زاد الاردن الاخباري -
* عبدالحميد الهمشري - الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (إِنَّ هَٰذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) والصلاة والسلام على رسول الله تعالىِ القائل: “إنَّما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ مكارِمَ الأخلاق” صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فكما اهتم القرآن الكريم بالعقيدة والعبادة، كان له اهتمام كبير وعناية فائقة بالأخلاق والسلوك والمعاملات، فما من سورة من سوَره إلا وتهدف إلى تربية الإنسان وتهذيبه وإصلاحه.
وقد جاءت سورة الحجرات بعظيم القيم الإنسانية النبيلة، والسلوك العالي الكريم، والأخلاق الطيبة العظيمة، ومن أهمها: تحقيق الأخوة والإصلاح بين الناس: إذ يقول جل وعلا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، فالإسلام دائماً حريص على إيجاد مجتمع متكافل متراحم يتآلف أبناؤه ويتعاونون فيما بينهم على الخير والبر؛ كأنهم جسد واحد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وتعاطفهم مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.
وإن دل هذا فإنما يدل على أهمية إيجاد وتنمية القيم الإنسانية في المجتمعات المسلمة، ومن هذا المنطلق ارتأى مركز الإمام الشافعي عقد الندوة الإقليمية الافتراضية الثالثة، تحت عنوان:
“تنمية القيم الإنسانية”
في هذا اليوم المبارك، السبت 27/4/1442 الموافق 12/12/2020، وقد ضمت هذه الندوة خمس أوراق بحثية كالآتي:
الأولى: “القيم الإنسانية” للدكتور قتيبة الراوي/العراق.
الثانية: “أنواع القيم الإنسانية” للدكتور عبد القادر حسيني/الجزائر.
الثالثة: “مصادر القيم الإنسانية” للدكتور سمير مراد/الأردن.
الرابعة: “التسامح الديني” للدكتور محمد بن خليفة/العراق.
الخامسة: “نماذج من القيم الإنسانية” للدكتور سعيد الشوية/المغرب.
وقد خلص الباحثون في نهاية الندوة إلى التوصيات التالية:
1. بناء استراتيجية شاملة للإصلاح في المجتمع، تتحرك في إطارها كل المشاريع الإصلاحية في هذا المجتمع وتشارك في وضعها المؤسسات والشخصيات الإصلاحية وأشخاص مختصون بالتخطيط الشامل.
2. الاستثمار في الطفولة لبناء جيل يؤمن بالقيم الإنسانية من خلال تخصيص حصة دراسية لغرس القِيَم الإنسانية عند الأطفال.
3. معالجة المباينة بين النص المقدس وهو الوحي وبين غير المقدس وهو الفهم البشري بما يرفع المفاصلة بينهما.
4. ضرورة الإفادة من تراث الأمة العلمي والثقافي والحضاري في جميع العلوم والمعارف مورداً للقيم، ومراجع للأمة الإسلامية.
5. مراعاة القيم الإنسانية كمشكاة مضيئة ووثيقة قانونية ومرجع أساسي في اعتماد المناهج الدراسية والمقررات التعليمية في مختلف المراحل التعلمية.
6. ضرورة تكثيف البحوث العلمية والمؤتمرات للوصول إلى المعاني السامية الإنسانية والقيم المجتمعية التي رسّخها الدين الإسلامي.
7. العمل على إعداد موسوعة علمية تتضمن القيم الإنسانية بمختلف تنوعاتها وأطيافها وفق منهج علمي تنظيري محكم يسبر غوائرها، ويحكم نظائرها.
8. العمل على ترجمة المحتوى العلمي لأعمال المؤتمر إلى اللغات الأجنبية.
9. العمل على إجراء دراسات ميدانية بحثية للوقوف على مدى تأثير قِيَم الإسلام الحضارية المعاصرة على تطبيق الديمقراطية في العالم العربي الإسلامي وفقاً لمبادئ تلك القِيَم ومبادئ الإسلام السمحة.
10. على المؤسسات المسؤولة تدبير الشأن الديني بضرورة البحث عن الوسائل والآليات الكفيلة بنقل القِيَم من المستوى النظري إلى المستوى التطبيقي.
11. على وسائل الإعلام بمختلف أنواعها الإسهام في الإشعار بأهمية القِيَم في حياة الناس.
12. حماية المزرعَة الأولى لبناءِ القِيَم؛ أسرةٌ يقودها أبوان صالحان، يتعلَّم الولد في البيت والمدرسةِ القيَم ويمتثِلها، ويمارس الفضيلة وينأى بنفسِه عن الرذيلة.
13. المناهج الدراسية لها دور كبير في تنشئة الطلاب على القِيَم الإسلامية، ما ينبغي وضع برامج خاصة لها.
14. فرض سيادة القِيَم في المجتمع لمنع الإرهاب والعنف.
15. عمليّة بناء القِيَم عملية دائِمة ومستمرَّة لا تتوقَّف، وهي أساسُ التربية في كافّة نواحِي الحياة، فيجب التحذيرُ من المفاهيمِ التربويّة المستورَدَة التي تتعارَض مع قِيَم الإسلام.
16. الاهتمام بتربية الأجيال بمنهج القرآن الكريم والسنة المطهرة والسيرة النبوية، لأنها المنابع الرئيسة للقِيَم الإسلامية.
17. تذبُل القِيَم وتتوارَى في المجتمع إذا ضعُف التديٌّن في الفرد والمجتمع؛ بسبب فقد الطاقة الإيمانيّةَ والشعور بالجزاء الأخرويّ، الأمر الذي يستوجب توعية الحواضن الدينية لذلك.
18. إعمال القِيَم دعوة إلى التسامح واللين ونبذ العنف والتطرف والطائفية والتمايز العنصري.
19. نشر قِيَم التسامح وحسن التعامل مع المخالف بالحجة والبيان وتغليب لغة الحوار، من خلال نشر هذه الثقافة في المدارس والمعاهد والجامعات وعقد المؤتمرات.
20. مواجهة التحديات الإنسانية بالطرق الممكنة عن طريق اللجوء إلى القضاء وتحكيم القوانين التي تعنى بحقوق الإنسان وحفظ كرامته ودمه ونفسه وماله وعرضه.
21. ترسيخ مفهوم التعايش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد على اختلاف مذاهب وتنوع دياناتهم ومشاربهم، وأنهم متساوون بالحقوق والواجبات المدنية.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.