سجلت حكومة الرفاعي هدفا ذهبيا حينما قررت إلغاء ضريبة الثقافة على الصحف ونسبتها 1%، وبهذه الخطوة حصلت على شعبية لدى الصحف التي اعتقدت أن السلطة التنفيذية تسعى لتخفيف الضغوط عن السلطة الرابعة بهدف الارتقاء بمستواها ومستوى العاملين فيها من صحافيين وفنيين.
وفعلا تحققت هذه الغاية، إلا أن ما خبأته الحكومة للصحف في طيات قانون ضريبة الدخل المؤقت كان أخطر وأشد وطأة على الصحف، حيث أقرت الحكومة فرض 5% ضريبة على الخدمات التي تقدمها الصحف ومنها الإعلانات والاشتراكات.
وبموجب القرار يتم اقتطاع 5% من دخل الصحف المتأتي من خدمات تقدمها، والحصيلة أن هذا القرار أخطر ألف مرة من قرار الـ1% الذي تغنت الحكومة بإلغائه باعتبارها الداعم الأول للإعلام والصحافة والصحافيين.
وفقا لبنود قانون الضريبة الجديد يتم رصد المبالغ المقتطعة في حساب للصحيفة لحين ظهور النتائج المالية، حيث يتسنى بعد ذلك للصحف مراجعة دائرة ضريبة الدخل من أجل عمل مقاصة بين ما يترتب عليها من ضريبة على صافي الدخل وبين تلك التي حصلتها الحكومة.
وهذا السلوك سيضر بمصالح الصحف ويسحب جزءا من السيولة التي تتوفر لها، في وقت تعاني القطاعات الاقتصادية كافة من شح السيولة، نتيجة تشدد البنوك في منح التسهيلات.
وها هي الصحف التي تجهد منذ اندلاع الأزمة المالية في الحفاظ على مستواها نتيجة التداعيات الكبيرة للأزمة على الاقتصاد بشكل عام وعلى الصحف بشكل خاص، تتلقى ضربة جديدة من الحكومة بفرض هذه الضريبة على الصحف.
القرار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ، يجعل الصحف تتحسر على القرار القديم، كون ما أتت به الحكومة الحالية أصعب وأشد خطورة على استمرارية الصحف ومقدرتها على تحسين منتجها في ظل سيطرة عقلية الجباية على الحكومة وتقصيرها وضعف خيارتها في إيجاد سبل أخرى لحل مشاكل عجزها ومديونيتها إلا جيوب الناس، ومستقبل المستثمرين.
الحكومة بدأت تكشف عن نوايا وخطط ترتكز على فرض مزيد من الضرائب على قطاعات عانت طوال العام الماضي من نقص السيولة، وبدأت تعد العدة للعام 2010 باعتباره عاما صعبا، والظاهر أن الحكومة تسعى لتقييد هذا القطاع الذي يعنى بالتثقيف والوعي والمعرفة والتنوير.
ليس من حق الحكومة أن تستمر بتحصيل 5%، كونها مخالفة لفكرة القانون الذي يفرض الضريبة على صافي الدخل وليس اعتباطيا بهدف تحقيق غاية واحدة تتمثل بجمع المزيد من الأموال بغض النظر عن المصدر.
إثبات حسن النوايا من قبل الحكومة تجاه الصحف، يتطلب العودة عن هذه الخطوة وإدخال تعديل عليها، باعتبارها ضربة موجعة تهدد بإغلاق صحف، وتراجع أداء أخرى.
هذه دلالة جديدة على أن قانون الضريبة الجديد ليس مشجعا وغير محفز للاستثمارين المحلي والأجنبي على حد سواء، بل طارد ومخرب للاستثمار.