( فساد الوزراء برعاية الدستور !! )
يحمل الدستور الاردني في ثناياه ضمانات تشكل الحمايه ( الشبه كافيه ) لقطاع الوزراء العريض فيما يخص المساءله القانونيه على اعمالهم وقراراتهم المتعلقه بواجباتهم الوظيفيه , ورغم الحديث الشعبي المتزايد عن الفساد والذي بات يسود اغلب احاديثنا وعلاقته الوثيقه باسماء الوزراء لدينا ممن تبوأوا الحقائب الوزاريه واوغلوا في الوطن فساداً ومحسوبيه وتطاولاً على المال العام الا ان الحاصل بانه لم يتم ادانة اي وزير اردني على مر الازمان بقضية فساد نتيجةً للنصوص الدستوريه الكافله لاعاقة مسائلة الوزير وتقديمه للمحاكمه .
المتتبع للنصوص الدستوريه المعنيه بمحاكمة الوزراء يجد الجواب الشافي حول السؤال الذي يتكرر دوماً في مجالس الاردنيين والذي يدور حول الاوضاع الداخليه والوزارات المتخمه بالفساد فاين هم الفاسدين ؟؟!! وهل بات الاردن يخضع لمعادله عقيمه فرضتها مراكز القوى المتنفذه تبيح لنا البحث عن الفساد من غير المفسدين ؟!! وهل اصبح السبيل الانجع للافلات من العقاب والمساءله هو الحصول على لقب ( معالي ) حتى يصار للاحتماء بنصوص الدستور الاردني واجراءاته الشكليه المعقده والمطلوبه حتماً لمساءلة اصحاب المعالي والتي كرّمتهم بتخصيصها مجلساً عالياً لمحاكمتهم بعد اعطاء مجلس النواب الحق في التجرؤ على اتهامهم باكثرية ثلثي اعضاء المجلس البالغه ( 80 ) نائب وبعدها يتطلب الدستور اغلبية ستة اصوات من اعضاء المجلس العالي البالغ عددهم ثمانية اعضاء لادانة الوزير , فاذا كان عدد سكان المملكه يبلغ ستة ملايين مواطن اردني تقريباً فان ال ( 80 ) نائب يمثلون ما نسبته اربعة ملايين مواطن يحق لهم اتهام اي وزير وهذا ( التكريم الدستوري ) لاصحاب المعالي هو الانموذج الفريد في العالم ويضاف جانباً للامتيازات العديده لوزراء الاردن بشكل واقعي .
بالامس طالعتنا المواقع الالكترونيه حول التجاوزات الصارخه في انتقاء الملحقين الدبلوماسيين والتي تتكرر سنوياً وارتباط الموضوع بظاهرة ( التوريث الوظيفي ) بشكل واضح حين نتتبع اسماء معالي وسعادة الآباء لتكريس التفريق بين ابناء الذوات وابناء ( العسكر والحراثين ) وقبلها قضية الكازينو والتي كان من ابطالها احد وزراء السياحه وملف البيوعات المشبوهه لمقدرات الوطن واراضيه وشركاته المساهمه العامه بابخس الاثمان وارتبطت هي الاخرى بمعالي اصحابها وتجاوزات حكومة دبي كابيتال السابقه على المال العام وتسخيرها لمقدرات الدوله بهدف انقاذ الشركات الفاشله والمتعثره التي نعلمها جميعاً وغيرها المئات من القضايا المشبوهه التي يتم تداولها والتندر بتكرارها بلا جدوى او اجراء حاسم يشفي صدور الاردنيين لارتباط المسأله بنصوص الدستور الواقيه للوزراء حتى ان قانون هيئة مكافحة الفساد يعاني هو الآخر من اوجه الضعف ( المقصود ) حين يتعلق الاتهام باحد الوزراء لنفس المبدأ السابق فهل اصبحت التشريعات الحاميه للمفسدين لدينا تتناقض مع القوانين التي تنهى عن الفساد في ذات الوقت !! .
علينا ان لا نجهد انفسنا بقداسة النصوص الدستوريه كونها اجتهاد بشري يحتمل الخطأ اكثر من الصواب حتى يتم تطويعها للمصلحه العامه ومتطلبات المرحله كون اي دستور بالعالم التقت ارادت واضعيه لخدمة الدوله ورعاياها وانفاذ العداله والمساواه لا ان يتم اشباعها بالنصوص الراعيه للفساد , ومن وجهة نظري فان متطلبات العداله وقدسية مصالح الشعب تسمو بشكل اكيد على نصوص الدستور التي تقيدها او تعارضها هذا من جهه ومن جهه اخرى فان ملف الاصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد المستشري لدينا يتطلب اجراء تعديلات مستعجله على مواد الدستور الاردني تنهي ظاهرة الحصانه والبريستيج المعطاه لجميع الوزراء لتسهيل محاسبتهم ومراقبة اعمالهم .
يا أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .صدق رسول الله
Majali78@hotmail.com