ها هي اليوم مصر التاريخ تتوج أبناءها تاج النصر ...وها هي تونس العروبة ترفع عباءتها من جديد .... وتثبتان للعالم أن حرية الشعوب – مهما طال سباتها- لا بد أن تنهض من جديد .. فعروبتنا النامية بين أحشائنا ترفض دوما أن ترقد إلا بسلام ... وتاريخنا الاسلامي العظيم لم يكن يوما الا منهلا ننهل منه أنبل القيم وأسمى الغايات ... ولذا قامت الثورة
نشهد اليوم تاريخا جديدا يُسطّر على صفحات الحياة مكتوبا بدم الشهداء مرسوما بعرق الساعين الى الحياة ... مزخرفا بأولئك الذين كانت تؤرقهم لقمة "عالقة" في حلوقهم ... تنغّص عيشهم ... فلا إلى الموت تنقلهم و لا للحياة تتركهم .... وشع نور الأمل من جديد فها هي الثورات تحصد ثمارها ...ومن جديد عاد ليحلق طائر الحرية ذاته في سماء ليبيا ... ولكن وكما في تونس ومصر ... للحرية ثمن وللحقوق تضحيات .... " وللحرية الحمراء باب ... بكل يد مضرجة تدق "
وللأسف كان للحرية المنشودة في ليبيا وقعا حزينا أشد ألما ... فلم نكن ندرك لا نحن ولا هم أن الصواريخ الليبية ستدمر أرض ليبيا وأهلها .. إنّ ما تخلفه الصواريخ الأجنبية أرحم من تلك التي تخلفها يد طاغية ... تخط يداه اليوم أوراقا حمراء ستلوث كتابه الأخضر فيظل التاريخ يلعن هذه الأيام
أطلق "بوعزيزي" الطلقة الأولى ... وأشعل شرارة للثورة يزداد أمدها يوما بعد يوم بجسده المحترق ... ولم يكن يعلم أن شرارته تلك ستعيد الصحوة الى عالمه ... فبدا وطننا العربي متقلبا على جمر الهزيمة تارة وعلى جمر النصر تارة أخرى ... على جمر الحق حينا ... وعلى جمر الباطل أحيانا ؛ حيث يكون التقليد أعمى ... حتى اذا ما اشتد الوطيس اختلط المنافقون أصحاب الفتن بأولئك الشرفاء الأنقياء الذين لا يحملون على عاتقهم إلا همّ الوطن ولا شيء غيره بعيدا عن أي قذارة محتملة ..
أما الآن فلا نتمنى لوقود الثورة إلا أن ينفد .. ليته ينفد تاركا وراءه رمادا يرمد أهل الفتن فيقعدهم وحضنا دافئا ينعم فيه أهل الاخلاص فيعينهم فلا يتم العمران الا بحب الأوطان ... فلنرقد بسلام وليحلق ذلك الطائر بعيدا بعيدا
اللهم من أرادا الفتنة متخفيا بثوب الاصلاح فخذه أخذ عزيز مقتدر عاجلا غير آجل ... واجعل اللهم كيده في نحره ... اللهم احفظ الوطن بعيدا عن كل فتنة وشر قريبا إلى كل خير ... واحفظ اللهم قائد الوطن ويسر له البطانة الصالحة اللهم آمين