يسري غباشنة
23/4/2011
5 نجوم
يأكلون في مطاعم 5 نجوم، ينامون في فنادق 5 نجوم، يستجمون ويشمون الهوا في منتجعات سياحية 5 نجوم، يسافرون إلى دول 5 نجوم، حيث لم نسمع في يوم ما أن زار أحدهم الصومال أو جزر القمر، وإذا مرضوا- شافاهم الله تعالى- يدخلون في مستشفيات 5 نجوم، وإن سرقوا واختلسوا ونهبوا، فيزج بهم في سجن 5 نجوم أيضا.
ليت شعري، في يوم لامفر منه، عندما يقال : عظم الله أجركم، هل يجدون هناك 5 نجوم!
وفي الوقت الذي تحفى أرجل الغلابى من المواطنين أمام المستشفيات الحكومية من أجل قصديرة كبسولات ذات اللونين الأحمر والأزرق، أو شريط من الريفانين، يتنغنغ المتنغنغون في المستشفيات الخاصة على حساب التأمين الصحي لتصل فواتيرهم إلى عشرات الآلاف من الدنانير. وقد يكون مرضهم- شافاهم الله تعالى- مجرد عطاس ينتهي عندنا في قول جليسنا: يرحمكم الله، فيكون الرد: أثابنا وأثابكم الله. وتنتهي السولافة بشيء من النحنحنة ليعاد الوضع إلى ماكان عليه قبل العطاس المفاجىء.
إنْ سرق أحدنا طيرين جاج من خمّ أحد الجيران، يعاقب على فعلته الدنيئة بالحبس والبهدلة وقلة الهيبة، وسيرافقه هذا طيلة سنيّ عمره؛ أجا الحرامي، راح الحرامي، قعد الحرامي وهكذا دواليك، وإن سرق فينا المسؤول الملايين فسّحناه، والتمسنا له سبل الهريبة والتهرب!
كلما رسمت في مخيلتي صورة مشرقة عن مستقبل البلد في ظل الحديث المتواصل عن تجفيف منابع الفساد، يأتي ملف نتن الرائحة من هذه الجهة أو تلك فيطيح بهذه الصورة أرضا، وإذ بهذه الملفات تنتشر كالسرطان بخفائه وخبثه بين مفاصل الدولة كافة؛ ففي بعض الوزارات شبهات فساد، وفي بعض المؤسسات كالإسكان والضمان والبلديات وغيرها شبهات فساد، وفي قطاع الخدمات شبهات فساد. ومع كل هذا فما زال المواطن الأردني ينتظر طحنا، بعد أن صمّت أذناه بجعجعة ثقبت طبلة أذنه.
رئيس دولة لطش قلم الحبر الذي أمامه، فقامت الدنيا عليه، وعندنا الوزير- كمسمى- سرق، والمسؤول الفلاني لطش، والمدير العلاني لم يبقِ ولم يذر، والحيتان والديناصورات وأبناء آوى ممن يتحكمون ويحتكرون دواءنا وغذاءنا وفضاءنا ويستأجرن أرضنا بدريهمات معدودة وغير معدودة، هم عِلية القوم وسادتهم، وسدنة اقتصادنا، يرسمون استرتيجية تلو أخرى؛ فباعوا وباعوا ولم يتعلموا من (علي) حبيب سميرة توفيق الذي باع الجمل ، نعم، ولكنه اشترى لمحبوبته مهرا لها. وفي حين طاب كرمها ولوّح واستوى والعنب طاب وحلي، فما زلنا منذ رمضان الفائت نهرول وراء زر البندورة وهو يتدحرج أمامنا بهيّ الاستدارة، عزيز على الجيب.
قيل ولم يزل يقال حتى تقوم الساعة بأنّ سوس الخشب منه وفيه. وهذا السوس قد يطيح بغابات وأشجار باسقة ضاربة جذورها في أعماق التربة، وباستطاعته أن يحيل الجنائن إلى صحراء جرداء ينعق فيها البوم والغربان، وتصبح مرتعا للذئاب والثعالب، وسترودها قطعان الأفاعي والعظايا، ، ويغطي فضاءها أغبرة وأتربة تحجب رؤية ملايين النجوم في السماء. في حين يهجرها الدحنون والسوسن.
وويل لأمة إن سرق فيهم الضعيف شرشحوه، وإن سرق فيهم الغني فسّحوه!!!!!!