الشعب قَرًف الملل والحكام ملّلوا القرف
لنحدًد اهداف الثورة
إنّ الشعوب العربية وحكامها ضيًقوا الخُلُق وصبرهم قليل سرعان ما يمًللُّون ويعودون إلى حالة السكون فهم لا يرغبون الحركة ولا التغيير مهما كان ذلك مفيدا لهم وذلك يعود لأ مرين أولهما انهم لا يحبون ولا يرغبون بالتغيير وثانيهما انهم لا يخططون لمستقبلهم ولا يفكرون بطريقة تعاونية وإنما تسيطر عليهم طريقة التفكير الفردي أو الخطّي (Linear Thinking) وهذان الأمران هما سبب تأخرنا عن الركب العالمي الحديث وسبب تفشًي الفساد في مجتمعاتنا طبعا هذا يرافقه الكثير من الكذب والضبابية والدكتاتورية والشللية وغيرها من الأوصاف والعادات المكتسبة جيل عن جيل منذ مئات السنين وتكرّست بحيث وُسًمنا بها .
إنّ ما يدفعني الى هذا الكلام هو ما يحدث هذه الأيام على بعض الساحات العربية مطالبة بالتصحيح والتغيير وحيث انها تحركات عفوية صادقة الهدف والمقصد إلاّ أنها غير واضحة الخطّ والطريق وقد مرّت أول ثورتين واستطاع الشباب طرد دكتاتورين عربيين حكما طويلا بعد ان نهبا وأنسباؤهما خيرات وثروات بلديهما وبات الجياع هم كل الشعب وهدف النجاح النسبي لهاتين الثورتين هو عدم تدخل الأعداء الطامعين لإستغلال الثورتين لمصلحتهم بشكل مبرمج منذ البداية وكأن الغرب لم يكن يصدًق ان الشباب العربي ممكن ان ينجح في إنتفاضته وانتبه الغرب لما بعدهما من ثورات فهو يريد ان يستفيد من الحكام المهددين بالرحيل ومن الثوار انفسهم في نفس الوقت وبدأ الغرب بإخراج المخططات المعدّة سابقا والبدائل المقترحة وبدأت مطابخهم السياسية بإعداد السيناريوهات الصالحة لكل بلد وتلبي مصالح الغرب وإسرائيل معا على حد سواء وبشكل مقبول الشكل للثوار .
وها نحن نرى الحرب الليبية اللوبية وبوادر إنقسام البلد ليحوز الغرب على النفط الليبي الحلو مقابل ضمان حياة قاتل وأولاده وبموافقة عربية لوبية وكما ان الغرب شغالين على موضوع اليمن وإبقائها نقطة حماية للسفن الدولية من القراصنة وأي اخطار مستقبلية وذلك مقابل خروج مشرًف لزعيم راحل لا محالة ونرى كذلك كيف كشفت الصحافة الدولية أن امريكا سلّحت المعارضة السوريّةمن عام 2005 وحتى نهايات عام 2010 لتدمير البلد وضمان امن إسرائيل وتبعد خطرها المزعوم على لبنان علما ان حاكمها لم يُمضي عشر سنوات من حكمه بعد .
وبعد للغرب في كلً بلد عربي مقصد ومآرب في العراق ولبنان والسودان والمغرب والصومال والسعودية والأردن والجزائر وعُمان وغيرها ما عدا فلسطين فهي بين يدي إسرائيل وأوشكت ألإنتهاء من مخطط التهويد الكامل للأرض المقدّسة ومقدّساتها بل وهدم أقصاها الذي غاب عن قلوب العرب والمسلمين والفلسطينيين إلاّ من رحم ربّي وكلُ تلك المقاصد ليست في صالح الدول العربية وشعوبها بل هي ضدها ولدمارها وتركها لدينها وقًيَمُه السمحة .
إن ما يحدث الان اثبت ان الشعوب العربية المحكومة بالحديد والنار اثبتت انها مصابة بداء القرف (المُعدي )من الملل الذي هي فيه كما أن حكَامها من كثر الترف اللذين يعيشون فيه قد ملّلوا من قرف شعوبهم وسارع بعضهم بالتصريح انه لا ينوي الترشح مرة أُخرى أو انه لا يؤيد التوريث في الحكم وغير ذلك ولكن الشيء اللافت للنظر هو هدف هذه الثورات واللذي كان يجب تحديده بثلاث مطالب أولها التغيير والإصلاح الإيجابي في السياسة والإقتصاد والمجتمع وثانيهما إصلاح التشريعات والدساتير والقوانين .
وثالثها محاربة الفساد واجتثاثه ومحاسبة الفاسدين ومحاكمتهم وإبعادهم عن المسؤولية ومعاقبتهم بشكل حقيقي وفعّال ومنظور ومحسوس .
إنّ تلك الاهداف الثلاث ينتج عنها حبس الفاسدين وناهبي خيرات البلد وطرد المسؤولين من سدّة الحكم وإسترجاع حقوق الشعب المسروقة ماليا وتراثا وثرواتا وكذلك وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وحماية سيادة الوطن والقانون وحقوق الإنسان وشيوع الديموقراطية وحرية التعبير ومع الزمن إضمحلال العادات السيئة من كذب ونفاق وشللية وخوف ضمن تشريعات عادلة للجميع كما انها تعطي راحة نفسية للشعوب بأن هناك اهداف محددة بدل أن تُوصف أي خطوة بأنها غير كافية ولتعرف الشعوب والحكام معا ما هو الكافي لتحقيق اهداف الثورة وليعرف الناس إلى اين يسيرون وان دم الشهداء لم ولن يذهب هدرا.
ويصبح المجتمع قادرا على العمل بروح الفريق وبطريقة تعاونية بعد ان ينبذ الطريقة الانانية الفردية في العمل وتعود البسمة البريئة على شفاه الأطفال .
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
صدق الله العظيم
المهندس أحمد محمود سعيد
دبي – 19/4/2011