طلبات اعادة الهيكلة وحتى اجراءات الفصل من العمل تتزايد في العادة خلال شهري كانون الاول من العام الذي مضى وكانون الثاني من العام الجديد, على اعتبار انهما بداية لسنة جديدة لا بد وان يدفع بعض العاملين في المصانع والشركات والبنوك وغيرها من مجالات العمل الاخرى, ثمن قدومها على شكل معاناة من فقدان مصدر الرزق الذي بذلوا فيه ذوب عرقهم ووجدانهم طيلة سنوات, وبدلا من ان ينتظروا هدية عيد رأس السنة مكافأة لهم على جهودهم, تنهال عليهم احيانا تبليغات تسريحهم من الخدمة من دون اي كلمة شكر او اعتراف بما سبق وان قدموه في المواقع التي كانوا يشغلونها.!
الغريب في الامر ان ذلك يتم في كثير من الاحيان, رغم تحقيق ارباح مرتفعة لسير العمل خلال عام كامل, يفترض ان تنعكس خيراتها على من قدموا افضل ما لديهم في سبيل نجاح الشركات والمصانع والبنوك وغيرها, ولكن يبدو ان بعض القائمين على الامر من اصحاب العمل والادارات المعنية, يطمحون الى رفع النسبة اكثر مما هي عليه فلا يجدون سوى العاملين لديهم وسيلة لتحقيق هذا الهدف, فيلجأون الى التدقيق في قوائم اسماء لاختيار من لا يوجد لهم اي سند او وساطة, كي يكونوا ضحية اجراءات تعسفية ترميهم الى الشوارع بجرة قلم لا تعرف الرحمة.!
يتكرر الامر نفسه ولكن بصورة اشد قسوة , عندما تنخفض الارباح عن مستواها السابق من دون اي اعتبار بالطبع لانعكاسات ظروف الازمة الاقتصادية او البحث في تطوير اساليب العمل او تحديد العوامل الحقيقية التي ادت الى ذلك , لان الحل الوحيد الذي يزيد الارباح في نظر المسؤولين ذوي العلاقة جاهز تماما الا وهو فصل عدد من العاملين لديهم, اما اذا ما تحققت خسارة ورقية فقط لا غير يتم التحايل فيها على مدققي الحسابات, فان المبررات موجودة ولا مفر من قطع الارزاق حتى لو كان يعادل قطع الاعناق ولا حاجة لالقاء اللوم على سوء الادارة.!
يتردد ان وزارة العمل ستعيد النظر في عملية تدارس طلبات اعادة الهيكلة التي تتقدم بها بعض الشركات والمصانع وغيرها من اجل اضفاء صفة المشروعية على ما تقوم به من عمليات فصل جماعي, وان اتحاد نقابات العمل هو الاخر ينظر بقلق الى حجم اجراءات التسريح من العمل وانه ينوي اتخاذ مواقف متشددة في اللجنة الثلاثية المخولة ببحث ايه طلبات في هذا الشأن, والتي تضم وزارة العمل والعمال واصحاب العمل, وفي حال الثبات على مثل هذه التوجهات الايجابية بين طرفين رئيسيين في هذه المعادلة, فان نسبة المفصولين ستتقلص الى ادنى مدى ممكن, وتقتصر على حالات معينة وفي حدودها الدنيا لاعتبارات تفرضها طبيعة اوضاع العمل, مع ضمان كافة الحقوق المترتبة لامثال هؤلاء.!
اخر احصائية حول نسبة البطالة في الاردن تم اعلانها خلال العام الماضي 2009م , وكانت حوالي 13% بانخفاض نسبته واحد بالمئة عما كانت عليه خلال العام الذي سبقه. وقع ان البعض يشككون في حقيقة هذا الرقم ويعتبرونه غير متوافق مع عشرات الالاف من العاطلين عن العمل في مختلف المجالات والذين يتزايدون باعداد كبيرة يوما بعد اخر, وبغض النظر عن اختلاف الاراء في ذلك بين مؤيد ومعارض , الا ان تزايد عمليات الفصل من العمل باعداد كبيرة مع حلول العام الجديد 2010م, يؤكد ان هذه النسبة قد تكون في طريقها الى ارتفاع قياسي, اذا لم تتخذ الاجراءات الحازمة والوقائية لحماية العاملين من مصائب فقدان اعمالهم.!0