زاد الاردن الاخباري -
أكد الملك محمد السادس، ليل الإثنين، أن المغرب عازم على الرد “بصرامة” على أي تهديد لأمنه في ظل التوتر الذي تشهده الصحراء الغربية، المتنازع عليها بين المملكة وجبهة بوليساريو، بينما تحدثت الجبهة التي أعلنت “حالة الحرب” عن “مواصلة” استهداف مواقع عسكرية مغربية الإثنين.
وجدد العاهل المغربي في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش التأكيد على “تشبث المغرب الراسخ بوقف إطلاق النار”.
لكنه أضاف “وبالحزم ذاته، تظل المملكة عازمة تمام العزم على الرد، بأكبر قدر من الصرامة، وفي إطار الدفاع الشرعي، على أي تهديد لأمنها وطمأنينة مواطنيها”، بحسب ما أفاد بيان للديوان الملكي.
جاء هذا التحذير بينما أعلنت “الجمهورية العربية الصحراوية” التي أعلنت بوليساريو قيامها في الجزائر منذ 1976، “حالة الحرب” منذ الجمعة، ردا على عملية عسكرية قام بها المغرب لإعادة فتح معبر الكركرات الحدودي في المنطقة العازلة باتجاه موريتانيا. وذلك بعد “عرقلة” المرور منه من طرف أعضاء في بوليساريو لثلاثة أسابيع، بحسب الرباط.
وتابع العاهل المغربي أن المملكة “ستواصل اتخاذ الإجراءات الضرورية بهدف فرض النظام وضمان حركة تنقل آمنة وانسيابية للأشخاص والبضائع في هذه المنطقة”.
في المقابل، تعتبر جبهة بوليساريو أن العملية التي قام بها المغرب قد “أنهت” اتفاق وقف إطلاق النار المعمول به منذ 1991 برعاية الأمم المتحدة بعد نزاع مسلح استمر منذ 1975، مؤكدة، الإثنين، “مواصلة” الهجمات على مواقع الجيش المغربي.
“هجمات مكثفة”
أصدرت بوليساريو عدة بيانات منذ الجمعة تتحدث عن “هجمات مكثفة” على مواقع مختلفة للقوات المغربية على “الجدار الدفاعي”. ويفصل هذا الجدار الممتد على حوالى 2700 كيلومتر منذ نهاية الثمانينات القوات المغربية عن مقاتلي بوليساريو، وتحيط به المنطقة العازلة وعرضها خمسة كيلومترات من الجهتين.
وأفادت “وزارة دفاعها” في أحدث تلك البيانات ليل الإثنين “نفذت خلال هذا اليوم وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي هجومات مكثفة على جدار الذل والعار المغربي”، موضحة أن الهجمات استهدفت عدة مواقع عسكرية بين صباح وعصر الإثنين.
ويصعب الوصول إلى المنطقة بحكم موقعها الجغرافي. ولا تسمح الرباط للصحافيين بالتنقل في المنطقة بحرية حتى في الأوقات العادية. كما يصعب الوصول إليها من المناطق الحدودية في الجانب الجزائري، بسبب إلغاء الرحلات الجوية الداخلية جراء وباء كوفيد-19.
وفي نيويورك، اكد متحدث باسم الأمم المتحدة أن بعثة المنظمة في الصحراء الغربية اكدت حصول تبادل لاطلاق النار بين الجانبين ليل الأحد الإثنين.
وقال ستيفان دوجاريك ردا على سؤال إن البعثة “تلقت معلومات من الجانبين عن إطلاق نار في أماكن مختلفة خلال الليل”، لافتا إلى أنها “لا تزال تحض الجانبين على ضبط النفس واتخاذ كل التدابير الضرورية لخفض التوتر”.
وأضاف أن “زملاءنا على الأرض في الصحراء الغربية يواصلون مراقبة الوضع من كثب”.
بالمقابل لم يصدر أي بيان رسمي مغربي عن وقوع اشتباكات، باسثناء الإشارة إلى تعرض القوات المسلحة الملكية أثناء تدخلها في الكركرات لإطلاق نار ردت عليه “بدون تسجيل أي خسائر بشرية”، كما أفاد بيان لقيادتها العامة ليل الجمعة.
وأكد هذا البيان أن المعبر “أصبح الآن مؤمنا بشكل كامل من خلال إقامة حزام أمني”. وقد استؤنفت السبت حركة المرور عبر الكركرات، الطريق الحيوي لنقل البضائع نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء، بحسب مصادر متطابقة.
لكن وكالة الأنباء المغربية نقلت ليل الأحد، على نحو غير معتاد، عن منتدى غير رسمي للقوات المسلحة الملكية قوله إن الأخيرة أطلقت النار، ردا على “استفزازات” بوليساريو في منطقة المحبس شمال الجدار العسكري.
وقالت الوكالة نقلا عن صفحة هذا المنتدى على موقع فيسبوك “منذ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، قامت ميليشيات البوليساريو باستفزازات عبر إطلاق النيران على طول الجدار الأمني بدون إحداث أي أضرار بشرية أو مادية بصفوف القوات المسلحة الملكية”.
وأضافت “تنفيذا لأوامر بعدم التساهل مع أي استفزاز من هذا النوع، فقد ردت العناصر الباسلة للقوات المسلحة الملكية بشكل حازم على هذه الاستفزازات، ما خلف تدمير آلية لحمل الأسلحة شرق الجدار الأمني بمنطقة المحبس”.
استفتاء
أثارت عودة التوتر إلى هذه المستعمرة الإسبانية سابقا، المنطقة الوحيدة في أفريقيا التي لم يحسم بعد وضعها لفترة ما بعد الاستعمار، قلقا على مستوى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وعدة دول، ودعوات لاحترام وقف إطلاق النار.
وقال “وزير خارجية” الجمهورية العربية الصحراوية محمد سالم ولد السالك، الإثنين، “إن نهاية الحرب باتت مرتبطة بإنهاء الاحتلال غير الشرعي”، للمنطقة التي يسيطر عليها المغرب. كما ترتبط، على قوله، بالتطبيق التام لاتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على إجراء استفتاء لتقرير المصير.
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة اعتبر نهاية تشرين الأول/ أكتوبر أن قرار مجلس الأمن الأخير حول هذا النزاع “لا يتضمن أية إحالة على الاستفتاء، بينما يشير ست مرات إلى الحل السياسي”، وأن “من يواصلون طرح خيار الاستفتاء هم خارج القرار الأممي”.
ويدعو هذا القرار الذي صدر قبل التوتر الحالي أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019، “بدون شروط مسبقة وبحسن نية (…) من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل دائم يحظى بالقبول المتبادل، يمكن من تقرير مصير شعب الصحراء الغربية”.
ويسيطر المغرب على ثمانين بالمئة من مساحة الصحراء الغربية، الغنية بالفوسفات والثروة السمكية. ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو باستقلالها.
وقد شهدت نزاعا مسلّحا استمر حتى وقف اطلاق النّار في 1991 بين المغرب الذي ضمّها في 1975 وبوليساريو.
وترعى الأمم المتحدة منذ عقود جهودا لإيجاد حل سياسي ينهي النزاع حول الصحراء الغربية. لكن المفاوضات التي تشارك فيها أيضا الجزائر وموريتانيا توقفت منذ 2019 بعد استئنافها في 2018. (أ ف ب)