زاد الاردن الاخباري -
لن تغيب الحفلة الموسيقية التقليدية لرأس السنة عن فيينا هذه السنة، لكنها ستقام من دون جمهور، إذ أن جائحة "كورونا" ضربت عاصمة الثقافة بشدّة وحوّلتها أشبه بمدينة أشباح.
وكانت مؤسسات فيينا في مطلع يونيو الماضي من بين تلك السبّاقة في أوروبا إلى إعادة فتح أبوابها. وأرادت النمسا الحفاظ على ثروتها الموسيقية التي اشتهرت بها، ولكن منذ نوفمبر الماضي، أعيد تطبيق تدابير الإقفال مرتين في العاصمة النمساوية التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة، وعاد الصمت يسود مسارحها وقاعات حفلاتها.
ورغم كل شيء ستقام حفلة موسيقية واحدة، والتي تجعل موسم الأعياد هذه السنة فريدًا من نوعه، لكنها بلا شك الأكثر رمزية من بين الحفلات الخمس عشرة ألفا التي درجت فيينا على أن تشهدها سنويا قبل الجائحة.
وقال مدير الأوركسترا الفيلهارمونية دانييل فروشوير في نهاية أكتوبر الماضي، عندما أثار الارتفاع الحاد في عدد الإصابات مخاوف من حدوث الأسوأ، إن "الإلغاء سيكون بمثابة إشارة مروعة إلى العالم بأسره".
وشدّد فروشوير على أن "من غير الوارد" التفكير في عدم إقامة هذه الحفلة. فحفلة رأس السنة التي تشكّل تحية لأسرة شتراوس الموسيقية، تُعرَض عادة في أكثر من 90 دولة وتصل تاليا إلى 50 مليون مشاهد. أما المحظوظون الذين يملكون امتياز حضورها داخل القاعة ذات اللون الذهبي في دار “موزيكفارين” للحفلات، فيتم اختيارهم بالقرعة في بداية السنة.
إلاّ أن الموسيقيين سيعزفون في الأول من يناير المقبل بقيادة الإيطالي "ريكاردو موتي" أمام قاعة فارغة، للمرة الأولى منذ بدء إقامة هذه الحفلة العام 1939.
ولملء لحظات الصمت، وخصوصًا بعد معزوفة البولكا العاصفة، ستبث محطة "أو.آر.إف" الحكومية التصفيق المباشر لسبعة آلاف من عشاق الموسيقى الذين يتابعون الحفلة عبر الإنترنت من منازلهم.
وحمل "فروشوير" منذ الربيع لواء قضايا الموسيقى والفنانين، ويسعى بكل قواه إلى العمل لمعالجتها، ولم يتردد في الاتصال حتى بالمستشار النمساوي سيباستيان كورتز في هذا الشأن.
ووصف "فروشوير" أوركسترا فيينا الفيلهارمونية "فيينر فيلهارمونكر" بأنها، بالنسبة إلى النمسا، "ككرة القدم بالنسبة لإنجلترا".
قيمة حفلات فيينا الراقصة لا تقتصر على هذه المكاسب المالية، بل هي "تجسّد نمط الاحتفال" في المدينة.
وأكد أن أي إصابات لم تسجّل خلال الأشهر القليلة التي عاودت فيها الأوركسترا نشاطها وحفلاتها. وأضاف “كنا نخضع للفحوص بانتظام وكان الجمهور منضبطا للغاية، وملتزما بوضع الكمامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي”.
وفي المقابل، تغيب كليا الحفلات الراقصة التي تساهم 450 منها في بث بعض البهجة في الشتاء النمساوي، ما بين نوفمبر وفبراير، وهي حفلات تقيمها فئات مهنية وغير مهنية عدّة، لكلّ منها حفلتها.
ومنذ القرن الثامن عشر، لم تعد الحفلات الراقصة في بلاط أسرة هابسبورغ المالكة حكرا على الطبقة الأرستقراطية.