الدكتور: رشيد عبّاس - منذُ فترة حاولت مرارا وتكرارا تحليل طبيعة احد نساء العرب والتي تدعى جهينة حيث جاء على أعتابها المثل العربي الشهير وعند جهينة الخبر اليقين, وفي كل مرة كنت أفشل فشلا تكتيكيا, لكن تبين لي لاحقا أن جهينة هي الوحيدة في قومها وعشيرتها التي كانت على علم كامل بكيف ومتى واين قُتل أخيها,..نعم عند جهينة الخبر اليقين, هذا المثل قيل إنه من أشهر الأمثال التي قالتها العرب، حيث يُقال عند الرغبة في معرفة الأخبار وتحليلها، والتحري من صحتها ودقتها مهما حاول البعض إخفاء معالم وأثار الخبر.
القصة باختصار: صحيفة إسرائيلية تدعى إسرائيل هيوم تعدّل تصريح السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان عن سعي واشنطن لاستبدال عباس بدحلان! حيث عدّلت صحيفة إسرائيل هيوم تصريحا نقلته عن السفير الأميركي لدى إسرائيل عن سعي واشنطن لاستبدال الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس واختيار محمد دحلان، وذكرت الصحيفة الموالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن فريدمان قال إن واشنطن لا تفكر في ذلك، وإنه ليس لديها رغبة في هندسة القيادة الفلسطينية, حيث إن الصحيفة عدّلت التصريح في بعض مواقعها، ولكنها أبقت عليه حتى اللحظة في موقعها الأساسي, وأن الضجّة التي أحدثها التصريح دفعت الصحيفة للتظاهر بأن مراسلها أرئيل كاهانا أرتكب خطأ مطبعيا ليس أكثر.
في هذا الإطار, المضحك المبكي في نفس الوقت ان الخبر قبل التعديل كان: واشنطن تفكر في استبدال عباس بدحلان, وبعد التعديل سبحان الله اصبح الخبر واشنطن لا تفكر في استبدال عباس بدحلان,..المشكلة هنا ان هؤلاء يعتقدوا ان جينات ابا جهل ما زالت فينا, وان التنقل الصحفي بين لا النافية, ولا الناهية, ولا الزائدة اعلى من مستوى فهمنا وادراكنا, وان مثل هذه البالونات وردود الفعل لها لن يدركها الشعب الفلسطيني,..والصحيح ان جينات ابا جهل تلاشت منذُ قرون, وان الّـلاء في التعديل زائدة في الخبر الذي تم تعديله, وان الشعب الفلسطيني غير المؤدلج لديه من الوعي ما تعجز عنه كثير من الشعوب والأمم.
يبدو أن هناك جهينة من نوع جديد ظهرت في فلسطين تدعى إسرائيل هيوم وهي صحيفة إسرائيلية حاقدة, ولدى تلك الصحيفة ومراسلها حقيقة وتفاصيل تصريح السفير الأميركي ديفيد فريدمان بشأن استبدال عباس بدحلان, ويحق لنا هنا أن نقول والحال هكذا: وعند إسرائيل هيوم الخبر اليقين, فالقصة لا تحتاج إلى تحقيق وتحقق, فالصحيفة التي جاء الخبر على صفحاتها موجودة, والمراسل الذي نقل الخبر أرئيل كاهانا والذي قيل عنه إنه أرتكب خطأ مطبعيا ما زال حي يرزق, والأرشيف المعني بذلك يمكن العودة إليه في اي لحظة وبأقل من رمشة العين, ولا داعي للّف والدوران والتمحور والانبطاح والنطنطة هنا وهناك.
الحقيقة التي لا تقبل الشك ان اليهود ممثلين بصحيفة إسرائيل هيوم وغيرها من الصحف لديهم قدرات عالية على تغيير الحقائق وقلبها رأسا على عقب..كما كان ذلك من قبل عند كل من الدولة العباسية والدولة الأموية والدولة العثمانية في تشويه وتغيير الحقائق الدينية والتي قطفنا وما زلنا نقطف ثمارها حتى يومنا هذا تحت مسمى البدع الدينية, تلك التي يتمكيج بها ويتزين الكثير من المنافقين المستفيدين من أبناء جلدتنا.
وبعد, الشعب الفلسطيني الأصيل يعرف تماما من هي جهينة, ويعرف أيضا من هي إسرائيل هيوم, ولا داعي للنطنطة, فقد علمني أبي رحمه الله رحمة واسعة, علمني أن كثير النط قليل الصيد..نعم فلسطين تنظر رجال سعوا لظل الاخرة وليس لـ(ظل) الدنيا, ..رجال لم يولدوا بعد, والبقية عندكم.