باختصار لا يختلف اثنان على أهمية إجراء الإصلاحات في المجالات كافة ، لكن ليس من منظور أن التشريعات والقوانين والأنظمة التي قامت عليها الدولة الأردنية منذ نشأتها وما تبعها من تعديلات " سيئة " أو لأن نظامنا السياسي دكتاتوريا واستبدادي وتولى قيادتنا حكام طغاة أقدموا في يوم من الأيام على إعدام أو تقليع أظافر ... على خلفية مواقف سياسية ومؤامرات لقلب نظام الحكم ... بل لأننا عشنا وعاش آباؤنا وأجدادنا ومنذ تأسيس دولتنا وحتى يومنا هذا في أجواء الحرية والقيم الإنسانية ونتطلع دوما إلى التطوير والتحديث. بحمد الله أن الاردن ليس بالصورة السوداوية التي يحاول البعض أن يرسخها مستغلين ومقلدين لما جرى في عدد من الدول التي نعرف نحن " الأردنيون " مثل شعوبها كيف نشأت أنظمتها ونصب قادتها وكيف أحكموا قبضتهم على مواطنيها " بالحديد والنار والدم " الذي لم نعرفه في تاريخ الدولة الأردنية حيث شهادات من تغربوا من أبناء الوطن وشهادات من زارنا من مختلف الدول العربية والأجنبية . لا يوجد في العالم اجمع دولة " فاضلة ومثالية " والفساد الذي هو أساس البلاء لا تخلو منه أية دولة بكونه سنة البشر " الشر والخير " وهنا لا ابرر ، لكن مستوياته تختلف بين دولة وأخرى بقوة تطبيق القانون ، والأردن يبقى الأقل معاناة من هذه الآفة ... لماذا ؟ لأننا أسرة واحدة جبلتهم أواصر القربى والنسب ، نعرف بعضنا بعض بصورة أو أخرى ، لا تخفى خافية على احد . على خلفية الحراك الشعبي الذي شهده الأردن للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية انبرت مجموعتين للصيد في الماء العكر الأولى بعض الأحزاب التي ما زلت تعاني من ثقوب في مسيرتها حيث سعت إلى استغلال هذه الموجة لغايات إثبات وجودها على الساحة متجاوزة بصورة سافرة على الخطوط الحمراء التي تمثل القاسم المشترك بين غالبية المواطنين " علاقتهم مع القيادة الهاشمية ودور ومسؤوليات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية و الوحدة الوطنية " والمجوعة الثانية هم أشخاص " نفعيون " من بينهم مسؤولين سابقين فشلوا في المواقع التي تولوها ومعهم كتاب وصحفيين ووسائل أعلام أتقنوا فن الابتزاز ، غير آبهين لما قد تؤول إليه أحوال الوطن جراء نفث سمومهم ودسها في الدسم . لا يفوتني يوميا قراءة ما يكتب في الصحف والمواقع الإلكترونية وتبثه الفضائيات ومحطات الإذاعة حيال الشأن المحلي من إخبار ومقالات وتحليلات وما دفعني إلى كتابة هذه المقالة ليست الأحزاب التي لم تبدي في يوم من الأيام موقف " حسن نية " تجاه الوطن وأهله وقيادته بل مقالات وتحليلات لأشخاص في متنها سم قاتل على قاعدة " قولة حق يراد بها باطل " فهذه مقالة يتباكى كاتبها فيها على من شاركوا في اعتصام دوار الداخلية ساردا معلومات مغلوطة وكأنه الشاهد الوحيد عليها ليصل إلى توجيه الاتهامات إلى جهات رسمية بتجييش فريق ثاني ضدهم وهذا آخر يغمز في مقالته على الأجهزة الأمنية محرضا إفرادها بالثورة ومطالبا بحلها وكان في العالم دولة تخلو من وجود أجهزة أمنية أو أن أجهزة الأمن فيها يختلف أدائها وعملها عن باقي ما هو في الدول الأخرى . وكاتب ثالث يفسر زيارة جلالة الملك إلى الوحدات على هواه منطلقا من الوحدة الوطنية ليعطي في تفسيره اخوتنا الفلسطينيين ثلاثة حقوق " حق المواطنة الكاملة في المشاركة في شؤون الدولة الأردنية وحق العودة إلى فلسطين وحق التعويض مقابل عدم العودة " ثم كاتب رابع يتباكى على الأحوال الاقتصادية لأبناء الإطراف الذين يقطنون في المحافظات البعيدة عن العاصمة لينصب نفسه في ختام مقالته متحدثا باسمهم لا بل باسم الشعب الأردني فيكيل الاتهامات جزافا لأجهزة الدولة بأنها وراء مواقف من يرفضون ما ينادي به البعض بشأن النظام السياسي وقوانين الانتخابات والأحزاب والاجتماعات . وتنهي كاتبة مغمورة مقالتها متحسرة لعودة الهدوء والعقلانية إلى المجتمعات الأردنية بعد أن سردت بإثارة ما بعدها إثارة الذي شهده الأردن في الاعتصامات السلمية وغير السلمية . الجندي والموظف والشرطي والصحفي والمهندس والطبيب والمزارع والراعي ... بشر لهم أحاسيسهم ومشاعرهم وأهوائهم ... منهم من يعبر بالكلمة والموقف ومنهم من يعبر بطرق أخرى قد لا تكون مقبولة أو لائقة من وجهة نظر آخرين لكنه في النهاية هو حق لهم ما دام لا يسبب ضررا ومن هنا يتوجب على الجميع أن ُيقيم كلمته أو موقفه أو تصرفه لا أن يكيل التهم حين يتبين انه كان ضعيفا وغير مؤثرا في الآخرين .
majed_quraan@yahoo.com