ألا يكفي بأننا غرباء في أوطاننا ..؟ نمشي على حد القهر و ننام على فراش الألم ..؟ ألا يكفي أننا نلهث خلف اللقمة طوال اليوم كي نشرق فيها مساء..؟ كأننا نعيش لكي ننظر لبعضنا في دهشة ؛ نضحك أو نبكي و نمضي نحو أحلام مقتولة سلفاً..!
كلّنا لا نعرف ماذا نريد على وجه الدقّة و التحديد..كلنا غارقون في غياهب الضياع ..حتى الذي يرسم يومه و شهره و سنواته بالقلم و الورقة يعيش عذابات :ماذا أريد..؟ لأننا أوطان بلا هوية واضحة ..أوطان بلا أعداء متفق عليهم بشكل نهائي..أوطان تنزف بالمجّان بل و تدفع ثمن النزف كي تبقى في واجهة الأحداث..!
ديننا قامت عليه فرقٌ و طوائف و كلّهم يقولون لك : الحقّ واضح و أبلج إذا أردتَ الصحيح..وكلّهم يدعون أنهم هم الصحيح وإن لم تتبعهم جميعاً و تمزّق نفسك وتدّعي بأنك منهم فأنت محكوم عليك بالردة أو الكفر أو الفسق أو الجهالة أو أو أو فأنت مطعون بعقلك على كلّ حال..حتى لو أردتَ أن تستفتي قلبك فقلبك في نظرهم لا يقودك إلاّ إلى هواك و آه من هواك ..!
أوطاننا ..يقفون عليها شللاً و حيتاناً و عصاباتٍ متناقضة متحاربة متكايدة متماكرة و كلهم من خلفهم مصفّقون و أذنابٌ و (مصلحجيّة)..يرسمون لك ما هي الوطنيّة ..و إن لم تتبع وطنيّتهم فأنت لا تحب الوطن وأنت لا تعرف أي وطن يقصدون ..!
ضائعون يا سادتي ضائعون ..نركض للغربة هروباً من الوطن كي لا نعيش الغربة في الوطن ؛ كي نحب الوطن أكثر ونحن بعيدون عنه ..!
يا سادة : ما فاز إلاّ الذي لم يولدْ بعد و يرفض الولادة و المجيء..!