حاجتنا إلى إعلام تربوي مطلب حتمي
الكاتب : فيصل تايه
انه لمن الضروري أن نتحدث في ظل الظروف التي نعيشها عن حاجتنا الماسة الي إعلام تربوي هادف موجه ليخاطب الفئات العريضة من مجتمع التربية والتعليم بكل أركانه .. إداريين ومعلمين وطلاب وأولياء أمور ..فالدفع باتجاه ذلك .. يوصلنا الي أعلى أشكال الحوار والكلام والخطابة وحضور العقل .. لنصل إلى روح جديدة في إعلام التربية والتعليم من خلال الكثير من الوسائل المتاحة .
.. فالقناعة السائدة بين الجميع هذه الأيام أن التعليم لا يتحقق فقط داخل الغرفة الصفية .. بل يمتد إلى أوسع من ذلك ضمن آفاق تربوية رحبة ..وعبر وسائط متعددة تتآزر حينا .. وتتصارع حيناً آخر من اجل بناء واحد .. بل وتتوسّع لتشمل مصادر المعرفة بجميع أنواعها .. كالوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية .. تحديداً لرؤى منسجمة مع الأهداف العليا التي تتبناها التربية .. لا بل ويحلم بها المجتمع بأسره .. سعياُ باتجاه غد واضح المعالم أكثر وعيا وثقافة وعلما ..كما وان المدرسة لم تعد وحدها المعنيّة بالعمليّة التربويّة.. ولم يعد دور التربويين في الوزارة ومديريات التربية يقتصر على إصدار لوائح التعليمات والأنظمة والقوانين ليجري تنفيذها بطريقة آلية.. وإنما ارتقى ليتحوّل إلى دور تطويريّ بالمعنى الحقيقي.. لمجمل الكوادر البشرية.. والبيئة المدرسية ..
ولعل استثمارنا لوسائل الإعلام من أجل تحقيق أهداف التربية في ضوء السياستين التعليمية والإعلامية للأردن هو الواقع الذي يجب أن تبني وزارة التربية والتعليم مفهوم الإعلام التربوي علية .. بل يجب أن يأتي ذلك في سياق مجمل التحديات ذاتها التي تواجهها وزارتنا العتيدة للولوج إلى عصر العولمة .. خاصة ونحن نعيش قرن التحدي والمهارات ..القرن الواحد والعشرين ..
ذلك أن العملية الإعلامية في بعض جوانبها عملية تربوية.. وأن العملية التربوية في بعض جوانبها عملية إعلامية.. فإن التربية عملية تأثير وتفاعل وتوجيه الأفراد نحو النمو بشكل يتماشى مع الخط الذي ارتضته الأمة لنفسها بهدف المحافظة على القيم والمبادئ التي ندين بها ونعمل على تثبيتها .. مع المحافظة على ثقافة المجتمع وشخصيته من أن تذوب في الثقافات المستوردة في محاولة لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهنا بمعطيات العصر الحديث وعلى ضوء الأصالة الموروثة .
ما يسرني أن هذه هي رؤى معالي وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي فقد التقيناه للحديث عن هذا الموضوع .. حيث كان لديه رغبه قوية وجادة في دعم الأعلام التربوي مبدياً تفهمه العميق إلى أن الإعلام هو احد ركائز واستراتيجيات العمل لوزارة التربية والتعليم وكي يكون أكثر حيوية لما يمثله .. وقد أكد معاليه على إعادة صياغة كل الأفكار الساعية الي إيجاد إعلام تربوي مميز وفق رؤى عصرية .. فكان السباق في طرح الأفكار العميقة التي تخاطب العقول الكبيرة .. وبتشجيع معاليه وحماسة على إيجاد قنوات اتصال فعالة غير تقليدية مع مختلف أطياف المجتمع التربوي الأردني .. ذلك يدفعنا إلى القول أننا بحاجة جادة إلى استغلال هذا التوجه والعمل الجاد من أجل استحداث وحدة مرجعية إعلامية قوية .. فدعوني اقول : أن وزارة بحجم وزارة التربية والتعليم بحاجة جادة الي إدارة جديدة للعلاقات العامة والإعلام وبذلك فإنني أجد أن الظروف مواتيه ومهيأة لبحث ملفات الإعلام التربوي مع كافة الأطراف ذات العلاقة وكما يقولون : إذا هَـبَّتْ رياحُك فاغتنمْها .. فعقبى كل خافقة سكون ..
..إننا جميعا معنيّون أن نقف على حقيقة هامة .. وندركها إدراكاً تاماً .. وتتمثل في التعريف بأدوار وواجبات أركان العملية التعليمية المختلفة.. والمتمثلة في المدرسة .. والمنهاج .. والمعلم .. والطالب .. وولي الأمر .. مع ممارسة الجميع لحقوقهم .. وطرح مشكلاتهم ومعالجتها إعلاميا .. لتكون بمرأى الجميع ..
من هنا يبرز دور وزارة التربية والتعليم في إيجاد القنوات الإعلامية التربوية التي تكون قادرة على تحقيق أهدافها إعلامياً لتصل إلى كل فرد في المجتمع .. وذلك بدعم كل التوجهات القائمة على ذلك .. وكذلك العمل على إيجاد الكوادر البشرية الإعلامية المتخصصة في هذا المجال.. بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية ومراكز البحوث ذات الصلة .. لإجراء البحوث والدراسات في مجال اختصاصها بواقعية .. بعيداً عن التنظير .. بل يجب على الجميع تبني سياسة تربوية صرفة هدفها الارتقاء بالعمل التربوي وتطويره ونموه .. لنكون أكثر ملامسة لواقعنا التربوي وأكثر صلة بالميدان .
ومن أجل ذلك نحتاج إلى إيجاد وتطوير مجموعة من الكوادر التربوية الإعلامية المتخصصة في الإعلام التربوي.. بما يؤدي إلى الارتقاء بالعملية التربوية وتحسين التعلم .. وصولاً إلى إعلام يعبّر عن احتياجاتنا الحقيقية في ذلك .. وتقييم حقيقي لدور الوزارة المؤمل .. بعيداً على إعلام العلاقات العامة ..
لذلك نحتاج إلى تكوين إعلام تربوي نشط وفاعل.. ومتخصص.. يلبي كل الطموحات .. فالحاجة تتطلب إيجاد
الإطار استراتيجي .. ليكون قادرا على تلبية الطموح فعليا.. ولنبدأ بالعاملين في الإعلام التربوي الذين يحتاجون إلى الكثير من التأهيل والتدريب تلبية لواقع عملهم .. فلا نريد منهم مجرد مهارات صحفية وإعلامية تتمثل في كيفية صياغة أو صناعة الخبر .. بل ويجب جتماً أن يكون دورهم بصبغة إعلامية تربوية خاصة.. متمثلة بجوانب تربوية صرفة .. وأن تكون مرجعيتهم القانونية مبنية على شبكة من الاتصالات الإعلامية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمركز الوزارة .. وأقسام العلاقات العامة والإعلام التي يجب إعادة هيكلتها في مديريات التربية في المحافظات .
إننا نوقن أن مجال الإعلام التربوي مجال رحب وجيد لاستخدام المعلومات وتوظيفها في تبادل الخبرة مع الآخرين .. ليحقق حراكاً للمعلومات وحيوية لها .. ولا يتوقف هذا على الإعلام المكتوب.. بل و سيكون على علاقة وطيدة بالإعلام المرئي والمسموع الذي سيكون أكثر جذب وفاعلية..
إن حاجتنا الي إعلام متخصص في مجالات التربية والتعليم يختصر الوقت والجهد على جميع من له علاقة بالتربية والتعليم لا بل ويتيح المجال للمهتمين من المعلمين بأن يطوروا أنفسهم باستمرار.. من خلال الاطلاع على ما ينشر حول المشاريع التربوية الرائدة التي تدفعهم نحو عجلة التطور والتقدم.
كما أن استخدام التربويين أنفسهم لوسائل الإعلام للكتابة والتنوير والنقد بمخاطبة المجتمع.. هو جزء من الإعلام التربوي الراقي. وهنا تشكل المساءلة موضوعا حيويا لا بدّ منه.. كي نقف على إعلام تربوي ملتزم بالثوابت التربوية والوطنية .
وبذلك لا نريد تصورات تقليدية سئمناها من خلال الإعلام التعليمي الذي ينحصر في الصحف والمجلات التي تصدر إلى المعلمين والطلاب وغيرهم من عناصر العملية التعليمية مضافا إلى ذلك البرامج التعليمية المسموعة والمرئية بل إن الرأي أن الإعلام التربوي هو الإعلام الشامل للتربية بمفهومها الواسع الحديث ومن بينها الإعلام التعليمي .. فحياتنا اليوم بحاجة إلى إعلام عملي يقوم بتحقيق مجمل الأهداف السامية.. بل ويسهم في عملية التثقيف الأخلاقي والاجتماعي والإنساني .. قادراً على الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة .. وتطويعها لخدمة الفعل التربوي ..
نريد إعلاما تربويا يكون معينا للمعلمين وللآباء والأمهات في تقريب وجهات النظر .. وتأصيل القيم النبيلة .
وكذلك إعلاما تربوياً يعايش ظروف مجتمعه الزمانية والمكانية .. بل يجب أن يؤكد المهمات الحقيقية للمجتمع مركزاً على المفاهيم الحقيقية للتعليم .. مع القضاء على المفهوم الذي يربط التعليم بالوظيفة ..
كذلك نريد أن نخاطب أبناءنا الطلبة ونعزز بهم ثقافة الحوار وتقبل الآخر .. فكم نحن بحاجة ملحة وفهم صريح لمضامين رسالة عمان المبنية على الفهم الواضح لمنطق الحياة المعاصرة .. التي جاءت لتكون قاعدة للعمل .. انطلاقا من الحرص على ترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال وتأكيد قيم التسامح..بشكل يسهم في تنمية مجمعنا الأردني وتطوره .. فنحن بحاجة ماسة إلى تكريس وتعميق مفاهيم القيم الإنسانية ومفاهيم الحرية الحقة عند جميع مكونات مجتمعنا .. مع ضرورة تبني منظومة القيم الفضيلة
وأخيرا كل الشكر لمعالي الوزير على اهتمامه بإعلام التربية والتعليم فسبق وقلت أن عودته مكسب كبير للأسرة التربوية .. لأنه وبالتأكيد عاد ليعكس حجم فكره التربوي العميق الذي يخدم به أبناء هذا الوطن المعطاء ويصلح من شأن التعليم ويرتقي به ليبقى ذخرا لكل معلم .. وأملا لكل طالب .
نسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا لما فيه الخير رفعة لمؤسستنا التربوية العتيدة _ وزارة التربية والتعليم _ في ظل قيادتنا الهاشمية المعطاءة .
وللحديث بقية
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com