زاد الاردن الاخباري -
كتب د. صالح فخري العجلوني - إن دخول المرحلة الجديدة من انتشار الوباء والزيادة المفرطة في أعداد الوفيات بات يشكل ضغطا هائلا على القطاع الصحي العام والذي كان يعاني اصلا من الإكتظاظ والازدحام الشديد ومعالجات المرضى اليومية قبل أن تشتد علينا مأساة فيروس كوفيد19 وهذا يتطلب منا جميعا تجميع جهودنا العملية والعلمية للمساعدة في عمليات احتواء العدوى قدر الإمكان وتقديم المشورة من ذوي الخبرة الطبية، تقع على الحكومة مسؤولية معالجة الموقف بتحرك وإجراءات سريعة لا تحتمل التأخير، فالوقت يمر بسرعة والوباء يداهمنا مع اقتراب فصل الشتاء والانتشار العشوائي للفيروس.
بالنسبة لنا كأطباء خدمنا في القطاع الصحي العسكري لسنوات زادت على الثلاثين عاما، نعلم وندرك أن لا وقت لدينا للرفاهية والتسويف في وضع الدراسات والخطط ، فكل ما يتطلبه الأمر هو إنكار الذات والعمل على تنفيذ الخطط الموجودة أصلا والمستجد منها دون أي تأخير أو تلكؤ.
إن خط الدفاع الأول كان ولا يزال هو حماية الكوادر الطبية في القطاعين العام والخاص من أطباء وممرضين ومعالجين، ففي سلامتهم تكون نسبة النجاح في المعالجة مرتفعة دون خشية من الإنعكاس المرضي عليهم، وهذا يتطلب توفير جميع المستلزمات الطبية الوقائية ووسائل الحماية الشخصية للكوادر الطبية في جميع المراكز والمستشفيات، فضلا عن ضرورة فحص كل مريض يتم ادخاله الى المستشفيات للكورونا وذلك لضمان حماية الكوادر الطبية.
واما عن الإجراءات التي يجب على الحكومة القيام بها فهي زيادة تعيين الأطباء بشكل فوري دون الارتهان الى القواعد القديمة في التعيين، فهذا وضع اضطراري وعاجل لتغطية الحاجة الطارئة لكافة مناطق المملكة من الكوادر الصحية، والعمل المستمر على تدريب الأطباء والممرضين والفنيين على استخدام أجهزة التنفس والمعالجة الحثيثة.
بالاضافة لأهمية الإستعانة بالزملاء الأطباء والفنيين والممرضين المتقاعدين من القوات المسلحة والقطاعات الطبية الأخرى في المعالجة الحثيثة.
من المهم أيضاً، زيادة أعداد أجهزة التنفس والتي نعاني من نقص شديد بها حيث يوجد 593 جهاز تنفس صناعي في كافة مستشفيات المملكة في القطاعين العام والخاص لمرضى كورونا، ويعتبر هذا العدد غير كاف في ظل الزيادات الحالية بأعداد المصابين بفيروس كورونا.
إن زيادة عدد أسرة أقسام العناية الحثيثة بات مطلبا مصيريا وبشكل عاجل والتي لا تزيد عن 709 غرف في كافة مستشفيات المملكة لمرضى كورونا، كذلك زيادة اعداد الأسرة العادية لعزل مرضى كورونا، كما كنا ننصح من قبل بإنشاء مستشفيات ميدانية على شكل هناجر افقية جاهزة تقوم بتجهيزها القوات المسلحة في الاقاليم الثلاث بأسرع وقت وبمنهتى الحرفية التي عهدناها، وكذلك إنشاء “محطات كورونا” لاجراء الفحوصات بأماكن بعيدة عن زيادة المستشفيات وهذا من السهولة بمكان، ويمكن إقامتها في ساحات المدارس ومواقف سيارات المستشفيات بشكل مغلق وهذا يخفف العبء ومشكلة الإختلاط بين المراجعين والكوادر في المستشفيات والمراكز الصحية.
كذلك من المهم تخصيص مستشفيات لاستقبال مرضى كورونا فقط على ان تبقى باقي المستشفيات للمرضى الذين يعانون من امراض أخرى.
كذلك يجب منع المراجعات للمستشفيات الا للحالات الطارئة فقط وذلك لمنع اختلاط المرضى مع مرضى كورونا وللحفاظ على القدرات الطبية الموجودة للظروف الصعبة القادمة، ويجب القيام بذلك بما يوازن بين الحفاظ على حياة المصابين بكورونا والأمراض الاخرى أيضاً.
من جانب آخر والتزاما بالإنتماء الوطني ،فقد بات من الضرورة إلزام شركات التأمين الصحي الخاص بالمشاركة الفعالة في معالجة كافة المنتفعين لديها ضد فيروس كوفيد 19، فهذه الأزمة الوطنية تستوجب من الجميع الوقوف مع الحكومة في خندق واحد والزام كل من يتعامل مع القطاع الصحي ماليا ولوجستيا بالتضحية حتى نخرج من هذه الجائحة الطبية والاقتصادية، خصوصا ونحن نتألم على تزايد اعداد الإصابات والوفيات بعدما كنا في مقدمة الدول قبل أشهر.
المطلوب خطة انقاذ سريعة ومتكاملة لدعم المنظومة الصحية والالتزام بالاجراءات الاحترازية المطلوبة لمنع انتشار العدوى.
لا يفوتني هنا الا ان اتقدم بالشكر الجزيل لجميع الزملاء من أطباء وممرضين وفنيين في القطاعين العام والخاص على جهودهم الجبارة التي قاموا بها في الفترة الماضية ولا زالوا، والذين يؤثرون على أنفسهم ويثبتون مجددا أنهم جنود وحماة لشعبنا ووطننا ، داعيا الله أن يحمي وطننا الأردن وشعبه من هذا الوباء.