زاد الاردن الاخباري -
رصد - عيسى محارب العجارمه - كتب الإعلامي المصري محمد الباز المقال التالي الذي اتحفظ على بعض ما جاء فيه، الا انني أرى نقله بحرفيته فناقل الكفر ليس بكافر، وان ما يصح على الساحة المصرية لا يصح على الساحة الأردنية الهاشمية، فلا صوت يعلو فوق صوت مملكتنا الحبيبة، ومليكها الهاشمي حفظه الله ورعاه، فنحن وبذكري تفجيرات عمان الإرهابية نريد أن نضع الملح على الجرح الأردني الدامي، فتفجيرات عمان ودماء الشهداء في الركبان وقلعة الكرك ونقب الدبور ما هي إلا نتاج للفكر الظلامي الذي نحذر منه وما جرى في الأيام الأخيرة في فينا والنمسا يدلل أن الإرهاب حاضر، ولكن الساحة الأردنية ستكون بالموعد مع دحر الإرهاب من جديد.
محمد الباز يكتب :-
لم تكن مفاجأة أبدًا ما فعلته جماعة الإخوان الإرهابية بعد الإعلان عن فوز جو بايدن، مرشح الحزب الديمقراطى، فى الانتخابات الأمريكية، وحصوله بعد أيام من الترقب والتوتر التى عاشها العالم على لقب الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.
خلال أيام الفرز، التى كان بايدن فيها متقدمًا على دونالد ترامب طوال الوقت، كانت أبواق الجماعة وأذرعها الإعلامية تهلل لقدوم رئيس جديد للولايات المتحدة، تعتقد أنه يمكن أن يعيد ما كان، وزادت على ذلك أن دولًا بعينها، منها مصر والسعودية والإمارات، تعيش فى ورطة كبيرة بسبب تراجع ترامب واقتراب خروجه من الصورة.
كل ذلك لم يكن يمثل شيئًا بالنسبة لى.
فأبناء الجماعة الذين يعيشون فى الأوهام منذ ظهرت عصابتهم إلى النور، فى العام ١٩٢٨ حتى الآن، من الطبيعى أن يواصلوا أوهامهم وغيهم، فيعتقدون أن العالم كله يمكن أن يسير على هواهم ووفقًا لمخططاتهم الخبيثة، لكن ما نسب إلى الجماعة رسميًا هو الذى يعنى الكثير ويكشف الكثير أيضًا.
بعد ساعات قليلة من استقرار بايدن على عرش الانتخابات الأمريكية، وحصوله على ٢٩٠ صوتًا من أصوات المجمع الانتخابى، مقابل ٢١٤ صوتًا لترامب، وقبل إعلان النتيجة بشكل رسمى، نشرت وكالة الأناضول التركية ما وصفته بأنه بيان صادر عن جماعة الإخوان، وكان نصه: «جماعة الإخوان تثمن فوز بايدن وتدعو الإدارة الأمريكية المنتخبة إلى مراجعة سياسات دعم ومساندة الديكتاتوريات».
لم تفصح جماعة الإخوان بأكثر من هذا عمّا تريده، لكنه فى عرفنا وتصورنا كافٍ جدًا لنفهم منه أن هذه الجماعة تحمل جينات الخيانة فى دمها، إدمانها للعمالة لا يمكن أن يفارقها أبدًا، وهذا طبيعى أيضًا، فالجماعة نشأت فى الأساس فى حضن الاستعمار البريطانى، ولدت بتشوهات جينية وخلقية، وهو ما لا يمكن أن تتخلص منه بسهولة.
فالجماعة الإرهابية التى قرر الشعب المصرى أن يخرجها، ليس من المشهد السياسى فقط، ولكن من الضمير الشعبى أيضًا فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فأصبحت مشتتة ومشردة- تعتقد أنها يمكن أن تحصل على قبلة الحياة مرة أخرى من بايدن، فتغازله أولًا بأنه الرئيس المنتخب، وكأن ترامب لم يكن منتخبًا، ثم تضعه فى اختبار أمام قيم حزبه وتطالبه بمراجعة دعم ومساندة الديكتاتوريات.
خبث جماعة الإخوان واضح وظاهر جدًا فى كلامها، الذى رغم كونه مختصرًا فإنه فاضح أيضًا، فهى تضع يدها على كتف بايدن، معتقدة أنه يمكن أن يعود بالحياة إلى سيرتها الأولى، فيفتح ملفات تلفت، وينفخ فيها من روحه، يمد يده إلى جماعة الإخوان مرة أخرى، ويُمكّنها مما فشلت فيه، أو على الأقل يعمل على دمجها مرة أخرى فى الحياة السياسية المصرية.
لقد تابعت بقلق ما كتبه كثيرون من أنصار الدولة المصرية، هؤلاء الذين تركوا أنفسهم لخوف غير مبرر من وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، وقلقى نابع من أنه لا يوجد أى مبرر لهذا الخوف.
كنت أتحدث مع المفكر السياسى الكبير الدكتور عبدالمنعم سعيد، وطرحت عليه بعضًا من هذا القلق، فقال لى: المشكلة فى هؤلاء الذين يؤيدون الدولة ويخشون وصول بايدن إلى البيت الأبيض لا يؤمنون بما يكفى بالدولة المصرية، ولا ما حققته خلال السنوات الماضية.
لن أتحدث كثيرًا عن مؤيدى الدولة، فسرعان ما يعودون إلى أنفسهم وصوابهم وقناعتهم بما حققته مصر خلال السنوات الماضية، وسرعان ما يتأكدون أن دولتهم أصبحت أقوى مما يحلمون أو يتخيلون، وعليهم فقط أن يثقوا فيها بالحدود العليا للثقة.
حديثى عن الجماعة الإرهابية، التى أكدت بموقفها الأخير أنها جماعة «العمالة المطلقة»، الجماعة التى لا تستطيع أن تعيش أبدًا بعيدًا عن كونها تابعًا لقوى خارجية، تعينها وتمكنها وتستخدمها لتحقيق ما تريد، ولا مانع لديها من الاستقواء، فى صورة من صور الخيانة العظمى التى تجلب التقزز وتستجلب كل أشكال القرف الإنسانى من سلوك سياسى يفتقد كل أشكال القيم والأخلاق الوطنية.
كانت الجماعة جزءًا من مشروع إدارة أوباما، التى امتدت من العام ٢٠٠٨ إلى العام ٢٠١٦، لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك أو يتجاهله، لا الجماعة تستطيع أن تفعل ذلك، ولا إدارة أوباما تقدر عليه.
كانت الخطة الأمريكية لمواجهة الجماعات الجهادية المتطرفة، التى أخذت من السلاح طريقًا لتحقيق أهدافها، هى صناعة بديل إسلامى أكثر اعتدالًا، يكون وحده قادرًا على استيعاب المتطرفين بعيدًا عن هز راحة الولايات المتحدة أو التأثير على مصالحها أو اختراق مؤسساتها أو تعريضها لعمليات إرهابية، مثلما جرى فى سبتمبر ٢٠٠١ عندما وجدت الولايات المتحدة نفسها فى مواجهة وحش إرهابى من صنعها.
قبل سنوات من وصول أوباما إلى السلطة كانت جماعة الإخوان قد جهزت نفسها لتكون هذا البديل، ولذلك عندما جاء أوباما إلى البيت الأبيض وجدها مستعدة تمامًا للعب الدور، وكل ما يستوجبه من تقديم فروض الولاء والطاعة.
بنصيحة وتدخل ووساطة من سعدالدين إبراهيم استطاعت جماعة الإخوان أن تعيد إنتاج خطابها مرة أخرى، قدمت نفسها للغرب على أنها الجماعة التى تحترم المرأة وحقوق الإنسان والآخر، ولا مانع عندها- إذا ما وصلت إلى السلطة- أن تحافظ على علاقاتها مع إسرائيل، فلا تنقض عهدًا ولا تخرج على معاهدة.
كانت الإشارات المتبادلة بين الجماعة والإدارة الأمريكية واضحة لا تخفى على أحد، وكان المشروع الإخوانى الذى يرعاه الأمريكان أيضًا واضحًا لا يخفى على أحد.
جاءت أحداث ٢٥ يناير، فاعتبرها الإخوان والأمريكان التربة الخصبة التى يمكن أن ينمو انطلاقًا منها المشروع ويكتمل، قدمت الإدارة الأمريكية كل الدعم لـ«الإخوان» بعد أن استقرت على عرش السلطة، وكانت زيارة هيلارى كلينتون للقاهرة فى يوليو ٢٠١٢ وممارستها أقصى درجات الضغط على المجلس العسكرى. لصالح محمد مرسى، بعضًا من هذا الدعم، الذى تواصل بعد ذلك فى محاولة إنقاذ إدارة مرسى اقتصاديًا، حتى يستطيع الاستمرار فى المشروع الأمريكى- الإخوانى.
هنا يمكن أن نضع أيدينا على حقيقة الموقف، يمكننا أن نلخصه فى ثنائية حقيقية وجادة جدًا، فنحن أمام البراجماتية الأمريكية التى تتجاور مع العمالة الإخوانية.
ظلت الإدارة الأمريكية داعمة للإخوان عندما كانت تملك الأرض وتستطيع التحكم فيها، لكن عندما فشلت الجماعة فى حكم مصر، انتهى مشروعها مع الأمريكان تمامًا، وهو ما لم يدركه الإخوان حتى الآن، فالأمريكان لا يعقدون صفقات مع «فشلة».
لقد اعتقدت الجماعة ومن يقفون وراءها أن وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض يمكن أن يكون فى صالحهم، ووصل الخيال ببعضهم إلى أنه يمكن أن يعيدهم إلى مصر مرة أخرى، إن لم يكونوا حكامًا لها فعلى الأقل مشاركين فى الحياة السياسية، وهو ما يمكننا التعامل معه على أنه الوهم الإخوانى الكامل، ولذلك بالطبع أسبابه الكثيرة والمنطقية.
لقد قرر الشعب المصرى أن يخلع الإخوان من الحكم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، والرئيس فى الولايات المتحدة من الحزب الديمقراطى- باراك أوباما- بل إن جو بايدن نفسه كان نائبًا له، ولم تستطع الإدارة الأمريكية أن تقف أمام إرادة المصريين أو تمنعهم من تحقيق ما رأوا أنه فى مصلحة وطنهم العليا، بل إننا خلال ما يقرب من سبع سنوات لم نسمع أحدًا من الحزب الديمقراطى يصف ما حدث فى مصر على أنه انقلاب، وهو التوصيف الذى يروق للجماعة ومن يناصرها.
وقد تسأل: لماذا أبدت الإدارة الأمريكية تشددًا مع مصر بعد ٣٠ يونيو، وهل يمكن أن نفسر هذا بأى سبب غير غضب سكان البيت الأبيض مما جرى للإخوان؟
سأقول لك: حاول أن تبعد الإخوان قليلًا عن ذهنك، فالحزب الديمقراطى له قيمُه وله أسسه التى يعمل على ترسيخها داخل الولايات المتحدة وخارجها، وقد رأى فيما حدث ما يخالف منطلقاته السياسية والفكرية، ولأن هناك علاقات وثيقة بين مصر وأمريكا، فقد كان طبيعيًا أن تتوتر العلاقات، ليس غضبًا من أجل الإخوان، ولكن لاختلاف الرؤى حول ترتيب الأوضاع فى مصر.
لم يكن غريبًا أن تُعبر الإدارة الأمريكية وقتها عما ترى أنه صحيح، ولم يكن غريبًا أيضًا أن يمضى الشعب المصرى فيما يرى أنه صحيح.
كان كل يوم يمر تقوى فيه الدولة المصرية، وتضعف شوكة الجماعة الإرهابية، يتأكد العالم أن الإخوان كانت جملة اعتراضية فى التاريخ المصرى، وبعد أن انتهت فمن الصعب أن تعود مرة أخرى، تقريبًا كانت الجماعة وحدها هى التى تملك يقينًا بأنها حتمًا ستعود.
وقد يكون هذا تحديدًا ما دعا الجماعة الإرهابية إلى أن تحيى الأمل فى قلبها من جديد بعد إعلان فوز بايدن وقرب دخوله إلى البيت الأبيض، فما الذى يمنع بالنسبة لها أن يعود الود، وأن تعود الإدارة الأمريكية إلى سيرتها الأولى ومشروعها القديم؟
لن أشير إلى ما فى ذلك من تأكيد على خيانة الجماعة الكاملة، ولكننى أشير إلى ما هو أكثر، فما يحدث على الأرض الآن يشير إلى أننا أمام جماعة لم تفهم فى يوم من الأيام ما تعنيه السياسة، ولم تعِ فى يوم من الأيام معنى أن تكون هناك دولة.. بل يصل الأمر بنا إلى أن نصف هذه الجماعة بأنها أغبى جماعة على مر التاريخ كله.
لقد انتهى المشروع الإخوانى بالنسبة للإدارة الأمريكية تمامًا، ليس لأن جماعة الإخوان فشلت فقط فيما مضى، لم تمسك بالفرصة التى جاءتها على طبق من ذهب بمساعدة الأمريكان، ولكن لأن هناك أسبابًا عديدة لذلك.
فمصر التى كانت فى ٢٠١٣ ليست هى مصر فى ٢٠٢٠.
والولايات المتحدة الأمريكية التى كانت فى ٢٠١٣ ليست هى فى ٢٠٢٠.
كما أن جماعة الإخوان الإرهابية التى كانت فى ٢٠١٣ ليست هى فى ٢٠٢٠.
الأمر يختلف تمامًا، فمصر فى ٢٠١٣ كانت دولة جريحة، خارجة للتو من أحداث ثورتين كبيرتين تركتا خلفهما آثارًا مزعجة على السياسة والاقتصاد معًا، ولا يمكن أن ننسى أننا بعد ٢٠١٣ كنا نعيش حالة من الحصار الدولى بسبب الصورة المغلوطة التى تم تصديرها للعالم، وهى الحالة التى استطاعت مصر كسرها من خلال تحركاتها الخارجية، فأصبح لمصر دور وتواجد دولى غير مرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية فقط.
ويمكن لمن ينكرون ذلك أن يراجعوا علاقات مصر الخارجية وارتباطاتها بالقوى الأساسية فى العالم الآن، وهو ما يعنى أننا كما نوّعنا مصادر تسليحنا نوّعنا أيضًا أشكال علاقاتنا، وأصبحت لنا امتدادات مهمة فى أوروبا وآسيا ومع الصين وروسيا، كما أن الدور الذى تقوم به مصر فى المنطقة العربية وإفريقيا جعل منها دولة مؤثرة إلى المدى الذى يجعلها لا تتوقف على هوية ساكن البيت الأبيض، وما إذا كان ديمقراطيًا أو جمهوريًا، وما إذا كان مسئولًا سابقًا مؤثرًا فى إدارة أوباما مثل بايدن، أو رئيسًا له سلوكه الخاص وقناعاته الخاصة مثل ترامب.
الولايات المتحدة الأمريكية ليست هى نفسها الدولة التى كانت موجودة فى ٢٠١٣، فنحن أمام أمة جريحة خرجت من معركة انتخابية صعبة على الجميع، والدليل على ذلك أن جو بايدن، الرئيس الجديد، وفى أول خطاب له أمام الأمة الأمريكية دعا إلى ضرورة لم الشمل ومواجهة الانقسام، والإشارة هنا إلى أننا أمام حالة من التمزق تحتاج إلى المزيد من العمل لتجاوز عقبات وتحديات تمثل إرثًا ضخمًا، على ساكن البيت الأبيض الجديد أن يتصدى له بسرعة وكفاءة.
لقد أبدى جو بايدن فرحة غامرة بفوزه على ترامب، لكن هذه الفرحة ستظل منقوصة، من زاوية أن خطاب النصر الذى ألقاه بايدن ولأول مرة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية كان منقوصًا.
لقد اعتاد الرؤساء السابقون أن يبدأوا حديثهم الأول إلى الأمة الأمريكية بأنهم تلقوا اتصالًا هاتفيًا من خصمهم هنأهم على الفوز، وأبدى استعدادًا للعمل من أجل مصلحة الولايات المتحدة، وهو ما لم يحدث مع بايدن، فحتى الآن لم يتقدم له ترامب بالتهنئة، لأنه بالأساس لم يعترف له بالفوز، ومن زاوية أخرى، وبرغم أن الأمور حسمت بشكل كبير، فإن بايدن سيظل يعانى من شروخ شرعيته بسبب ما يحيط بفوزه من اتهامات أجاد ترامب صياغتها، وحتمًا سيظل أتباعه من «الترامبيست»، وهم بالملايين، فى ترديدها خلال ولاية بايدن التى تمتد إلى العام ٢٠٢٤.
لن يتخلى جو بايدن عن ترسيخ قيم حزبه، وهو ما تعوّل عليه جماعة الإخوان، حيث من خلال هذه القيم يُمكن أن يشكل ضغطًا على مصر وغيرها من الدول العربية، وهو الضغط الذى يمكن أن يصب فى مصلحة الجماعة حتمًا كما تعتقد.
لقد حدد جو بايدن ملفاته التى سيعمل عليها من الآن، وضح هذا من خطابه الأول للأمة الأمريكية، فهو كما قال: سنواجه جائحة كورونا ونقضى على العنصرية ونعيد النظام الصحى ونحمى البيئة من التلوث المناخى.
الإشارة واضحة إذن، فلدى الرئيس الأمريكى الجديد ما يشغله، وما يشغله هذا يمكن أن يستغرق وقته كله، وما سيتبقى منه يمكن أن يصرفه بعد ذلك للملفات الخارجية التى لن يكون منها بالتأكيد المشروع الإخوانى الفاشل، الذى كانت تدعمه إدارة أوباما.
ثم وهذا هو المهم الذى يجب أن نعترف به جميعًا، فإن بايدن ليس أوباما، حتى لو كان لأوباما حضور قوى فى حملته الانتخابية.
جماعة الإخوان الإرهابية هى الأخرى ليست كما كانت فى ٢٠١٣، وقتها كانت خارجة لتوها من السلطة، المعركة كانت ساخنة، والوهم فى العودة كبير جدًا، والدعم الذى تحظى به من دوائر عالمية مختلفة كان كبيرًا جدًا تأسيسًا على الصورة التى رسمتها هى بأنها جماعة مغلوبة على أمرها، وأن ما حدث فى مصر انقلاب على الاختيار الديمقراطى الذى أبداه الشعب المصرى أمام صناديق الانتخابات.
لكن مع توالى السنين تبدد هذا الوهم تمامًا، وتحولت الجماعة إلى عصابة لا تجيد سوى التحريض على الدولة المصرية ومؤسساتها، ثم إنها وبفشلها المتكرر فى هز استقرار الدولة المصرية لم تفقد فقط الدعم المالى الذى كان يقدم لها، بل فقدت أى احترام من أى دائرة عالمية، بل بالعكس تمامًا تحولت الدوائر العالمية إلى خصم عنيد للجماعة، والشاهد على ذلك مشروعات دول العالم المختلفة لوضع الجماعة على قوائم الإرهاب.
أزمة الجماعة الحقيقية أنها لا تزال تعيش فى وهمها الذى صنعته بنفسها، نسجت منه ثوبًا فضفاضًا وارتدته، وحاولت أن تقنع العالم أن هذا الثوب مناسب لها وعلى مقاسها تمامًا، رغم أن شكلها فى هذا الثوب تحديدًا فاضح ومثير للسخرية والضحك، ولا أدرى لما لا تقف الجماعة أمام أى مرآة لتعرف ما الذى وصلت إليه.
قد تكون هذه الصورة التى تبدو عليها جماعة الإخوان الآن هى الدافع لأن نقول إنها انتهت تمامًا، حتى لو كانت لها بعض المحاولات للعودة إلى المشهد، فما تفعله ليس إلا من باب حلاوة الروح التى لا تفارق الميت فى لحظاته الأخيرة.
لقد أرادت الجماعة تصوير ما حدث فى الولايات المتحدة الأمريكية على أنه يصب فى مصلحتها، وقد حاولت تنفيذ ذلك من خلال إطلاق أذرعها الإعلامية للادعاء بأن مصر مرتبكة بما حدث، وأن إعلامها لا يجد ما يقوله، وأن الخوف يحاصر الجميع، وهو ما لم يحدث، لأن مصر- ومِن ورائها إعلامها- ومن اللحظة الأولى وقفت على الحياد مما يحدث فى الولايات المتحدة، بقناعة أن هذه انتخابات خاصة بأمريكا، وأن الرئيس الذى سيدخل البيت الأبيض هو رئيس الولايات المتحدة وليس رئيس مصر، ولا يملك أى ولاية من أى نوع عليها.
هذه هى الحقيقة الوحيدة التى يجب أن يستوعبها الجميع.. وأما غيرها فليس إلا مجموعة من الأوهام.
المصدر صحيفة الدستور المصرية