يتابع المواطن الاردني ما تواجهه حركة الاخوان المسلمين من احتقان شديد بين أقطابها ، بعد أن ترددت طويلا في المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمه ، وذلك في ظل ما تواجهه الجماعة من حصار اجتماعي ناتج عن فقدان ثقة الشعب بنهجها وقدرتها بالتأثير على الشارع الاردني من جهة ، وفقدانها كذلك أصلاً للشرعية القانونية بعد قرار حلها رسميا من جهة أخرى ،، وعلى الرغم من السماح لها بالمشاركة بانتخابات العاشر من الشهر المقبل ، إلا أن الحركة تسعى دائما الى تعليق فشلها واستمرار خسائرها داخليا وخارجيا على الدولة التي فتحت لأجنحتها المجال على مصراعيه بضمان عدم التدخل من الجهات الحكومية الرسمية .
وسواء شاركت حركة الاخوان أو قاطعت أو حدثت انسحابات بين مرشحيها ، فهذا لا يعني الدولة من قريب أو من بعيد ، لأن الأمر لم يعد مهما لها وللمواطن الذي لم يسمع منهم يوما كلمة نصح فيها خير ومنفعة لهم ، حتى ملّ الشعب شعاراتهم التي بدت مكشوفة للجميع ، والتي كانت دائما تتجاوز الخطوط الحمراء وتدفع باتجاه المواجهة والصدام مع الدولة وافتعال المشاكل وتأزيم الأوضاع ، بدءا بالمسيرات والاستعراضات المستفزه التي مارستها قبل سنوات أمام المسجدين الحسيني والكالوتي وانتهاء بمحاولات سعيها لجرّ البلاد الى الفوضى والعنف والتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار .
لكن حركة الجماعة وبعد شد وجذب من قيادييها وتعمق الاختلافات بينهم ، فقد قررت أخيرا المشاركة في الانتخابات حتى تثبت للمتعاطفين معها أنها لا زالت محتفظة بمكامن قوتها بين الشعب الاردني ، وأنها الحريصة عليهم وعلى الوطن كما تدعي ، والحريصة كذلك على المصلحة الوطنية خاصة في هذه الظروف المعقدة التي تستهدف الاردن على حد زعمهم ، وكأن الحركة لا تعرف بأن الشعب الاردني قد وصل الى حالة شديدة ويائسة من الشعارات والخطابات والتصريحات الصادرة عنها بعد أن فقدت هذه الشعارات مضمونها وفلسفة وجودها ولم تعد مقنعة للجميع .
وإذا كانت الجماعة تعيش أزمة داخل أجنحتها وتخبطا في سياساتها فهي كما نلاحظ لا زالت تمارس خطابا اتهاميا للغير بهدف التشكيك الاستباقي والتغطية على ضعفها وفشلها المحتمل في حال خرجت خاسرة من الانتخابات .
وقد علّق أحد قادة جبهة العمل الاسلامي على الانسحابات الأخيرة المفاجئة لحلفاء الإخوان وكتلة الإصلاح من العديد من الدوائر الانتخابية في الأردن ، أنها شكلت مفاجأة من العيار الثقيل أربكت الحزب الذي يشكل الجناح السياسي لجماعة الاخوان وأربكت قواعده وأنصاره ، عازيا ذلك الى قوة ضاغطة تتحرك في الاتجاه المضاد إضافة الى تدخلات رسمية وأمنية واضحة لا مبرر لها على حد رأيه ، ولا شكّ بأن استمرار هذا التخبط وسياسة التشكيك والتخوين من قبل أقطاب الاخوان هو ليس من مصلحة الجماعة ، كما أنّ مواصلة نهجهم بعكس التيار لن يفيدهم ولن يحميهم من غضبة الشعب .