بقلم :- وليد خليفات
إن التجاوزات التي قام بها رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة كانت مثار جدل في الأوساط الرسمية والنيابية والشعبية ، فبرغم ما أثير حول تجاوزاته الا أن الرئيس ذلك الحين ظل يرتكب الأخطاء دون مبالاة او خوف او وجل ضارباً بعرض الحائط كل القوانين والأنظمة التي تمنعه من ذلك .
أن ما يميز مجلس مفوضية سلطة إقليم العقبة الاقتصادية عن غيرها من الدوائر الحكومية ذات السيادة باتخاذ القرارات دون الرجوع لمجلس الوزراء هو أن لديهم القدرة والقوة في اتخاذ القرارات بتعديل أي من مواد نظام الهيكل الإداري الداخلي العام لسلطة الإقليم ، وان استغلال السلطة والنفوذ والتأثير من قبل الرئيس المهيمن على المجلس قد جعل من هذا المجلس أداة لتحقيق أهداف شخصية تصب في مصالحه الخاصة, وفي مصلحة الأشخاص المقربين منه وعلى حساب المصلحة العامة العليا لسلطة الإقليم, وقد تعدت التجاوزات (عفواً القرارات المتخذة ) كل عبارات العجز الذهني التي تمثلها كلمة (مستحيل- او لا يجوز – او لا يستطيع).
و اليكم بعضا مما استطعنا تجميعه على شكل قضايا لا نحكم فيها وإنما نطرحها لكم:
الأولى :- كانت بتعديل مسمى سكرتيرته الخاصة لتصبح منسقة شؤون المرأة, وبذلك حصلت على درجة امتياز مما يؤهلها بأنها ستحصل على تعديل على راتبها الشهري, وهذا التعديل جعل السكرتيرة إياها احد أهم أربعة أعضاء في سلطة إقليم العقبة الاقتصادية, وهي بالمناسبة كانت أول سكرتيرة تحظى بمثل هذا المنصب الرفيع, وعلى ضوء ذلك قام مجلس المفوضين في السلطة بتعديل مادتين في نظام موظفي سلطة الإقليم لمدة يوم واحد فقط بهدف تمرير قرار رسمي يسمح بتعديل مسمى السكرتيرة الوظيفي الى منسقة شؤون المرأة بسلطة الإقليم, ومن ثم قاموا بعد تعديل المسمى الوظيفي بإصدار قرار آخر يقضي بإلغاء التعديل نفسه, بقي أن نقول أن فارق الراتب الذي تسلمته السكرتيرة المترقية بلغ فقط (17الف) دينار اردني .
نتساءل هنا وبسوء نية: هل ديوان المحاسبة كان على علم بما جرى؟، ولما لم يتم التحقيق بالموضوع ذلك الحين علماً ان هناك صرخات قد دوت بتظلم من أناس افنوا أعمارهم في خدمة هذه السلطة وهم ينتظرون الفرصة المناسبة لنيل حقوقهم بالترقية, الا ان النتائج كانت: ان الرياح جرت بما لا تشتهي السفن فالسكرتيرة ( كوشت ) على المنصب الذي يتنافس علية أهل الخبرة الطويلة الذين أفنوا أعمارهم بإنتظار من ينصفهم بحقهم الوظيفي المغتصب.
ثانياً :- يتقاضيا مبالغ خيالية من المراكز التدريبية التي تحال عليها عطاءات التدريب,شخصية متسلطة بوظيفة مدير الموارد البشرية, وهو رجل شكا البعض من موظفي سلطة بأنه كان رجلا ظالما, حيث انه كان يلعب بأقدار الناس ومصائرهم ويشاركه في ذلك موظف تم ترقيته من الدرجة 8 للدرجة 12 قفزة واحدة بسبب قربه من احد المدراء المفوضين في السلطة على ذمة الراوي، وهذا الأخير يقوم بمشاركة مدير الموارد البشرية في اللعب بمصائر الناس ايضا, فهم من كانا يتقاضيا تلك المبالغ الخيالية من المراكز التدريبية التي تحال عليها عطاءات التدريب .
ثالثاً :- بعدما افتضحت الامور وتفاقمت و اصبحت مطلع كل حديث في مقالات عدة وصحف يومية, قامت الحكومة بتشكيل لجنة رفيعة المستوى للتحقيق في تجاوزات ومخالفات مالية و إدارية كانت تتعلق بعطاءات طرحتها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وقام ديوان المحاسبة بضبط تجاوزات ومخالفات مالية وإدارية تتعلق بعطاءات طرحتها سلطة المنطقة الاقتصادية الخاصة تعود للعامين 2007 و,2008 وجرى تشكيل لجنة حكومية رفيعة المستوى للتحقيق فيها.
بعد ان تحقق فريق ديوان المحاسبة بوجود مخالفات ضخمة بطرح عطاءات, وطرق تم تنفيذها, قام الفريق بوضع يده على كافة التفاصيل الفنية والإدارية في طرح هذه العطاءات وتنفيذها, وتم كشف جميع المخالفات المالية والإدارية فيها وبناءاً عليه تم تشكيل لجنة لتباشر التحقيق الرسمي مع المسؤولين أصحاب القرار, وتشمل التحقيق في كل التجاوزات والمخالفات المذكورة وهي عشرة عطاءات, معظمها خدماتية, جرى طرحها والبدء في تنفيذها بين عامي 2007 و2008, وتلخصت معظم المخالفات الإدارية والمالية بإحالة عطاءات على شركات غير مستوفية للشروط, والتساهل في شروط التنفيذ, وصرف مستحقات مالية قبل موعدها, وتغاضي موظفي ومراقبي سلطة العقبة الاقتصادية عن عدم التزام منفذي العطاءات بشروط التنفيذ من النواحي الفنية.
جرى التحقيق الأولي الذي شكلته لجنة ديوان المحاسبة وقد تم الكشف حصراً عن وجود تجاوزات ومخالفات ذات عدة أشكال في عشرة عطاءات وهي: عطاء إدارة خدمات النظافة لبلدية العقبة، وعطاء توريد ضاغطات نفايات، وعطاء صيانة ساحات وطرق في العقبة، وعطاء مواقف اصطفاف الحافلات السياحية، وعطاء تحسين في شارع الفاروق، و تلزيم تنفيذ فتوحات ترابية لطرق شمال المدينة، وعطاء للأعمال الترابية لتحويل مجرى مياه وادي اليتم، و تلزيم مبنى مركز حدود الدرة، و تلزيم أعمال نقطة انطلاق رحلات طابا.
بعد كل ما ورد من تجاوزات ومخالفات قانونية وفساد واستغلال للوظيفة العامة كانت النتيجة ما يلي :-
- بتاريخ 23 تشرين الثاني 2008 أوقف رئيس الوزراء نادر الذهبي تنفيذ مشروع تطوير عقاري جنوب المملكة تنفذه شركة مملوكة لزوجة رئيس السلطة على اعتبار انه يشكل بذلك مخالفة قانونية .
- رئيس الحكومة نادر الذهبي أوقف الجزء الثاني من عطاء المرحلة الثانية لتطوير المنطقة الصناعية في العقبة وذلك لأسباب تتعلق بأن العطاء أوقف بسبب مخالفته قانون السلطة الذي يحظر اي مصالح تجارية تربط المسؤولين فيها او أقاربهم بالمنطقة وبما أن الشركة التي ربحت العطاء هي بالأصل تعود ملكيتها لزوجة الرئيس فقد أصبح مما لاشك فيه ان إحالة العطاء تشوبها الشبهات.
من هنا نرى ان الموضوع ليس فقط قضية معينة بحد ذاتها وإنما منظومة متصلة ومتوافقة في الغايات والأهداف, وما زال البحث جار عن المزيد من القضايا وان كانت الرياح تحمل بشائر قضايا جديدة تمت في أكثر من عهد حتى عهدنا هذا.
وسلامة فهم السامعين