زاد الاردن الاخباري -
أكد منتدى الاستراتيجيات الأردني ضرورة أن يسعى قانون الموازنة العامة لعام 2021 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام، مع الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على توفير الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم وحماية فئات الدخل المنخفض، وذلك في ورقة سياسات أصدرها اليوم الأربعاء بعنوان: "موازنة العام 2021: التكيف مع جائحة كورونا وما بعدها".
وأشارت الورقة إلى أن الاقتصاد الأردني يواجه العديد من التحديات قبل ظهور جائحة كورونا، إلا أن هذه الجائحة أدت إلى تفاقم الأزمة، والمتمثلة بتواضع مستويات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، إضافة إلى العجز المستمر في الموازنة العامة، وزيادة مستويات الدين العام.
واستعرضت الورقة بعض المشاهدات على أداء السياسة المالية والاقتصاد الأردني خلال السنوات الماضية والأثر الناجم عن جائحة كورونا، حيث ارتفع عجز الموازنة لعام 2020 (باستثناء المنح الخارجية)، من 044ر1 مليار دينار أردني (كانون الثاني - آب 2019) إلى 658ر1 مليار دينار أردني (كانون الثاني - آب 2020)، مع إمكانية توسع هذا العجز بنهاية عام 2020.
وبينت الورقة إلى أن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس الأخيرة لم تساهم بشكل فعال في تخفيض معدلات البطالة، بل على عكس فإن معدلات البطالة أخذة في التزايد.
كما بينت الورقة أن جائحة كورونا والتداعيات الناجمة عنها ستؤدي إلى تراجع معدل النمو، مما يعني زيادة في معدلات البطالة بنهاية 2020 لمستويات غير مسبوقة، حيث ارتفعت معدلات البطالة بالفعل من 19 بالمئة في الربع الأول إلى 9ر23 بالمئة في الربع الثالث من عام 2020، ومن المرجح أن تزداد هذه النسبة في الربع الأخير من عام 2020.
وأشارت ورقة السياسات التي أصدرها منتدى الاستراتيجيات إلى أن نسبة الدين العام، إلى الناتج المحلي الإجمالي تتراوح حول 92-95 بالمئة؛ وكانت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي، 2ر95 بالمئة وبسبب ما نجم عن جائحة كورونا تجاوزت هذه النسبة 109 بالمئة بنهاية آب لعام 2020، ومن المرجح أن ترتفع هذه النسبة بنهاية عام 2021، نظراً لكونها موازنة توسعية.
وأوصت الورقة بضرورة أن تتبنى الحكومة سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية، ففي معظم الاقتصادات المتقدمة تزيد الحكومات إنفاقها عندما ينخفض النمو الاقتصادي وتخفض إنفاقها أو تقوم بتثبيته عندما يزدهر النمو فيها؛ حيث أن تبني السياسة المالية (المعاكسة للدورة الاقتصادية) لا يعزز الاستقرار الاقتصادي فحسب، بل يعزز أيضاً النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي.
وفيما يخص إجمالي الانفاق، أشارت الورقة إلى أن بنوداً قليلة من النفقات تشكل النسبة الأكبر من إجمالي النفقات الجارية في الأردن، حيث شكل الإنفاق على الأجور لموظفي القطاع العام وتعويضات المتقاعدين وفوائد الدين العام (المحلي والأجنبي) ونفقات الدفاع حوالي 82 بالمئة من إجمالي النفقات الجارية خلال الفترة ما بين (2016-2018). وارتفعت هذه النسبة من 84 بالمئة (كانون الثاني - آب 2019) إلى 8ر87 بالمئة (كانون الثاني - آب 2019)، مما يشير إلى أن الحكومة لا تمتلك مساحة كبيرة أو هامش مريح في إعادة تخصيص مواردها المالية أو أولويات سياساتها.
وفيما يتعلق بالإيرادات المحلية، أشارت الورقة إلى أن الإيرادات الضريبية وغير الضريبية (الأخرى)، ارتفعت بشكل ثابت خلال الفترة ما بين (2016 – 2019)، إلا أنه نجم عن تداعيات جائحة كورونا انخفاض في مجموع الإيرادات من7ر4 مليار دينار (كانون الثاني - آب 2019) إلى 1ر4 مليار دينار (كانون الثاني - آب 2020).
وأوضحت الورقة إلى أن السبب في انخفاض إجمالي الإيرادات الحكومية يعود إلى تراجع الإيرادات غير الضريبية (إيرادات أخرى) بنحو 851 مليون دينار أردني (652ر1 مليار دينار إلى 800 مليون دينار) وتشمل مصادر هذا التراجع في الإيرادات غير الضريبية إلى تراجع النشاط الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا من خلال ايرادات بيع السلع والخدمات (تسجيل الأراضي، ورسوم رخص، وطوابع واردات)؛ وإيرادات دخل الملكية (الفوائض المالية، فوائد قروض مستردة)؛ وإيرادات مختلفة (بدل خدمات جمركية، وعائدات التعدين). بالمقابل، ارتفع إجمالي الإيرادات الضريبية من 1ر3 مليار دينار أردني (كانون الثاني - آب 2019) إلى 3ر3 مليار دينار أردني (كانون الثاني - آب 2020).
وفيما يخص السياسات على المدى القصير، يجب أن تكون الموازنة العامة توسعية، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الموازنة مواجهة للدورة الاقتصادية من خلال تخصيص موارد مالية إضافية لقطاعي الصحة والتعليم. وتخصيص موارد إضافية للخدمات الاجتماعية (صندوق المعونة الوطنية)، وتخصيص موارد إضافية إلى الاستثمار الرأسمالي العام في سبيل تحقيق انتعاش اقتصادي لتحريك عجلة الاقتصاد.
فيما يقتضي الجانب البعيد المدى توفير خدمات عامة "كافية" و"فعالة" مع ضرورة الحفاظ على تقليل مستوى العجز في الموازنات ومستويات الدين العام؛ وإلا فإن السياسة المالية ستصبح مصدرًا لعدم استقرار الاقتصاد الكلي، مما يتطلب ضرورة إعادة النظر في قانون الضريبة الحالي والسعي إلى اتخاذ تدابير علاجية، حيث أن 70 بالمئة من إجمالي الإيرادات الضريبية تنبع من ضريبة المبيعات، وتعد هذه النسبة هي واحدة من أعلى النسب في العالم وهو ما يستوجب التعديل والعلاج.