية خطيرة، كما أن قرارا بمنع المقاصف في المدارس مثلا أثر على تجار كثر.
وإضافة الى التعلميات والقرارات الصحية التي لا بد أن تصدرها الحكومة، لا بد أن يكون هناك رقابة ومحاسبة عالية جدا تضمن التطبيق الصحيح والعادل للجميع، بحسب ما يرى الكباريتي.
ويؤكد الكباريتي أن هناك حاجة الى استراتيجية واضحة وشفافة تبث الاطمئنان في نفوس المواطنين، وتعطيهم شيئا من القدرة على التنبؤ بالمستقبل حتى يستطيعوا اتخاذ القرار المناسب، “فليس من الممكن أن يقوم تاجر باستيراد بضاعة معينة أو بإنتاج منتج معين ليتفاجأ فيما بعد بقرار إغلاق يؤدي به الى خسائر اقتصادية”.
وهو يؤكد ضرورة أن يكون هناك استراتيجية وخطة واضحة حتى لو كانت شهرية تعلن للجميع، بحيث يمكن اتخاذ القرار المناسب بناء عليها.
كما يؤكد الجغبير ضرورة أن تكون هذه القرارات والخطط “بالشراكة مع ممثلي القطاعات المختلفة” ليكون تطبيقها أفضل.
وبين السياستين الأولى والثانية، تبقى الأرقام والإحصائيات هي المؤشر الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه لتقييمها، فقد ارتفعت أرقام الإصابات المعلنة خلال الأيام الماضية لتنتقل من عشرات الى المئات؛ إذ وصل عدد الإصابات أول من أمس الى 206 حالات كورونا.
سماح بيبرس - الغد