الرئيسية | مقالات | معركة الفنتة
معركة الفنتة
18/04/2011 18:39:00
جهاد الزغول
من شأن الفتن أعاذنا الله منها أن تشتبه فيها السبل وتلتبس فيها المسالك وتحار فيها العقول فلا يُفرِّقَ فيها أكثر الناس بين الهدى والضلال والمحق والمبطل. وهذا مما يكشف عن خطر الفتن وشدة حاجة المسلم إلى الاعتصام بالله عز وجل، والاستمساك بوحيه، والاستقامة على دينه وصراطه، والأخذ بأسباب السلامة من الفتن والوقاية منها، ومن أهم هذه الأسباب:
أولاً: الاشتغال بطاعة الله عز وجل وعمارة الأوقات بالعبادات والقربات المتنوعة بصدق وامانة واخلاص ومن اجل اطفاء نار الفتين في هذا البلد الطيب
ثانياً:الحذر من التعرض للفتن واتقاء أسباب الوقوع فيها وقد تقدم قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام: (من تشرف لها تستشرفْهُ) أي من تطلع إليها وتعرض لها أصابته ووقع فيها.
ثالثا:الاستعاذة بالله تعالى من الفتن، واللجأ إليه في السلامة منها، والتضرع إليه من الوقوع فيها.
رابعاً:الإمساك عن الخوض في الفتن والكلام فيها بغير علم ودون ضرورة ومصلحة، والارتباط بالعلماء الربانيين، والرجوع إليهم، والالتزام بتوجيههم؛ فإن من الناس يتقحم لجة الخوض في الفتن بغير علم ولا ضرورة.
خامساً:الحذر من الاشتراك في الفتن بأي صورة. وهي معركة خسرانة
سادساً:اعتزال أهل الفتن، ومقاطعتهم، وهجرهم، والبعد عنهم، والحذر من الانضمام إليهم والانخراط في صفوفهم وتكثير سوادهم وتأييدهم بأي نوع من التأييد.
سابعاً:الإنكار بحسب العلم والقدرة على أهل الفتن، والنصح لهم.
ثامناً:التحذير من أهل الفتن والوصية باتقائهم واجتنابهم.
تاسعاً:عدم الاستماع إلى مثيري الفتن والدعاة إليها، والإعراض عن أقوالهم ومقالاتهم وكتاباتهم حتى لا يَحْصُلَ أيُّ تأثر بهم وبشبههم.
عاشراً:لزوم البيوت والقعود فيها وعدم الخروج منها إلا لما لابد منه؛ فإن الناصح الأمين عليه الصلاة والسلام لما ذكر الفتن قال له صحابته رضي الله عنهم: فما تأمرنا؟ قال: (كونوا أحلاس بيوتكم) أي ألزموا بيوتكم ولا تفارقوها.
فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا الفتن وخذوا بأسباب الوقاية منها.
فإن الدعوة إلى المظاهرات والاحتجاجات والاشتراك في أي شيء منها كُلُّ ذلك مما تقتضي أدلة الشريعة وقواعدها تحريمه وإنكاره لتوافر عدد من مقتضيات التحريم فيه ومن أهمها:
أولاً:ليس كل أحد مؤهلاً لمعرفة الإصلاح وأسباب تحقيقه؛ فإن من الناس من يرى الإفساد إصلاحاً، ومن ثَمَّ يطالب بما يحقق ما يراه إصلاحاً وإن لم يكن كذلك في نفس الأمر، وقد قال الله عن المنافقين { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ثم بيَّن كذبهم فيما ادعوه وانتحلوه فقال تعالى : { أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ }.
فمعرفة الإصلاح وتقديره ووضع وسائل تحقيقه ليس راجعاً إلى الدهماء وغوغاء الناس ولا إلى من له مصالح خاصة وأغراض معينة ومواقف شخصية تؤثر على آرائه ومقترحاته وإنصافه وعدله.
ثانياً:ليست المسيرات والمظاهرات هي الوسيلة الصحيحة لبيان المطالب والمطالبة بالحقوق.
ثالثاً:المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات من الأمور الدخيلة على المسلمين الوافدة عليهم من الأمم الأخرى التي نهوا عن التشبه بها فيما تختص به من العادات وأمور الدين دون ما تشترك فيه مع المسلمين، فما كان من خصائص الأمم الأخرى فالمسلمون منهيون عن التشبه بها فيه.
رابعاً:أن المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات من خلالها من أسباب فتح أبواب الفتن والفوضى واضطراب الأمن وزعزعة الاستقرار، ومن المقرر في الشريعة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وأن الشيء إذا كان محرماً حَرُمَ كلُّ ما يفضي إليه ويتسبب فيه.
خامساً:أن المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات يصاحبها وينشأ عنها كثير من المفاسد والأضرار في الاقتصاد والأمن وغير ذلك وكلما زادت وطالت مدتها وكثر المشتركون فيها ازدادت تلك المفاسد والأضرار وتضاعفت ومن نظر بعين الإنصاف رأى ذلك وأدركه.
سادساً:في المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات هي مفتاح الشر ولكل الاشرار والمندسين
لهذه المقتضيات ونحوها فإن من الواجب على عامة المسلمين الحذرَ من الاستماع إلى دعوات المسيرات والمظاهرات، ومن الاشتراك فيها، ومن الاستجابة لها وطاعتها، بل عليهم إنكارُها والإنكار على أصحابها، وكلمة أوجهها إلى حكام المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم وفيمن ولاهم الله عليهم، وأن يجتهدوا في النصح للرعية والرفق بهم وإتاحة المطالبة بالحقوق عن طريق الأبواب الصحيحة من القضاء وغيره حتى يُتاح لصاحب الحق المطالبةُ بحقه وإن كان لدى الحاكم نفسه؛ فإن استثناء أحد من الخضوع للمحاكمة والمقاضاة مما يدفع الناس إلى المطالبة من طرق أخرى قد تكون مفضية إلى مفاسد أوسع وأضرار أكبر كما في الاحتجاجات والمظاهرات.
فحافظوا أيها الإخوة على وَحْدة الكلمة ونعمة الأمن والاستقرار وانتظام الأمور ولزوم الجماعة واحذروا ما يخل ذلك ومن يدعو إلى الفتنة الداخلية والخارجية هم من اصحاب النفوس المريضة الرخيصة
جهاد محمد علي الزغول