بعد أكثر من 9 شهور على جائحة كورونا في الأردن أقر أعلى مسؤول صحي في البلاد أن هناك اخفاقات وقعت في التعامل مع أزمة “كورونا”.
الاقرار بالأخطاء والشفافية في التعاطي مع الجمهور هو أكثر ما يحتاجه الأردن لإعادة بناء الثقة في التعامل مع الجائحة، وهذا ما فعله تماما وزير الصحة د. نذير عبيدات في المنتدى الإعلامي الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين بالتعاون مع زين.
وزير الصحة أعلن ان الفشل في ضبط حدود العمري كان أحد الأسباب في الانتشار المجتمعي لفيروس كورونا، بالإضافة الى حالة التراخي التي اتسم بها الأداء بعد الاستمرار في تسجيل حالات صفرية ومتدنية في الأشهر الأولى، عدا عن عدم العمل بشكل فعال في رفع قدرات المنظومة الصحية سواء ما يتعلق بتوسعة المستشفيات أو تعيين الكوادر الطبية.
الثغرات التي تحدث عنها الوزير صراحة كان يعرفها الكثير من الناس، ويريدون ان تعترف بها السلطة التنفيذية بدل لوم المجتمع فقط، وتحميله المسؤولية عما آلت اليه الأوضاع.
الشعور ان الحكومة تعتمد سياسة التجريب بالناس وليس لديها خطة واضحة للتعامل مع الوباء لا يوافق عليها الوزير، وما يؤكده دراسة الوضع الوبائي أولا بأول لتقليل الإصابات والوفيات.
التعامل مع كورونا يخضع لمتغيرات كثيرة حسب رأي عبيدات، ويمكن الاستنتاج والقول لا يوجد أسود أو أبيض في أي توجه أو قرار، وما تفعله الحكومة انها تتعامل مع مقتضيات الحال والواقع والحالة الراهنة، وتحاول ان تستلهم مقاربات تضمن صحة الناس وسلامتهم، وهذا يعني حكما أن هناك من سيؤيد إجراءاتها وهناك من يخالفها.
سألت الوزير سؤالا مباشرا ان كان يشعر بالخطر مثلي ومثل الكثير من الأردنيين والأردنيات والمقيمين على أرضه بعد أن تزايدت الإصابات لتصبح من أعلى النسب في العالم، وكذا الأمر الوفيات فلم يوافقني على هواجسي ومخاوفي، ولم يقلل في الوقت نفسه من وجود مخاطر قائمة، والأكثر أهمية باعتقاده ان الإصابات لا تسجل قفزات ولا تتضاعف، وهذا يعزز الأمل أن الوضع ما يزال تحت السيطرة، مستطردا ان الطمأنينة تتحقق حين يتم تسطيح المنحنى الوبائي.
حاولت بشتى الطرق محاصرة الوزير لأعرف اجابة عن سؤال يشغل كل الناس في البلاد؛ هل يوجد حظر شامل بإجابة قاطعة نعم أم لا ، فلم استطع وكل ما قاله” لا نفكر بالحظر الشامل وأي تطورات تجري حسب مقتضيات الحال”.
من الواضح ان الدولة لا تريد حظرا شاملا حتى لا تتعمق الكارثة الاقتصادية، وما سيدفعها لهذا القرار هو خروج الوضع الوبائي عن السيطرة، وتضاعف الإصابات والوفيات، وارتفاع اشغالات أسرة المستشفيات لدرجة خطيرة ومقلقة، وفي كل الأحوال فان أي حظر شامل في حال حدوثه فانه سيراعي السماح للناس بشراء احتياجاتهم مشيا على الأقدام، ولن يكون إغلاقا شاملا لكل مناحي الحياة.
الوزير يحاول فرض معطيات جديدة على أرض الواقع بدل التغني بالشعارات والاستعراضات، ويبدو ان إنجاز مستشفيات ميدانية بعد شهر، وتعيين ألفي طبيب وطبيبة وممرض وممرضة خطوة بالاتجاه الصحيح ، ومع ذلك تظل بعض القرارات ملتبسة وغير معللة علميا مثل منع تدخين الأرجيلة في المقاهي والمطاعم، فان كانت بعض المقاهي والمطاعم لا تلتزم بإجراءات الصحة والسلامة فاتخذوا إجراءات حاسمة بحقها، ولا تعاقبوا الجميع فتطلقوا رصاصة الرحمة على قطاع اقتصادي كامل.
الأمل في الانتصار على هذه الجائحة هو توفر اللقاح، وتأكيد الوزير عبيدات على ان الحكومة وقعت حتى الآن اتفاقيات مع عدة شركات لتوفير 20 % من احتياجات السكان لتطعيمهم وعلى حساب الدولة هو البشرى، وقبل نهاية الربيع المقبل 2021 سيكون المجتمع أكثر أمانا، وستعود الحياة لطبيعتها، وستصبح هذه المأساة من ذكريات الماضي، وسيبقى الأردن عصيا قويا شامخا.