فـــشـــاـــنـــا .. ولـــكـــن !
أستغرب كثيرا ممن كانوا يتشدقون بالقومية والوحدة العربية , وما زالو , لكنهم ما أن سمعوا بتلميح بسيط خرجت به دولة الإمارات العربية المتحدة , أن دول مجلس التعاون الخليجى تدرس ضم الأردن لتحالفها , أقول .. أصبح هؤلاء بين ليلة وضحاها يتفننون بالإسهاب في تحليل أسباب عدم نجاح هذه الفكرة .
ومن أغرب ما قرأت من البعض أن التاريخ بين منظومة دول الخليج يختلف تماما عن تاريخ الأردن .. وأن إرتباط الأردن سيبقى ضمن تركيبة بلاد الشام ولا يمكن له أن يكون ضمن تركيبة بلاد الخليج العربي.
كما أن بعض الأفكار قد إنساقت إلى أهداف مبطنة تعود إلى تحالف دول الخليج ضد النظام الإيراني وأن فكرة ضم الأردن لهذا التحالف قد أتت من لب هذه الفكرة ..
ويستطرد بعض المحللين إياهم أن هناك إختلافا جوهريا بالتركيبة السكانية والدخل القومي ومستوى دخل الأفراد بين الشعبين , الخليجي والأردني , وكأنما الشعب الخليجي شعب واحد موحد في التاريخ ومستوى دخل الفرد والعادات والتقاليد !!
وأود أن أقول هنا .. نعم .. نعم لأي شكل من أشكال الوحدة العربية .. سياسية كانت أم إقتصادية .. أو في أية هيئة تتفق ورغبة هذه الشعوب في الوحدة .. الأمل .. والهدف .
وأقول أيضا .. أن إرتضاءنا بتقسيم سايكس بيكو في تلك الفترة الحرجة من تاريخ أمتنا , لا يعني السكوت عنه وللأبد .. وأننا وإن إرتضيناه كشعوب وقيادات .. إلا أننا كنا وما زلنا .. أبا عن جد .. نرفض هذه التقسيمة الجائرة والتي أدت إلى تعظيم مسميات غريبة أقحمت على ثقافتنا .. فراعنة وبابليون وكنعانيون وفينيقيون وبدو وحضر .. وعلى سبيل المثال , لا الحصر .
إن محاولات هذه الأمة , ومنذ تلك الحقبة , في الوحدة , باءت كلها بالفشل , وليست جامعة الدول العربية إلا مثالا بسيطا على ذلك .. وما محاولات البعض من الأنظمة العربية في تشكيل الوحدة بالقوة المسلحة , إلا مثالا فاشلا آخر . وأننا لو بقينا على هذه الحال , فلسوف نرتضي أن تقوم القوى العظمى الجديدة بإعادة رسم خرائط منطقتنا , وحسب مصالحهم وأهمية تحالفاتهم , طالما بقينا نفشل المرة تلو الاخرى في طرح أي مشروع وحدوي قابل للتطبيق وضمن رؤية أصحاب المشروع والحاملين لهمه .. الشعب العربي برمته .
أقول .. لقد فقدت إتفاقية سايكس بيكو صلاحيتها وأصبحت في عرف المنتهي , على الأقل لمن وضع مخططاتها ومن وافق , وبنى مصالحه عليها بعد ذلك . ولقد قرأنا منذ فترة ليست بالقصيرة عن محاولات مدروسة لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط .. عمل على وضعها من يرى مصالحه في هذه المخططات ضمن رؤيته .. فماذا فعلنا نحن ؟؟ لا شيء , سوى رفض هذه المخططات وإستنكارها , بينما لم نتحرك لرسم مخططاتنا بأيدينا وضمن رؤيتنا ومصلحة أمتنا .
أكرر .. نعم لأي وحدة تقوم بين الأقطار العربية , وبأي شكل سلمي وحضاري , يحقق المصلحة المشتركة بين هذه الدول . ونعم .. بالتحديد .. للمسألة الخليجية الأردنية الوحدوية .. فالمصلحة المتأتية من هذه الوحدة .. أيا كانت مبادئها .. فإنها ستحقق الحد الأدنى من تطلعات الأمة في الوحدة .. وتبني دعائم قوية للبناء عليها نحو مستقبل أبناء الأمة .. وإلا .. فليرسموا لنا خططنا الجديدة .. ولا نتعب حناجرنا وأقلامنا نحو الشجب والإستنكار .. فقد .. فشلنا .. ولكن .... !!!!
عادل الحاج أبوعبيد