بأختصار! ماذا نريد؟
ان الحديث الأكثر تداولا في الآونة الأخيرة والمتعلق بالأحداث على ساحة الوطن, يكاد ينصب في ثلاثة محاور رئيسية, أولها الإصلاح السياسي وثانيها الفساد وثالثها الهوية الاردنية ومن ثم الاجتهاد لكل من أراد ان يتميز في طرحه عن غيره, ولكل من هذه المحاور تفرعاتها وتشعيباتها, والمحلل النبيه يعرف ان المحاور والتفرعات جميعا تنطلق من نقطة واحدة مشتركة الا وهي انه ما عاد لما كان ان يستمر ولا بد من التغير والتحسين, ولكن المشكلة الأهم والأخطر التي برزت مؤخرا هي أننا لم نعد نعي ونعلم ماذا يدور حولنا, وماذا صنعنا لوطننا بأنفسنا في الخارج, وكثيرا في الداخل .
الإصلاح السياسي
حقيقة ان اختصار مطلب الإصلاح في المنظومة السياسة فقط، أمر غير مفهوم وغير واضح, فالعمل في جزئية صغيرة من ضمن حلقة كاملة , يأخذنا بالنهاية إلى نتيجة هي لا اصلاح أساسا، فالتغير الاصلاحي اما يكون شاملا وأما لا يكون, والشمولية في سبيل الوطن تقبل التدرج المتزن العقلاني, وحتى لا يكون الإصلاح مختزلا في زاوية واحدة ومنظور إليه من وجهة أحادية او فردية, وبنفس الوقت والاهم ايضا يجب ان يكون الإصلاح عجلة تدور في كل الاتجاهات وفي كل الأوقات, لا نريد إصلاحا موسميا او ظرفيا, يجب ان يكون الإصلاح منظومة وطنية تعتمد على الظروف المستجدة وعلى المرونة في معالجة قضايا الوطن سواء في الشؤون الداخلية او الخارجية, ان الإصلاح ايضا من الأهمية بمكان ان يكون مشرعا له ومؤسس بشكل نظامي, له مراحله وخطواته المرتبة والمتسقة, ولا يجوز ان تسبق درجة اخرى فالسلم لو تم إصلاحه كله باستثناء درجة واحدة يكون غير منجز, ونعم الإصلاح لا استثناء له أبدا, ويجب ان يكون أجندة عمل وطني وليس شعارا يدعى لتنفيذه بين الفينة والأخرى موسميا, مشروع الاجندة الوطنية الذي تم محاربته دون مبررات واضحة الا انه يفتح باب الشك بأنه يعرقل المصالح والاجندات الخاصة، نريد اجندة وطنية طموحة تمتد الى المدى المستقبلي البعيد ، تلزم اي مسؤول بها والمضي في تنفيذها، وليس ما هو الحال، كل وزير يأتي يَجبُ ما قبله من تشريعات وقوانين ، حيث ارهق هذا الوطن تعدد الحقائب الوزارية، والتغير في الفكر وعدم وضوح الرؤية والتخبط الواضح في القرارات وعدم التنسيق بين الوزارات, الأمر الذي يؤدي إلى ضياع فرص استثمارية كثيرة على هذا الوطن، وهي عدم الثقة بالحكومة الاردنية لانها متقلبة وما ان تبدأ حتى تبدأ بجمع أوراقها للرحيل.
الفساد .. محاربة ام وقف ام تصفية حسابات؟؟؟؟
هنا نجد ان الأوراق تختلط وتتشابك الأغصان, الفساد لم يعد موضوع يراد من ورائه معالجة ظرف وإنما مجرد إعلان شعار بغض النظر عن التفاصيل وعن المصلحة العامة, اخبروني عديد الأصدقاء من الخارج وأغلبيتهم أردنيون مغتربون, ان السمعة الاستثمارية او الاقتصادية للمملكة الاردنية في الخارج تكاد تكون أسوأ من الوضع في الصومال, وان هروب رؤوس الأموال الجبانة بطبيعتها أمر سيكون له وقع سيء جدا على مستقبلنا, سواءا حينها عملنا الإصلاح أم لم نعمله فلا فرق لان البلد سيكون في أسوأ مراحله الاقتصادية, وإصلاح بلا اقتصاد هو لب الخراب بعينه, لنوقف هذه المهزلة ولنحتكم الى القانون ولنثق في القضاء, لنعمل بصمت لوقف النزيف أولا, ثم إعادة ما يمكن إعادته وتوظيفه لخدمة الوطن, ثم ليقول القضاء كلمته في موضوع الحساب, ولنحترم فصل القضاء, لتتوقف هذه المسرحية التي لا نعلم تخدم من وحتى من يخدمها؟؟, لنستعين على قضاء حوائجنا بالكتمان, ولنداوي جروحنا دون ان يشعر العالم كله بذلك, بلد بموارد الاردن الاقتصادية وهذا الحديث الملحمي عن فساد بمئات المليارات أمر يفقد كل متزن عقله, حتى, نعم حتى وان صح كل ما يرمى كتهم, فلنعقل ولنستعين, ولنتأكد ان المعالجة تتم بهدوء وفق قاعدة المصلحة العامة أولا, ان لم نثق في قضائنا فعلينا السلام, وان كان القضاء لا يغطي كامل الحالات والقضايا فلنعمل على توسيع رقعة التشريع والقوانين له, لنعطهم الفرصة لخدمة وطنهم بأصعب واجب يواجهه الإنسان في حياته وهو القاضي.
الهوية الاردنية( المواطنة)... تميز اردني لا مثيل له في أي نظام سياسي في العالم:
هذه قضية مهمة جدا لا بد من التركيز عليها حاليا قبل أي شيء, وهي قضية الهوية الوطنية, قضية المواطنة الاردنية, قرار فك الارتباط بين الدسترة او الإلغاء, فلا بد من ان يطرح كل فريق وجهة نظره ولنحتكم الى أسلوب وطني نزيه في الاتفاق على انهاء هذا الملف مرة واحدة والى الأبد, لنحتكم الى الدستور ولنعتمد على منظومة الإصلاح الشامل ولنتمسك بالثوابت الوطنية التي بني على أساسها الوطن, ليس كل قديم غير نافع, فمن لا قديم له لا ينتظر جديدا ينفعه.
من حق وطننا ان يقول كلمته, من حقه علينا ان نقدمه فوق أي شيء, من حق وطننا كل شيء من اجل رفعته وبقائه دائما أبدا.
الاجتهاد:
هنا سأضرب مثلا توضيحيا لا أكثر, قرأت أكثر من أربعة بيانات لأربعة حركات وطنية على الساحة, تناولت مواضيع الضمان والضرائب مثلا, ولكل منهم أسلوب وهدف مختلف عن الأخر, فكيف العمل اذا؟ هنا يجب ان لا تطرح الاجتهادات كنوع من أنواع الإصلاح بل هي مجرد أفكار ومقترحات ان ثُبتت قواعد الإصلاح كمنظومة اصبحت نظريات قابلة للدراسة والتنفيذ.
الحوار الوطني
قد يكون جلالة الملك على كثرة ما تعرض له من انتقاد حين أطلق الحوار الوطني واقتصر في الأحزاب والانتخاب, قد تكون اللبنة الاساسية في الإصلاح هو وجود مجلس نواب قوي, تفرزه أحزاب قوية, تؤدي الى وجود حكومة قوية تواجه قوة النواب والأحزاب, و حينها ستختلف القضية كليا, وستضبط الامور أكثر, فحساب كل مخطئ سيكون سريعا قويا, وان فسد زيد فعمرو لهم بالمرصاد, الرقابة الفعالة النزيهة والتشريع الصحي والقضاء الحر هي نظام الدفاع الأهم لأي دولة وكيان سياسي.
ليس الاختصار فيما نريد من باب التبسيط او إنقاص الامور أحجامها, ولكن الاختصار يأتي من باب التأكيد والتركيز فيما نريد, فالمختصر المفيد أهم لدينا من كثير كغثاء السيل, ولنتمهل ونتريث فهو الوطن الذي ينادينا, ولنتذكر جميعا ان من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه, فكيف ان لم نكن نملكه أصلا؟؟؟؟؟؟؟
حازم عواد المجالي
Hazmaj1@gmail.com