زاد الاردن الاخباري -
هارون الرشيد عنيزات كفيف من قرية باعون بمحافظة عجلون يبلغ من العمر 58 عاما لم تقف إعاقته حائلا أمام إنجازه أعمالا كبيرة يعجز عنها الاصحاء.
تبدأ قصة هارون الرشيد كما يحب ان ينادى عندما اصيب بمرض وهو في الثانية من عمره ولضيق ذات اليد لم يحصل على العلاج مما ضاعف المرض وأدى الى فقدان بصره ، ثم فقد هارون والدته وهو في السنة الثانية من عمره أي بنفس عام فقدانه البصر فربته جدته حيث كان الفقر ملازما له ولاسرته.
وفي عام 1965 - 1966 ذهب الى مدرسة هيلن كلير للمكفوفين في قلنديا شمال القدس حيث تعلم خط بريل باللغتين الانجليزية والعربية ومكث هناك سنتين تقريبا حيث عاد الى قريته في عام 1967 بسبب الحرب ، مضيفا بانه كان يزور اهله مرة واحدة كل سنة خلال تلك الفترة.
وبعد انتهاء الحرب عاد هارون الى مدرسة صناعية (الاتحاد اللوثري) في منطقة الرام عام 1969 ومكث فيها سنة واحدة تعلم خلالها جميع انواع الفراشي والدهان لتبدأ رحلة البحث عن عمل يجد ما فيه ما يساعد به والده واخوانه.
وقال انه تقدم عام 1971 بطلب للعمل في مصنع للفراشي تابع للامن العام في منطقة المحطة في عمان لكنه لم يوفق في الحصول على وظيفة ، الا انه لم ييأس من البحث عن عمل حيث ذهب الى مدينة الزرقاء عام 1971 وعمل في مصنع خاص للفراشي وعمل به قرابة السنة والنصف تقريبا.
وعلى الرغم من قلة الاجر الذي كان يحصل عليه انذاك الا ان ادارة المصنع كانت تستغله وتطلب منه عملا فوق طاقته مما اضطره الى ترك المصنع.
وهنا يقول هارون الرشيد انه كان ياخذ اجرا شهريا مقداره 6 - 7 دنانير شهريا حيث كان يستاجر غرفة اضافة الى مأكله ومشربه ومواصلات العودة الى اهله في مسقط رأسه في باعون.
وشكلت هذه المحطة بالنسبة لهارون الرشيد نقطة تحول غير عادية حيث شكلت تحديا كبيرا لواحد في وضعه حيث كان يعيل نفسه بنفسه ويذهب الى مكان عمله ويعود الى قريته وكان ذلك كله بالاعتماد على نفسه.
وقال هارون "بعد عام ونصف من العمل لم اوفق خلاله عدت الى بيت والدي الذي كان كبيرا في السن لايستطيع العمل حيث كان شقيقي الاكبر يتولى اعالة الاسرة التي كان الفقر ملازما لها".
الا ان ضيفنا وعلى الرغم من وضعه لم يقبل ان يكون عالة على احد وابى الا ان يكون له دور وان يساعد شقيقه في تحمل مسؤولية اسرته حيث عاد الى عمان وعمل في مصنع خاص للفراشي عام 1974 الا انه لم يوفق في عمله كثيرا بسبب قلة اجره من ناحية وعدم التعامل معه على انه انسان طبيعي مما اضطره للعودة الى اسرته.
وقال هارون الرشيد انه في عام 1975 تقدم للعمل في وزارة الاوقاف المرة تلو الاخرى حتى استطاع ان يحصل على وظيفة في الوزارة في شهر ايار عام ,1976
وقال انه باشر عمله في احدى قرى عجلون (خربة الوهادنة) وتبعد عن بلده ما يقارب 8 - 10 كلم ، حيث كان يذهب الى عمله بنفسه دون مساعدة مشيرا الى انه لم يشعر يوما انه كفيف بل كان يتصرف وكأنه مبصر.
وفي عام 1979 تزوج هارون الرشيد حيث انجبت زوجته 5 بنات وولدين.
وما زال هارون يعمل في وزارة الاوقاف لغاية الان حيث تزوج باخرى عام ,2004
وعن حياته العملية يحدثنا هارون الرشيد بانه يعيش حياة عادية وطبيعية حيث يرى نفسه كالاخرين دون اعاقات ولم يعجزه أي عمل في بيته.
ويقول انه قام بتمديد جميع الخطوط والاسلاك الكهربائية وايصال الكهرباء الى بيته بنفسه كما قام بتركيب جميع الادوات والمواد الصحية بنفسه اضافة الى جميع تمديدات المياه.
ويستطيع هارون الرشيد ان يصلح الاجهزة الكهربائية خاصة الراديو حيث كان يقوم بفكه كاملا واعادة تركيبه. وكان اهل قريته يستعينون به دائما في هذا الموضوع.
ويقوم هارون الرشيد بمساعدة اهل قريته خاصة الفقراء منهم في تركيب وتمديد انابيب المياه وخطوط الكهرباء وذلك مجانا لشعوره مع الاخرين بانهم بحاجة لذلك.
ويقول هارون ان الذي دفعه الى تعلم ذلك هو فقره وحاجته حيث لا يستطيع احضار احد مقابل اجر.
ويقول ان شعاره بذلك هو ان الاعتماد على الذات افضل من الاعتماد على الاخرين.
واكد هارون ان اعاقة البصر لم تعقه عن أي عمل كان وانما الذي يعيقه الفقر والحاجة اللذان تلازمانه منذ ولادته.
وبين هارون ان احدى بناته تقدمت بطلب للعمل في الامن العام وقامت بعمل جميع الاجراءات المطلوبة منذ أكثر من سنة ، متسائلا عن سبب المماطلة في تعيينها.
الدستور