زاد الاردن الاخباري -
حمل المحامي والقاضي السابق في محكمة التمييز عبدالرزاق أبو العثم، على استمرار بعض العادات العشائرية والاجتماعية تحت مسمى القضاء العشائري في فض النزاعات بين الناس.
ويرى القانوني أبو العثم أن "لا عودة إلى القضاء العشائري"، للفصل في النزاعات بين الناس، معتبرا أن ما يتم على هذا الصعيد في بعض المناسبات والحالات "إنما هو عادة، القصد منها تلميع المستشيخين، لا أقل من ذلك ولا أكثر".
ويدعو أبو العثم، في حوار مع "الغد"، كل من يحاولون استغلال وقوع الأحداث، وبخاصة قضايا القتل الخطأ، ليترأسوا الجاهات، إلى "الكف عن هذه الممارسات، لينال المعتدي جزاءه، والمظلوم حقوقه".
وبعد استعراضه لمراحل تطور القضاء الأردني، يلفت أبو العثم إلى أن القضاء في مرحلة الخمسينيات وحتى منتصف الثمانينيات "لم يتلق أي نقد باتجاه بطء إجراءات التقاضي، (...)"، مستغربا التأخر في البت في القضايا حاليا، بخاصة في قضايا القتل العمد، والتي رأى أن التأخر في البت فيها لأشهر، وأعوام أحيانا، يدفع إلى ظهور قضايا الثأر.
ويرى أن "مسؤولية التسريع في إجراءات التقاضي لا تتوقف عند النصوص القانونية، فهي تتبدى من خلال شعور القاضي بأهمية ما يناط به. فقد أثبتت التجارب أن وجود قضاء قادر على تحمل مسؤولياته لا يكون بمضاعفة عدد القضاة، ولا بمؤتمرات تعقد للتطوير، ولا بإرسال وفود للاستفادة من دول أخرى كبريطانيا وسنغافورة، وإنما بإجراء تعيينات مهنية وبعيدة عن المصالح الشخصية، واحترام الكفاءات من رجال القضاء أصحاب الخبرة الواسعة وعدم الاستغناء عنهم".
كما يؤكد أبو العثم على أهمية تفعيل دور التفتيش القضائي، معتبرا أن ذلك هو "أهم سند لتسريع إجراءات التقاضي"، داعيا إلى أن يبدأ التفعيل باختيار قضاة أكفياء للقيام بهذا الدور.
وينبه أبو العثم الحكومة من اللجوء إلى إصدار قوانين مؤقتة بعد حل مجلس النواب، و"القيام بدور السلطتين التشريعية والتنفيذية"، ويقول "آمل ألا تسقط الحكومة الحالية في زلة الحكومة التي حلت مجلس النواب العام 2001، ثم أصدرت ما يزيد على 160 قانوناً مؤقتاً خلال فترة وجيزة".
ويدعو ابو العثم الى تأكيد استقلالية القضاء، لافتا إلى أن علاقة السلطة التنفيذية بالقضائية "مرت بأدوار مختلفة".
ولم يتردد أبو العثم في انتقاد قرارات بعض وزراء العدل، ممن "قاموا بتنسيب إحالات لكثير من القضاة الأكفياء إلى التقاعد، لأسباب لا تمت للقضاء بصلة"، معتبرا أن ذلك أدى إلى حرمان القضاء من قضاة محترفين وأصحاب خبرات طويلة، ما جعل الأصوات تعلو مطالبةً بالإصلاح والتطوير.
واعتبر أبو العثم أن الدستور قائم على مبدأ فصل السلطات الثلاث، ورأى أنه من "أبهى الدساتير وأفضلها، وهو الدستور الذي نص على أن الأمة مصدر السلطات. ثم أناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك، وأناط السلطة التنفيذية بالملك يتولاها بواسطة وزرائه. وأشار إلى أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم، وأنه لا سلطان على القضاة غير القانون".
ورأى أنه "مثلما تمت الإشارة إلى مكانة الدستور الأردني العالية، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن الحكومات الأردنية، ومنذ العام 1954، قامت بإجراء تعديلات على مواد الدستور. وهي للأسف تعديلات تمت رغبةً في جعل السلطة التنفيذية فوق كل السلطات. ولا ننسى في هذه المناسبة، التعديل على المادة (94) من الدستور الذي صدر عام 1958، بإعطاء السلطة التنفيذية صلاحيات تشريعية لإصدار قوانين مؤقتة".
وفيما يتعلق بظاهرة تزايد العنف في المجتمع الأردني مؤخرا، يرى أبو العثم أن أسباب ذلك عديدة، منها أمراض الفقر والجوع والبطالة، بل والعنوسة ايضا، مشيرا إلى ان الطبقة الوسطى "انزاحت" جراء الظروف الاقتصادية، وصار المجتمع مكوناً من طبقتين: الأغنياء والفقراء.
ويشير إلى أن الخلاص من الفقر والبطالة "لا يتم إلا عند التخلص من الفساد، وبكل أشكاله وأنواعه"، قائلا "لا يكون ذلك إلا بتحقيق العدالة بكل معانيها، فإذا ما تم ذلك فإن العنف سوف يتوارى بأغلب أشكاله".
الغد