زاد الاردن الاخباري -
وضع المفكر الأردني البارز ورئيس الديوان الملكي السابق عدنان أبوعودة دراسته التحليلية في داخل اروقة ومكاتب الاوساط والصالونات السياسية الاردنية والفلسطينية وذلك بمثابة أن تكون “جرس إنذار” بما يتعلق بحل الدولتين وتبعاتها على الأردن وفلسطين خاصة في ضوء الخطوات الأخيرة للإدارة الامريكية سواء بإعلان صفقة القرن ونقل السفارة إلى القدس أو ما طرحته من تصور لحل يفضي الى الغاء حل الدولتين.
ويرى أبوعودة أن إسرائيل ترفض حل الدولتين وترغب مع الولايات المتحدة بإقامة دولة أرخبيلية.
وذلك لأسباب وعناصر عدة جعلتها تتفشى كـ “داء الظفرية في عقلانيتهم التي استولت عليهم بعد انتصارهم العسكري الساحق على الجيوش العربية في حرب عام 1967 ،مشيراً إلى ان عقيدة “الظفرية ” جعلتهم يشعرون ان بإمكانهم تحقيق المستحيل خاصة بعد انجازهم الاخير بالحصول على الاعتراف، وتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية .
مثلما غذت الظفرية القيادات الإسرائيلية، حينما احتلت إسرائيل سائر الأرض، وحققت نصف الحلم الأول وصولاً الى- الحلم الثاني -وهو تصفية الأرض وتفريغ أكبر عدد من الفلسطينيين ،وهذا امر لا يخفيه اليمين الاسرائيلي في اغلب تصريحاته على الملأ أن الأردن هو فلسطين.
واسترسل “أبوعودة في دراسته التحليلية أن الموقف الإسرائيلي الرافض لقيام دولة فلسطينية هو موقف أيديولوجي، وليس موقفا سياسيا مبنيا على تحقيق المصالح، ويحكم العقل لا العاطفة عند اتخاذ القرار تأكيداً لموقفها الأيديولوجي وذلك من خلال اصدار قانون القومية اليهودية عام ٢٠١٨ الذي يُعرِّف إسرائيل بدولة قومية للشعب اليهودي فقط و منذ عام ١٩٤٨ وقبل سن هذا القانون بنحو سبعين عاما تعاملت دولة إسرائيل مع الفلسطينيين الذين لم يخرجوا من بيوتهم في مدنهم وقراهم وفق مضمون هذا القانون من خلال العمل على الحد من تكاثر الفلسطينيين، بشكل غير مباشر.
كما أرجع أبوعودة بالقول إن رفض إسرائيل لقيام دولة فلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة مدفوع بتمسكها بأيديولوجيتها التي تقوم على ركيزتين: الأولى أرض فلسطين وقد أمنتها بالكامل في حرب حزيران 1967، أما الثانية فإن الأرض لليهود فقط وبالتالي لا تسمح بقيام دولة فلسطينية على أرض تعتبرها يهودية حتى لا تنحرف بأيديولوجيتها.
ويستعيد أبوعودة بما سماه مكر التاريخ وهو ما يلخص أن إسرائيل هي مشروع حركة قومية يهودية، ومع أنّ الدين لا يشكل قومية، إلا أن قادة هذه الحركة الصهيونية تمكنوا في القرن التاسع عشر في أوروبا، وهو قرن القوميات والاستعمار، من مزج الدين بالتاريخ وبالاضطهاد المسيحي لليهود في أوروبا بحركة تعمل على إنقاذهم وإيجاد وطن لهم ليحميهم، وكانت فلسطين هي المكان المرتجى. فشكّل هذا المفهوم أيدولوجية تجسّدت في إسرائيل.
شدد أبوعودة على ضرورة أن يكون الأردن والسلطة الفلسطينية على وعي تام بحيلة دولة الأرخبيل الفلسطينية ،وهي عبارة عن دولة مشكلة من قطع أراض متفرقة غير متصلة يطلق عليها اسم دولة- وهذه الحيلة – تتجانس مع الايدولوجية، التي تريد إخراج أكبر عدد من الفلسطينيين من الدولة اليهودية باقتطاع أصغر أرض ممكنة مع أكبر عدد من الفلسطينيين.
كما خلصت الدراسة في هذا الجانب بحسب أبوعودة” الخوف كل الخوف أن تنجح إسرائيل والولايات المتحدة بخداع العالم بتقديم دولة أرخبيلية يطلق عليها دولة فلسطين”.
وفيما يتعلق للأهمية الأمنية لحل الدولتين بالنسبة للأردن، أقترح أبوعودة تشكيل لجنة عليا لمتابعة مواقف دول العالم منها ،بقصد التمسك بإدامتها لأهميتها في بناء السلام كما يعتبر في مقترحاته إنّ إدامة حل الدولتين كمطلب عالمي من شأنه على الأقل ردع إسرائيل، وربما تراجعها عن نواياها التوسعية، وينبغي ألا يقتصر هذا النشاط على عمل الحكومة، بل لا بد أن يتعداه إلى المنظمات الأهلية والاتحادات الطالبية؛ لتوسيع قاعدته عالميا. وعلى الحكومة الأردنية أن توظف دبلوماسيتها لشرح هذا الأمر للدول الغربية الصديقة كي يصبح موقفها “حل الدولتين ووقف الاستيطان” منوهاً ابوعودة على “إن هذه الملاحظة مهمة للغاية والا سنكون نلعب لعبة إسرائيل ضد إقامة الدولة الفلسطينية دون أن ندري”.
ولعل أهم وسائل الدفاع الاستراتيجي عن الأردن بحسب “تحليلات أبو عودة” في دراسته هو العمل الواعي، والجهد المتصل على تثبيت سكان الأرض المحتلة في أرضهم، وفي هذا السياق لا بد من التذكير بأنّ من أبرز الظواهر العالمية هي الهجرة من أجل الرزق فالآسيويون يهاجرون، والأفارقة يهاجرون، وكذلك الشرق أوروبيين، والعرب.
كشف أبو عودة أن اللاعبين الرئيسيين في عملية السلام هم ثلاث :الأمم المتحدة ودورها في بناء المستوطنات وتوطين اليهود ،والولايات المتحدة التي لعبت دور الشريك غير المباشر في بناء المستوطنات واقامة السلام ،اللاعب الثالث أي «الرباعية» التي تضم الولايات المتحدة وشُكّلت عام 2002، وتوقف عملها عام 2016 فلم تتمكن من إحراز أي تقدم نحو السلام الدائم بإقامة دولة فلسطينية.