زاد الاردن الاخباري -
كتب أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية ليث نصراوين:
لم يعد يفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية القادمة سوى أيام، سيتم بعدها الإعلان عن تشكيل مجلس نواب جديد، هو المجلس التاسع عشر الذي شاءت الظروف أن يترافق بدء عمله مع وجود أوامر دفاع خطية تضع قيودا وضوابط على عقد الاجتماعات العامة. فقد صدر أمر الدفاع رقم (16) الذي يمنع إقامة التجمعات وتنظيمها بجميع أشكالها لعدد يزيد على عشرين شخصا، وذلك تحت طائلة فرض عقوبة جزائية على كل من ينظم هذه الاجتماعات ويشارك فيها.
إن الحظر الذي أورده أمر الدفاع السابق قد جاء مطلقا يشمل جميع الاجتماعات التي يزيد عدد الحضور فيها عن عشرين شخصا. بالتالي، فإن حكمه ينسحب على أي اجتماع سيعقده مجلس النواب الجديد، أو المكتب الدائم له، أو أي من الكتل واللجان النيابية التي سيتم تشكيلها فيما بعد. وهذا ما يجعل من الضرورة بمكان أن يتم استثناء هذه الاجتماعات النيابية من نطاق أمر الدفاع الصادر بشكل واضح وصريح.
إن اضفاء مشروعية قانونية على جلسات مجلس النواب الجديد في ظل سريان قانون الدفاع لا يقلل من الخطورة الصحية التي قد يتسبب بها اجتماع عدد كبير من النواب مع الوزراء في مكان واحد قد لا يحقق قاعدة التباعد الاجتماعي. وهذا ما يدعو إلى التفكير في إيجاد آليات جديدة لاجتماع المجلس الجديد، تتمثل إما باستعمال المنصات الإلكترونية، أو الاستعانة بغرف وقاعات أكبر حجما. فكل من الدستور الأردني والنظام الداخلي لمجلس النواب لم ينصان على وجوب اجتماع المجلس تحت "القبة"، إذ يمكن أن تُعقَد الجلسات في أي مكان آخر. ولا أدل على ذلك أن مجلس النواب السابق قد عقد العديد من جلساته في مكان آخر خارج أسوار المجلس.
وما يعزز من قانونية الاجتماعات الإلكترونية أن النظام الداخلي لمجلس النواب قد أجاز في المادة (81) منه أن يكون التصويت باستخدام الوسائل التقنية الحديثة، باستثناء الأمور المتعلقة بتعديل الدستور وطرح الثقة بالحكومة أو أحد الوزراء فيها.
إن الخروج عن الإطار العام من خلال عقد جلسات مجلس النواب افتراضيا أو في أي مكان آخر لا يعني بأي حال من الأحوال تغيير القواعد العامة التي تحكم دستورية الجلسات من حيث النصاب القانوني للأعضاء الحاضرين ولصدور القرارات فيها. فالمادة (84) من الدستور تشترط لكي تكون جلسة مجلس النواب قانونية أن يحضرها اﻷغلبية المطلقة ﻷعضاء المجلس، وأن تستمر هذه الأغلبية حاضرة لكي تكون الجلسة قانونية. كما تصدر القرارات عن مجلس النواب بأكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين ما عدا الرئيس إلا اذا نص هذا الدستور على خلاف ذلك.
إن جائحة كورونا وإن تسببت في غياب مجلس النواب السابق لأكثر من ستة أشهر، فإنه يجب التعاطي معها هذه المرة لكي يتمكن مجلس النواب الجديد على الاجتماع والعمل. فالحاجة للتمثيل النيابي تتعاظم هذه الفترة لغايات تفعيل الرقابة السياسية على أعمال الحكومة والوزراء فيها، وذلك فيما يتعلق بتنفيذ أحكام قانون الدفاع.