كلنا يتذكر تلك المرأة المظلومة، التي رفعت اكفها الى السماء داعية على من ظلمها ،قائلة : "الله يحاصرك مثل ماحاصرتنا" .
نعم . . من لايتذكر تلك المراة وهي تقف على ركام بيتها وتتحدث بلسان أهل غزة وهم يواجهون القتل والدمار والإبادة ويصمدون كصخرة منيعة في وجه اليهود المحتلين (الذين لم تصمد الدول العربية المحيطة بهم بجيوشها أكثر من ستة ساعات فيما سمي بالنكسة) ، فلم يرهبهم الرصاص المصبوب ، ولا قذائف الدبابات وصواريخ الطائرات التي لم تفرق بين صغير وكبير ومدني وعسكري ،كل هذا ولم يؤثر فيهم كما اثر الحصار الذي فرضه عليهم طاغية مصر وفرعونها المخلوع ، فرُفعت اكف في انحاء المعمورة تدعوا عليه بان يتذوق من نفس الكأس الذي سقاه لأهل غزة ، وكانت الاستجابة من العدل الحكم ، فانتفض المصريون وخلال اقل من عشرين يوماً (وهي نفس الفترة التي كانت تتعرض فيها غزة للدمار وهو يحاصرها)حوصر الطاغية وتخلى عنه أسياده الذين كان يحاصر غزة لأجلهم ، وتخلى عنه العالم اجمع بعد ان تخلى عنه شعبه وحتى أعضاء حزبه ،وهاهو اليوم يطرد من شرم الشيخ كما تطرد الكلاب ، ليبحثوا له عن سجناً يواريه عن أعين الناس الذين لم يعودوا يطيقون رؤيته ، فضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه ، وأصبح في حالة لا يحسد عليها ، وأطال الله في عمره كي يذيقه الذل والهوان ، إنها خطايا أطفال ونساء وشيوخ ومجاهدي غزة وليس هذه الخطايا فقط ، بل خطايا ملايين المصريين الذين جعل منهم هذا الفرعون مشردين في أنحاء الأرض يبحثون عن لقمة العيش ، وهو يغرق في شهواته وملذاته التي جمعها من قوت ودماء المصريين ، و هي خطية كل العرب الذين جعل منهم اتباعاً واذناباً للقوى الغربية ، ومثّل عليهم دور الأخ الأكبر وساقهم إلى ذل العبودية والتبعية بحجة عدم قدرتهم على المقاومة . لقد نجّى الله فرعون مصر ببدنه ليكون عبرة لمن خلفه ،فهل يتعظ فراعنة هذا الزمان بما حدث له ؟
سالم الخطيب