رسالة إلى الحكومة والشعب
بقلم: أحمد عطاالله النعسان
من حق أي شخص في هذا الكون أن يفتخر بوطنه ويتطلع ليصبح الأسمى والأرفع من بين كل بلدان العالم، إنه حق شرعي لا يختلف عليه اثنان، ولهذا يجب علينا أن نحافظ على الوطن كجوهرة ثمينة لا تخدش وتحفظ بمكان آمن بكل ما أؤتينا من قوة وأن يتحمل كل فرد منا مسؤولياته تجاه وطنه الأغلى، فهذه همسات محبة ورسائل تمنيات لا أوامر وتوجيهات للحكومة كونها السلطة التنفيذية والشعب كونه المحور الاستراتيجي والباني الحقيقي للوطن.
دولة معروف البخيت والسادة الوزراء، نحن اليوم نعيش في بلدنا الحبيب في ظروف ليست عادية سواء بالإضطرابات الخارجية أو الثورات العربية أو الفساد الداخلي الذي نريد إيجاد حل عاجل ودائم وشامل ومنطقي له، لا نريد مسكنات ولا مهدئات نريد اقتلاعه من جذوره، ومحاسبة كل من ساعد على زراعته وريه وتغذيته على حساب أموال أبناء الشعب، ونحن هنا في مكان مناقشة لوضع الحلول وليس لتصفية حساب مع أحد، أطلق ملك البلاد مبادرة سكن كريم لعيش كريم فلم يرق واستكثر الفاسدين والحاسدين على الفقير أن يتمتع بسكن كريم فأفسدوا المبادرة بجشعهم وطمعهم، ففي ظل ارتفاع أسعار الشقق تبدد حلم الكثير من شبابنا بالحصول على مسكن، هذه مسألة ليست بالسهلة بل إنها هم وطني ويجب أن يشكل أولوية وهاجسا دائم للحكومة، فعلى حكومتنا الأخذ بعين الاعتبار حل فوري وجذري لمشروع سكن كريم أو إيجاد حلول دعم سكنية أخرى للمواطنين، من خلال وضع خطط واستراتيجيات إسكانية واضحة لتأمين مسكن كريم آمن لا مجال لعابث أو مرتش أو متعهد طماع فيها.
الفقر والبطالة وجهان لعملة واحدة فهما الأولوية القصوى وَهَمُ الشعوب والحكومات الأول، فبمعالجة الثاني سنقضي على وباء الأول ولا يتم هذا إلا بمشاريع اقتصادية مدروسة ناجحة في كل مجالات الدولة من سياحة وصناعة وتجارة يكون أثرها ومردودها ملموسان من قبل الجميع والشعب تحديدا. ويجب معالجة جشع بعض التجار الذين لا يرضون إلا بمضاعفة الأرباح أضعافا كثيرة وعليه فعلى الحكومة تفعيل المؤسسات الاستهلاكية الحكومية وتوسيع عملها وفتح أسواق جديدة لها في أرجاء الوطن وإعادة وزارة التموين إن لزم الأمر، ومراقبة التجار ومحاسبة المحتكر والجشع منهم، لأن تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة للمواطن تعني أنك تحصنه وتبعده عن الحرمان والإجرام والتطرف.
ولأنه بالتعليم والمعرفة ترتقي الشعوب وتتقدم وتتطور فإنه على الحكومة تطوير نظام تعليمي متقدم من حيث المستوى والمحتوى وتحديثه باستمرار ليغدو أكثر قدرة على تخريج طلبة مؤهلين قادرين وكوادر بشرية مؤهلة ومتخصصة في شتى الحقول والمجالات وتقديم الدعم والخدمات النوعية المتميزة للطلبة ومؤسسات التعليم الأساسي والعالي والباحثين للارتقاء بمستوى التعليم والبحث العلمي من خلال متابعة تنفيذ وتقييم سياسات واستراتيجيات التعليم وتبني الإبداع والتميز والبحث العلمي ومواكبة التكنولوجيا الحديثة من الصفوف الدنيا وحتى أعلى مستويات التعليم، ويجب أن يكون هناك مساواة وعدل في الفرص المتاحة للجميع بحيث يأخذ كل طالب حقه سواء في المقعد الجامعي أو البعثات والوظائف بعد التخرج، وأن يكون الفيصل في ذلك التفوق والإبداع والتميز لا الواسطة والمحسوبية والتوريث، يعني أن يتسلم الشخص الموهوب صاحب القدرات لا صاحب الجينات الوراثية للمناصب.
الإصلاح يا حكومتنا الرشيدة يعني أن نحاول معالجة كل خلل أينما وجد وإزالة الفساد وأهله واختيار الأصلح دوما، فعندما تنجز معاملات المواطنين دون تأخير ولا بيروقراطية مقيتة ونؤهل الشوارع المتهالكة ونعين الأكفأ في الوظائف العليا والدنيا، ونطور ونحدث ونستحدث المستشفيات الحكومية والرعاية الصحية والمدارس المواكبة للتطور والتكنولوجيا، ونوفر وسائل نقل حديثة ومتطورة، وإعلام حر ينقل الصورة الحقيقية وبالسرعة المطلوبة ويواكب الثورة الرقمية، وقضاءٍ عادل تكون قراراته حيادية وغير خاضعة لنفوذ أحد، عندها سيصبح المواطن شريكا حقيقيا بالوطن ويلمس آثار التطور في كل أمور حياته اليومية، ويشعر بالأمان والعدل والمسؤولية لأن التنمية الشاملة والإصلاح غيرا كل مناحي حياته وأن الجميع متساوون وحقوقهم مصونة.
شعبنا الأصيل الطيب، صانع الحضارة وعنوان الكرامة وعماد البلد وأهم أركانه، أخي المواطن الكريم أينما كنت ومهما كان مركزك في هذا الوطن ستبقى أنت صانع تطوره وباني حضارته ومرآته للخارج؛ لأن الشعوب المتحضرة هي التي تبني وترتقي بأوطانها، كلنا نؤمن أننا نعطي وطننا لا بقدر ما يعطينا ولكن بقدر ما نحب أن يشمخ هذا البيت الآمن، نشعر بالتقصير في عطائنا بحق وطن عظيم، ونلتمس من الآخرين ألا يقصروا في إيصال الخدمات وتأمين الحياة الكريمة والآمنة لنا في وطننا دون منة ولا مماطلة ولا محسوبية ووساطة، وهذا يحتم علينا ويستوجب منا أن لا نمد يداً لعابث ولا نتستر على حاقد فاسد أو ضال مضل أو متطرف مخرب، وألا نغذي شهوات المجرمين بالصمت، ولا ندغدغ مشاعر المسؤولين بالتملق والرياء، لا نرضى بأن يعلو صوت فوق صوت الحق أولا ومن ثم الوطن ومصالحه وأمنه، لأننا نعشق وطناً ارتشفت جذوره من حبات التراب المخضب بدماء الشهداء من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن الأجداد الذين سقطوا وهم يدافعون عنه في وجه كل مغتصب طامع، ولهذا فإن المسؤولية جد عظيمة وتحتم علينا أن يقدم كل منا أفضل ما لديه ليبقى وجه هذا البلد زاهيا مشرقا على أهله ومن أحبه، شعبنا الكريم أعرف أن التحديات جسام وأن العوائق جما وأن بعض التحديات تعيق الإبداع أحياناً ولكن نريد من الجميع مواجهة هذه التحديات كل حسب طاقته ومقدرته، لا يتوجب علينا أن نترك فرصة للتخاذل والخنوع للتسلل إلى نفوسنا، الهموم كثيرة والمسؤوليات كبيرة والواجبات متعبة ولكن يجب أن نحطم على صخور إرادتنا كل مراكب اليأس والإحباط، لا نترك الخطأ دون بيان ونضع اليد عليه وننبه المسؤولين ونطالبهم بالأفضل بأسلوب قويم يدل على فكر متنور ومجتمع مزدهر وشعب مثقف متطور، وأن نقدر من يعمل بإخلاص وأن نبين مكامن الخلل والتقصير وسببهما.
ليأخذ كل واحد منا عهداً على نفسه ألا يشوه صورة هذا الوطن بأي خطأ مقصود وأن نعامله على أنه لوحة فسيفسائية جميلة كل فرد منا قطعة منه وأن غيابنا عنه يشوه هذه اللوحة والغياب لا يكون بالجسد طبعاً ولكن بغياب الرغبة التي تسعى لسمو ورفعة هذا الوطن، نتعاون جميعا بعلاقة تشاركيه تعزز دورنا الرقابي لحماية منجزاته وتصحيح أخطاء بعض المسؤولين من خلال محاربة كل أشكال الفساد وأهله وعدم الاستهانة بالخطأ مهما صغر وتمريره دون محاسبة، ويكون شعارنا أننا نضع اليد على الجرح لمعالجته وترميمه ليعود كما كان وأفضل، ونغدق بالعطاء لتقوية جذور الحق في كل أشجار حياتنا لننعم بالظل الوارف والثمر الطيب.
نحن تمنينا وتأملنا لم نتفلسف وننظر ولكن حاولنا إرسال همسات عذبة بعيدة عن التظاهر والإعتصام وركوب موجة الإعتراض أو حب الشهرة اللحظية أو الفائدة الشخصية أو الحزبية، كان ولا يزال دافعنا للحديث والكتابة هو حب الحق أولا ومن ثم الغيرة على وطننا الغالي، فنرجو أن لا نعكر صفو أحد، لأننا نعشق وطننا ولا ننظر إليه كقالب حلوى نعطيه بمقدار حصتنا منه وهذا إجحاف بحق أي وطن، فكيف وإن كان هذا الوطن هو بلدي الحبيب الأردن حفظه الله ورعاه ومن شر الفاسدين والمعتدين حماه وكل خير له ولأهله أغدق عليه وأعطاه وجعلنا ممن خافه واتقاه إنه ولي ذلك ومولاه.