زاد الاردن الاخباري -
سنواجه في السنة الجديدة أوضاعا صعبة على جميع المستويات، وبشكل خاص في الميدان الاقتصادي. الكارثة التي حلت في العالم خلال هذه السنة، ستكون لها تداعيات خطيرة على اقتصاديات الدول.
النصف الأول من 2021 على الأقل لن يحمل أنباء سارة. ازمة كورونا ستبقى تراوح مكانها قبل أن يحصل أغلبية المواطنين على اللقاحات. قطاعات عديدة ستستمر في النزيف، وتعطل سلاسل الانتاج والخدمات السنة الحالية جراء الجائحة سيلقي بظلاله على عشرات الآلاف من المواطنين.
كثيرون خسروا وسيخسرون وظائفهم، وثمة منشآت ستغلق أبوابها، وأخرى تكافح للصمود بأقل القدرات. لا شك أن حزم الدعم الاجتماعي خففت من معاناة الكثيرين، لكن ميزانية الدولة لن تستطيع تعويض الخسائر التي لحقت بالقطاعات والعاملين فيها. ما من دولة تمكنت من احتواء الآثار الكارثية للجائحة.
حسب بيانات وزارة المالية، انخفضت الإيرادات الضريبية خلال العشرة شهور الأخيرة 677 مليون دينار مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وزاد عجز الموازنة قبل المنح بنسبة 65 %.
موازنة العام المقبل ليست أحسن حالا ويتوقع أن تسجل معدلات قياسية في العجز بالنظر للظروف المحتملة، كما لم يعد سرا الارتفاع المتوقع في المديونية. ولدى الحكومة الجديدة تصورات جريئة للتعامل مع مشكلتي البطالة والفقر، لكن مهما كانت الحال، فإن قضية فرص العمل تشكل تحديا كبيرا يصعب مداراته بما هو متوفر من إمكانيات، ويبقى الرهان الأول على القطاع الخاص في تحريك عجلة النمو وتوفير فرص العمل، والحكومة جادة أكثر من أي وقت مضى لتفعيل بنود الشراكة مع القطاع الخاص ليتمكن من تحقيق هذه الأهداف.
ما أود قوله هنا بأن الأوضاع الاقتصادية تمثل تهديدا اجتماعيا أكثر من أي وقت مضى، وتستدعي مقاربات سياسية وأمنية لإدارة الغضب الاجتماعي الناجم عنها حتى لا نجد أنفسنا في مواجهة حالة من الاحتجاج الشعبي، تظهر بوادرها في تذمر قطاعات متضررة واعتصامات متعطلين ومتضررين، وشكوى مريرة لأوساط عاملة من تدني مداخيلها وعجزها عن الوفاء بالمتطلبات الأساسية لحياة كريمة.
يتعين علينا أن نطور قدراتنا على إدارة التفاوض بمهارة مع تلك القطاعات، والتفاعل مع منصاتها النقابية والمهنية، ونحدد بشكل مسبق البؤر الساخنة التي تتطلب تدخلا استباقيا، للحؤول دون تطورها لأشكال أكثر حدة، وتجنب الصدام معها قدر المستطاع.
نحتاج إلى سياسات قطاعية عميقة وتقييم دقيق لأوضاع كل قطاع لنتمكن من وضع خريطة واضحة المعالم لمناطق التوتر الاجتماعي، وتشخيص دقيق للمشكلات وحدود قدرتنا على التعامل معها دون تطير أو انفعال، ومحاكاة جدية للهموم الاجتماعية والاقتصادية بتعقل وحكمة.
ولذلك ينبغي أن نحسب خطواتنا بدقة ونحن نخوض في حقل مليء بالأشواك، ونتجنب الاحتكاكات الخشنة، والأهم من ذلك أن نفرد مساحات واسعة للحوار والتنفيس الاجتماعي، ونتقبل الانتقادات والاقتراحات دون استعلاء أو تجبر، فالمرحلة الحالية تتطلب أقصى أشكال المرونة والتعاون والتشبيك مع مختلف القطاعات والتيارات الحريصة على مصلحة الوطن والدولة.
إذا نجحنا في بناء هذه السردية، وبنينا جسور التعاون مع الجميع، سيكون من السهل على الدولة ومؤسساتها أن تحشد الأغلبية إلى جانبها لعبور المرحلة الصعبة بأقل الخسائر، أو بروح وطنية تكفي لتحمل الخسائر مهما كانت، فعندما تكون مصلحة الوطن والدولة هي الأولى بالرعاية ويشعر الناس بذلك يصبح الخلاص ممكنا لا بل هدفا يلتف الجميع حوله. هذا ما تعودنا عليه في المحطات المفصلية من تاريخنا.
المهم أن نجد هذا الصنف من المسؤولين في مواقع المسؤولية وعلى الجانبين.
فهد الخيطان