كتب مجند امريكي لصديقته من مكان خدمته في الأساطيل الأمريكية في المتوسط ، يقول لها : " كم هي رائعة هذه البلد ، ليبيا ، فنحن نجري أجمل أوقات التمرين والتدريب فيها ، نتدرب على إستعمال الأسلحة على أهداف حقيقية ، نستطيع قتل أي شيء نريد دون أن يحاسبنا أحد. أحيانا نخطئ ونقتل من يعتبرون أصدقاء لنا ، ومع هذا لا نجد من يعنفنا ، القيادة تعتبر أننا محظوظون أننا نقوم بهذه المناورات على أهداف حية وبدون أن نتعرض لأي خطر ويقولون أن زملاء كثيرون آخرون لم تتح لهم هذه الفرصة فالطرف الآخر شبه عاجز أو محطم ونحن نقضي عليه بدون أن نبذل قوة شديدة فلسنا في عجلة من أمرنا ، ونحن يا حبيبتي لا ندري حتى الآن من هم المتحاربون أو لماذا يتقاتلون ، ولكننا غير مهتمين أيضا بهذا ، كل ما يهمنا أن يأتي دورنا في هذه الطلعات الجوية ، فننطلق نحو هذه الصحراء محاولين إصابة الأهداف التي أعطيت لنا ، وقد شعرت أنني استفدت جدا من هذه التدريبات على هذه الأهداف الحية وأصبحت قدرتي في التصويب أفضل...
لا أدري يا حبيبتي متى سأعود إلى أرض الوطن ، فمع أننا كمجندين لا نملك كثيرا من المعلومات ، إلا أن الشائعات لا تنقصنا ، وهم يقولون أن هذه المناورات طويلة ، وأنها فرصة فريدة لتعليمنا وبدون خسائر مادية أو تعرض لأي من قواتنا للخطر ، وهم هنا لا يقيمون أي اعتبار للطرف الآخر ، فيظهر أنهم قوم مغلوبون على أمرهم ، يتصارعون فيما بينهم فيخسرون ما يملكون الآن وما قد يملكون مستقبلا ، فتراهم وكأنهم ينتحرون واحدا بعد الآخر ولا نفهم لماذا. والجميل أن قادتنا هنا يحثوننا على عدم التفكير بأمرهم ويطلبون منا التعامل معهم كميدان للتدريب فقط ، ويزيد من متعتنا أننا نراهم أحيانا في المحطات التلفزيونية وهم يحتفلون بانتصارات لا أدري من أين يأتون بها!! فكلا الطرفين ضعيف لدرجة الشفقة ، وكلا الطرفين يخسر ولا يربح شيئا ، وكلا الطرفين لا يحقق أي انتصار ، وكلا الطرفين يعتمد في حياته أو حتى في موته علينا ، فلا أدري لماذا يحتفلون ؟؟!!....
حبيبتي ..كوني مطمئنة تماما ، فليس هناك أي خطر يحيط بنا. ونحن نقضي الكثير من الوقت الممتع في حاملات الطائرات ، ويقولون لنا هنا أن هذه التمرينات على الأهداف الحية تعود بالخير العميم على بلادنا أمريكا ، فمع أننا نقتلهم إلا أنهم يدفعون لنا ثمن القنابل التي نقتلهم بها ، كما أنهم يدفعون للحكومة الأمريكية رواتبنا للجهد الذي نبذله في قتلهم ، ومع أننا أحيانا نستغرب ذلك إلا أنهم ربما يكونوا قوما ملوا الحياة في هذه الدنيا أو أنهم قوم فهموا أن الأرض بدونهم ستكون أفضل.
لا أدري ماذا تحبين أن أجلب لك عند عودتي ، قد لا أستطيع أن أحضر لك شيئا جميلا من البلد التي ندمرها حاليا ، فحتى الآن لا يسمحون لنا بالهبوط فيها ورؤية ما حققناه على الأرض وأخذ بعض التذكارات من هناك، إلا أنني سأحاول إحضار بعض نسخ ألأفلام عن دقة تصويباتي على الأهداف . ولحسن الحظ فاللقطات بعيدة ولا يظهر فيها الآثار التي تتركها قنابلنا ، إلا أنك سترين دقة تصويبات حبيبك على هذه الأهداف الحية.. حبيبتي إذا كان هناك ما تحبين تدميره في ليبيا فأرسلي لي إحداثياته ، فأنا هنا أستطيع تدمير أي شيء في ليبيا ولن أجد سوى التهنئة والتشجيع من رؤسائي ..لك وللجميع تحياتي...
د . معن سعيد