تقفز فكرة المقال إلى وجه الكاتب دونما إنذار "خبط لزق" تشعر انك بحاجة للكتابة، تولد الفكرة وتتدحرج ككرة ثلج، تكبر أكثر فأكثر إلى أن تصبح غير قادر على حملها، أحيانا تكون الفكرة محفوفة بالخوف، فتخشى كتابتها كي لا يساء فهمك، وأحيانا تكتب بتمويه "ولف ودوران" كي تصل إلى الفكرة من خلال رفع درجة حساسية القارئ، والكاتب الذكي هو الذي يستطيع أن "يتملص" مما كتب، فيكتب بعموميات كأن يجري الكلام على لسان الحيوانات، لن يسألك أحد "شو قصدك بالسلحفاة؟!"، أو من تعني "بالأرنب" وبالتأكيد لن يقول لك أحد لماذا قلت عن الأسد انه "كلب".
وتأتيك أحيانا الجرأة "كلفحة برد" هبة من المجهول ضربتك وغادرت وتكون أنت في هذه الأثناء قد كتبت المقال وأرسلته وبمجرد ضغطك على زر "أرسل" يصبح المقال ملكا للعامة والخاصة، ملكا للكل إلا أنت...وتبدأ بمحاسبة ذاتك ولعل أول سؤال يتبادر إلى ذهنك ككاتب هو "أي أنا شو مبلشني؟"... وتبدأ رحلة الصراع مع الذات وأحيانا يصل الهم إلى بيتك فالقلق الذي يبدو عليك من مقال أرسلته للتو يظهر على أهل بيتك، ثم تعود من جديد لذات الفعل وكأن شيئا لم يكن، شيء داخلك أنت فقط لا يدركه أحد غيرك يقول أن كلمتك أمانه ويجب أن تكتبها، و يصادف أن تندم على مقال كتبته لأنك كنت "بواد والصحيح بواد ثاني ومرات ثالث وبالنزول رابع".
الكثير من الأشياء الأهلية مرهونة بالحصول على ترخيص، الدكان بحاجه إلى ترخيص، محل الحلاقة ،العيادة، النادي الرياضي ،الحزب ،المسيرة ،التجمهر، حتى داتسون الكاتب محمود الشمايله كل شيء تقريبا يحتاج ترخيص، فعند الترخيص لأول مرة يتم الكشف على الموقع من قبل البلدية والصحة ووزارة البيئة وتنظيم قطاع النقل ويمكن أن يطلب منك فحص مستوى الخصوبة ومستوى كريات الدم الحمراء وأشياء أخرى كثيرة، لكن في المرة الثانية يقتصر الحصول على الرخصة على دفع الرسوم فقط.
ما حدث في الزرقاء من وجهة نظري هو محاولة حكومية للحصول على ترخيص من الشعب لإجهاض الحراك السلفي الجهادي. يتحمل مدير الأمن العام بصفته مديرا مسؤولية إصابة عدد من أفراد الأمن الذين نكن لهم كل محبة واحترام، ويقتصر تحمل المسؤولية على تحملها فقط، وللتوضيح مدير الأمن لا يقدم استقالته لمثل هذا الخطأ الفادح لسبب بسيط وهو والعلم عند الله أن العملية مقصودة، يتم الزج برجال الأمن العام بين السلفيين ويتم الزج بعدد من البلطجيين الذين لديهم الاستعداد لضرب الطرفين وكل من الأمن العام والسلفيين يظن أن الآخر "غريمه" ويبدأ النزال وهكذا... حتى لو جرح هذا العدد "عادي" المهم بالنسبة لمدير الأمن أن يتحمل المسؤولية بالإعلان عن تحملها، هذه العقلية التي يفكر بها ليس فقط مدير الأمن، بل معظم المسئولين لدينا، لن يستقيلوا "لأنها بتخرب وراهم".
في إسرائيل هناك حركات دينية متطرفة تدعو لقتلنا بل إنها ترى في محادثات السلام كفر مطلق وإسرائيل تستغلهم للضغط علينا وعلى المجتمع الدولي بحيث تظهر حكومتها وكأنها تضغط على شعبها حين تفاوض الفلسطينيين، وتستغل وجود مثل هذه الجماعات كداعم لها بعدم تقديم تنازلات، لماذا لا يتم الاستفادة من وضع السلفيين والمعارضة عموما بنفس العقلية بحيث يشكلوا ورقة ضغط بيد الحكومة على إسرائيل بدل أن يكونوا أداة ضغط على الشارع "والرصيف أحيانا"...أنا أقول لكم لماذا، لأن هناك مسئولين لدينا لا يريدوا الإصلاح ويؤمنوا بشكل مطلق "إنها بتخرب وراهم".
قصــــــــــــــــــــي النســــــــــــــــــــــــــور